تستقبل مدينة أصيلة، في وقت لاحق من الشهر الجاري، فعاليات الدورة الثانية لمهرجان "أوروبا والشرق للفيلم الوثائقي" والذي تحل فيه دولة فلسطين كضيف شرف. ويشارك في هذا المهرجان الذي يجرى في الفترة بين 10 و13 سبتمبر، حوالي 10 أفلام وثائقية تمثل كل من المغرب وفلسطين والصين وإسبانيا وفرنسا والجزائر وإيرلندا، للمنافسة على 5 جوائز يقدمها المهرجان في مقدمتها الجائزة الكبرى وجائزة النقد وجائزة الإخراج وجائزة السيناريو. وحسب بيان للجنة المنظمة للمهرجان، تم انتقاء هذه الأفلام الوثائقية من ضمن لائحة ضمت 50 فيلما وثائقيا من مختلف دول العالم، كما وقع الاختيار على فلسطين كضيف شرف على المهرجان، حيث تشارك بفلمين وثائقيين يرصدان واقع المعاناة الفلسطينية مع الحصار والاحتلال. وينظم هذا المهرجان من قبل الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية والتي ترى أن الساحة الثقافية في المغرب بحاجة متزايدة لمثل هذه المواعيد السينمائية، خاصة تلك التي تعنى بالفيلم الوثائقي من أجل انفتاح التجربة المغربية على صناعة الأفلام الوثائقية والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا السياق، حسب بيان للجمعية. وتحفل الأجندة الثقافية في المغرب على مدار شهور السنة بعدد من الملتقيات والمهرجانات السينمائية، تتنوع بين عالمية وإقليمية وأخرى محلية. وبات لافتا حرص المغرب على إقامة تلك الفاعليات، التي تحظى بدعم حكومي لافت، وسط جوار عربي مضطرب، يمُوج بتحولات سياسية واجتماعية متسارعة. ونجح المغرب خلال السنوات القليلة الماضية في أن يشكل مركز استقطاب إقليمي ودولي للصناعة السينمائية وتنظيم مهرجانات فنية سينمائية أضحت تكتسب صيتا وشهرة عالمية، كالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة. ويُعول المغرب بشكل كبير على احتضانه لهذه الفعاليات السينمائية الهامة، لتحقيق إشعاع فني إقليمي ودولي، ولفت أنظار صُناع السينما العالمية للانتاجات السينمائية المحلية، والعمل على استضافة التجارب العالمية الرائدة في مجال الفن السابع (السينما)، للاستفادة منها في تطوير السينما المحلية ولحاقها بركب العالمية، خاصة في ظل ركود مقابل تشهده بعض الأسواق الفنية السينمائية العربية التي كانت رائجة خلال السنوات الماضية، وشكلت حتى وقت قريب مصدر منافسة قوية لنظيرتها المغربية، وذلك بالنظر لحالة عدام الاستقرار التي تعيش على وقعها هذه الدول والتحولات السياسية الطارئة على الجوار العربي منذ اندلاع ثورات الربيع العربي بداية عام 2011. ويُراهن صناع السينما والأفلام الوثائقية في المغرب على الدعم الحكومي لمشاريعهم السينمائية من أجل الرفع من جودتها خاصة أنها باتت خلال السنوات الأخيرة الماضية تتبوء مراكز مهمة على الصعيد العربي، واستطاعت أن تحقق "نتائج مُرضية" سواء على مستوى القضايا التي تعالجها أو طريقة الإخراج والإنتاج. فمنذ سنة 2004 وحتى 2014، ومع ارتفاع الدعم الحكومي المُخصص لهذه الانتاجات، بلغ عدد الأفلام السينمائية المنتجة محليا نحو 15 فيلما طويلا سنويا، هو ما يعُده هؤلاء تحولا مهما يحتاج إلى المزيد من "الخطوات الجريئة " لوضع السينما المغربية على الطريق الصحيح، وفق إحصاءات رسمية. في المقابل ترتفع أصوات ناقدة للآداء الحكومي في مجال تدبير الصناعة السينمائية في المغرب، سواء على مستوى دعم الإنتاجات في هذا القطاع، أو تلك المتحفظة على طريقة تنظيم بعض التظاهرات والمهرجانات السينمائية والميزانية "الضحمة المرصودة" لها.