العزوف عن الزواج أصبح ظاهرة مستشرية في المجتمعات العربية والإسلامية فقد نجد بعض الشباب الذين تيسّرت لهم سبل الزواج وتكاليفه ولكنهم يُعرِضون عنه وتعددت أسباب هذا العزوف بين الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. ومما لا شك فيه أن تأخّر سِن الزواج له انعكاسات وآثار سلبية كثيرة على المجتمع من جهة وعلى الشاب والفتاة من جهة أُخرى وذلك من النواحي النفسية والجسدية. وإذا كانت الظروف المادية حائلا بين الشباب والزواج فإن بعض جمعيات المجتمع المدني والمحنين بدؤوا يتصدون لها عن طريق تنظيم الأعراس الجماعية وإعانة الأزواج على إقامة العرس وحتى تيسير أمور حياة بعض الأسر، فإن بعض حالات العزوف عن الزواج يعزى سببها إلى عوامل نفسية أو اجتماعية لمن توفرت لهم الظروف المادية المعينة على الزواج. في هذه السطور تلامس جريدة التجديد الورقية موضوع العزوف عن الزواج وكيفية التصدي له وهذه التفاصيل: أسباب العزوف نورة أستاذة بالتعليم الثانوي تقول في تصريح ل "التجديد" " إن الحديث عن العزوف عن الزواج حديث ذو شجون وأصبح سؤالا مرهقا ومطروحا بقوة، لعل من أسبابه أن الرجل أصبح يجد ما لذ وطاب خارج مؤسسة الزواج بدون قيد أو شرط، إضافة إلى أن هناك فئة تخاف من قيود الزواج وألفت حياة العزوبية طالما أن الأم أو الأخت تقومان بالواجبات الضرورية، ناهيك عن كون مفهوم الزواج تغير ولم يعد يعني الاستقرار، وقد يعزى الأمر إلى ظروف الحياة الصعبة التي تحول دون بلوغ هدفه إذا ما فكر في زواج يبحث عن موظفة". وأضافت نورة متحدثة عن أسباب العزوف وسط الذكور أن هناك من يرجع الأمر إلى أن الحياة جميلة وينبغي أن يعيشها ويحقق أحلامه وبعد ذلك يفكر في الزواج، كما أن هناك من يخاف من مشاكل زيجات مرت أمامه ويتعظ بأصدقائه الذين سبقوه ويتخذ ذلك ذريعة ليبتعد عن الزواج تفاديا لتلك المشاكل". محاولة إقناع (م. أ) متزوج وأب لأربعة أبناء يهتم بإقناع بني جنسه بالزواج صرح ل جريدة "التجديد" الورقية بخصوص تجربته في الإقناع بالزواج قائلا: "أولا أعتبر أن العزوف عن الزواج وإن كانت له في مجتمعنا أسباب اقتصادية واجتماعية حقيقية لا يمكن إنكارها مثل ارتفاع تكاليف الحياة وانتشار البطالة وغيرها، إلا أن هناك عوامل أخرى تساهم فيه يمكن تجاوزها عبر تغيير نمط التفكير السائد وتغيير بعض الأحكام المسبقة والأفكار الخاطئة عن الزواج وعن الهدف منه. ومن هذه التصورات والأفكار الخاطئة في نظري المغالاة والتسابق في المهور وفي التجهيزات الخاصة بالعروس وبحفل الزواج وكذا بتجهيزات البيت وتكاليف الحياة وحتى أكون أكثر وضوحا سأسرد تجربتي في إقناع شاب بالزواج بعدما كان يرى أنه لا يستطيع ذلك فبمجرد ما فاتحته في الموضوع بدأ يواجهني بما يرى أنها مسلمات وبديهيات تمنعه من الزواج مثل المسكن والتجهيزات التي يحتاجها في البيت فكانت طريقتي في إقناعه هي أن أحطم في ذهنه هذه المسلمات، فقد كان يرى أنه بحاجة إلى استئجار بيت كبير او متوسط. فأقنعته أنه لا يحتاج إلا إلى بيت صغير في بداية حياته.، وكان يرى أنه بحاجة إلى مطبخ مجهز بالثلاجة والفرن ومطبخ الغاز وكل أنواع الأواني. لكن أقنعته أنه يمكن أن يبدأ هو وزوجته بأثاث بسيط وتجهزا بعد ذلك تدريجيا ، وكان يعتقد أنه لا يصح أن يقدم على الزواج إلا وغرفة النوم مجهزة بسرير من نوع ممتاز والدولاب وووو فأقنعته أن ما هو مطلوب منه هو الحد الأدنى من الفراش. وسألته هل من المعقول أن يمنعك من الزواج عدم قدرتك على تجهيز صالون بعشرين ألف درهم وأنت لن تستخدمه إلا نادرا؟ وهل وهل وهل .. أسئلة أخرى كثيرة طرحتها عليه لأبين له في الأخير أن الزواج ليس بتلك الصورة المخيفة المكلفة التي يراها العديدون. وفعلا تزوج هذا الشاب وتحسنت أحواله المادية وهو الآن أب لطفلين". ورغم ذلك لم ينكر (م. أ) أنه إن كان ينجح مع البعض في الإقناع بالزواج فإنه يفشل مع آخرين. رأي المستشار قال الدكتور محسن بنيشو. اختصاصي في الطب النفسي وفي الاضطرابات الجنسية في حديث ل "التجديد": "إن الحرية الجنسية، مثلا، التي يؤمن بها العالم الغربي، أدت إلى تراجع الإقبال على الزواج" مؤكدا أن ثلث المجتمع الغربي يعيش العزوبية سواء في صفوف الرجال أو النساء رغم توفر ظروف العيش المادية. وفي المجتمعات العربية والإسلامية، يقول المتحدث، كان الإقدام على الزواج عند أجدادنا والغريزة الجنسية كانت تتم عن طريق وحيد هو الزواج الشرعي، كما كانت المجتمعات تدفع إلى الزواج المبكر عند الجنسين، إنها دوافع اجتماعية ودينية باعتبار أن الزواج هو الوسيلة الوحيدة للاستهلاك الجنسي. ومع انتشار الإباحية الجنسية في صفوف المجتمعات العربية والإسلامية، يضيف بنيشو، أصبح ضعف الإقبال عن الزواج منتشرا. وأوضح الدكتور بنيشو أن هناك بعض حالات العزوف عن الزواج راجعة إلى أمراض من قبيل التخوف الاجتماعي أو ما يسمة "الخوف من الزواج" الناتج عن عدم الثقة بالنفس، مشيرا إلى أن المعنيين بهذا المرض لا يستطيعون الإقدام على الزواج ويمثلون في المجتمع نسبة 5 إلى 10 في المائة. وأكد بنيشو ل "التجديد" أن هذه الحالات المرضية تعالج بسهولة لأن هذا المرض النفسي سهل كما يتم العلاج أيضا في الحالات المرضية العضوية يقول المختص الذي أكد أن بعض الحالات يكون العلاج فيها بالزواج، مضيفا: "ونحن ننصح بالابتعاد عن الدعارة في صفوف الحالات التي ألفت الاستهلاك الجنسي مع أكثر من امرأة". من جهة أخرى أشار بنيشو في حديثه ل "التجديد" عن أسباب العزوف عن الزواج إلى حالات عاشت طفولة تم فيها تعنيف الأب للأم أو فشل في العلاقة الزوجية مما يؤدي إلى توليد فكرة العزوف عن الزواج. وكذلك الحالات التي تتعلق بالاغتصاب في الطفولة في صفوف الفتيات فيعزفن عن الزواج عند الكبر. وأضاف بنيشو أن هناك أيضا أمراضا نفسية أخرى خصوصا عند الذين تجاوزوا الثلاثين من العمر وتتوفر لهم الظروف المادية وأيضا الذين ألفوا العلاقات الجنسية مع أكثر من امرأة واحدة، هؤلاء تجدهم يعزفون عن الزواج. وختم بنيشو حديثه بالقول: "أنصح المصابين ب "الخوف من الزواج" بالإقدام على استشارة المختصين فقد نجحت حالات التدخل بالنسبة لرجال فاق عمرهم الخمسين سنة وتزوجوا وأنجبوا أبناء".