1- ماذا عن السرقة العلمية التي تعرضت لها مؤخرا؟ ** أود في البداية الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها لسرقة من هذا النوع. فقد تعرضت لمثلها من قبل باحث أردني وآخر مصري وسوري و الآن من قبَل هذه الأستاذة الجزائرية التي قامت بإدراج جزء من بحث سابق لي في مقدمة دراسة لها حول الكوطا ونقله بطريقة حرفية. وللأسف فهذه الظاهرة لا تزال مسكوتا عنها وهو ما يساهم في انتشارها. وأنا شخصيا كلما اكتشفت حالة من هذا النوع فإني لا أتردد في طرحها لاقتناعي أن المقاربة القضائية في بلداننا وخاصة ما يتعلق منها بالملكية الفكرية لا تزال هشة وغير صارمة، بل إن الكثير من المتضررين لا يجرؤون على فضحها، وهذا ما ينعش الظاهرة في أوساط الباحثين وبعض المبتدئين وحتى الأكاديمين. وتفشي هذه الظاهرة في الوسط الجامعي أمر مأسف للغاية، لأن من المفترض في الأستاذ الجامعي أن يلقن لطلبته أخلاقيات البحث الأكاديمي والعلمي وشروطه. وأعتقد أن الأستاذ الجامعي لن يخسر شيئا إذا أشار في أسفل صفحة بحثه أو مقاله إلى مصدر المعلومات. المشكل في هذه الحالات أن الأمر لا يتعلق بسرقة بعض الأفكار فقط، بل النقل بالحرف والفواصل. وهنا أعتقد أن الأمر يصبح مبتذلا ومشينا. وبهذه المناسبة أهيب بكل الباحثين والإعلاميين أن يقوموا بالتصدي لهذه السلوكات التي أصبحت تغزو مع الأسف جامعاتنا من خلال فضحها والتنبيه لخطورتها. وأعتقد أن هذه الظاهرة جزء من أسباب الوضعية الحالية للبحث العلمي عندنا وتدني مستويات الجامعات. 2- في نظرك هل سهّل الأنترنت والنشر الإلكتروني هذه الظاهرة أم أنه يساهم في فضحها والكشف عنها؟ ** لا شك أن الأنترنت أتاح إمكانيات كبيرة أمام الباحثين في ما يتعلق بالاطلاع على البحوث والمجلات والكتب المتوفرة على الشبكة؛ عكس ما كان عليه الأمر في السابق وهذا أمر مهم، إذ أصبحنا نجد الكثير من المواقع الإلكترونية تعرض أبحاثا قيمة، ومراكز بحثية تنشر تقاريرها ودراساتها إلى غير ذلك، وهذا أمر سهل مأمورية الباحث وفي الوقت نفسه سهّل الكشف عن السرقات التي كان من الصعب الكشف عنها في السابق. أما اليوم فبفضل أن الكثير من المراكز ودور النشر لديها مواقع وتنشر منشوراتها بشكل إلكتروني فقد أصبحت إمكانية فضح واكتشاف السرقات متاحة بمجرد وضع جملة معينة في محرك البحث. وطبعا أكثر من ذلك هناك بعض المراكز في أوروبا تعتمد على برامج لاكتشاف النقل الممكن للطالب أو الباحث. وهي برامج إلكترونية تسهل مأمورية كشف المنقولات. ولذلك فلم تعد في العالم الافتراضي قيود أو مسافات، الكل تلاشى. 3- ماذا حصل بعد فضحك للعملية؟ وما الطريقة الأمثل لمحاصرة الظاهرة؟ ** أنا شخصيا صارم جدا مع هذه السرقات، وأفضل أن أفضحها على نطاق واسع، وقد وسبق أن فعلت ذلك مع الباحث السوري واعتذر المعني بالأمر وقدمت المجلة اعتذارا أيضا. وفي حالة الباحثة الجزائرية هذه فقد فوجئت بعد البحث بوجود هذه المادة منشورة في مواقع أخرى سأراسلها وسأراسل الجامعة التي تدرس فيها الأستاذة. وأنا جد متأسف لهؤلاء الباحثين الذين وصل بهم الحد إلى الترامي على أفكار غيرهم بنقل صفحات كاملة بالحرف والفاصلة. هذا مما يفسد المؤسسة الجامعية ويفقدها النبل. وعلاوة على دور وسائل الاعلام والباحثين في فضحها أعتقد أن الجامعات ينبغي أن تقوم بإجرءات زجرية في مواجهتهم من قبيل منعهم من المشاركة في المؤتمرات العلمية والمجلات بمقاطعتهم ومنعهم من النشر عندها. وبالإضافة إلى ذلك نحن في حاجة إلى مؤتمرات ولقاءات تنبه إلى خطورة هذه الأعمال التي أصبحت تتفشى بشكل خطير حتى أن الكثير من الأساتذة في داخل المغرب وخارجه يشتكون من وجود رسائل ماجستير أو أطروحات دوكتوراة تتضمن الكثير من هذه السرقات التي تنم عن جهل أو عن تحايل وفي جميع الأحوال لا يليق بباحث. أشير فقط إلى أنه سبق أن نظمت الكثير من الملتقيات حول هذا الموضوع؛ أتذكر منها لقاء بمكناس حول أخلاقيات البحث العلمي بالجامعة المغربية، وملتقيات أخرى شاركت فيها في نفس الموضوع حول الملكية الفكرية. أعتقد أن الموضوع الآن مطروح بحدة وينبغي السعي لمجابهته بكل صرامة. * أستاذ بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش