تنص القاعدة القانونية على أن ممارسة أعمال الضبط الإداري ( عقل السيارات بالكماشات) من قبل أشخاص القانون الخاص هو خرق للضوابط. إن عقل السيارات المملوكة للمنتفعين بالمرفق العام باستعمال الكماشات واستخلاص مبالغ مالية من أصحابها مقابل فكها يدخل في سياق أعمال الضبط الإداري، هو اختصاص أصيل موكول لأشخاص القانون العام ولا يجوز تفويضه للخواص، وممارسة هذه السلطة من طرف أشخاص القانون الخاص خرق للضوابط الآنفة الذكر من شأنه أن يحدث أضرارا بالمنتفعين من خدمات المرفق، الأمر الذي يبرر جبرها وتعويضهم عنها. في قضية اليوم، سنتوقف عند حكم قضائي أكد عدم شرعية العمل الذي تقوم به الشركات الخاصة ب"الباركيناج" من قيد للسيارات. وما مدى مشروعية عقل السيارات في إطار عقد الامتياز لإدارة مرفق عمومي من قبل شركة خاصة. ركن "يوسف" سيارته بزنقة لافييت بالدار البيضاء في وضع قانوني على الساعة العاشرة صباحا، ولما رجع حوالي الثالثة زوالا وجد سيارته قد تم عقلها بواسطة الفخ من طرف مستخدمي شركة كازابارك، وعلى الواجهة الأمامية غرامة بمبلغ 30 درهما، موضحا أن هذا العقل ألحق به أضرارا مادية ومعنوية مما جعله يلجأ إلى القضاء من أجل إنصافه. طالب "يوسف" بتعويضه عن الأضرار التي لحقته بمبلغ مالي حدده في 10 آلاف درهم، وأعاب على شركة كازابارك التي تستغل المرفق العمومي بمقتضى عقد الامتياز الذي يخولها حق إقامة عدادات لوقوف السيارات وفي الأماكن المخصصة والمطبوعة باللون الأزرق، وكذا وضع القيد واستخلاص الغرامات المالية محملا إياها المسؤولية عما يلحق الأشخاص من أضرار في غياب الصفة الضبطية عن عمالها، بالإضافة إلى حدها من حريات الأفراد المنصوص عليها دستوريا، حين قلصت من حريته في التنقل بواسطة سيارته وكذا مست بالتزاماته المهنية. وأكد "يوسف" في الدعوى التي رفعها ضد شركة كازابارك أن ما قامت به الشركة المعنية من اختصاص الشرطة الإدارية التي تخدم المرفق العام، ولا يمكن التنازل عن هذه السلطة إلى الخواص، وبالتالي فمسؤوليتها تبقى خاصة وأن ربطها بتسيير المرفق العام عقد امتياز وبالتالي فهي مطالبة-حسب الدعوى القضائية- بالتعويض اللاحق بالمدعي جراء عقل سيارته وتوقيف نشاطه المهني واستخلاص الغرامة المالية، مقابل فك القيد عن عجلة سيارته؟ والتمس المدعي الحكم على شركة كازا بارك(المدعى عليها) تعويضا قدره 10 آلاف درهم وغرامة مالية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير. مشروعية عقل السيارات أسس "يوسف" طلبه على مدى مشروعية فرض غرامة على وقوف السيارات بالشارع العام المتجاوز للمدة القانونية، وكذا مشروعية عقل السيارات في إطار عقد الامتياز لإدارة مرفق عمومي من قبل شركة خاصة. يعتبر عقد الامتياز وسيلة يمنح بمقتضاها الشخص العام إلى أحد أشخاص القانون الخاص سواء كان فردا أو شركة خاصة رخصة إدارة أحد المرافق العامة، واستغلاله لمدة محددة في نطاق عقد يبرم بينه وبين الملتزم الذي يستعمل أعوانه ومستخدميه لإدارة المرفق تحت مسؤولية ووصاية الشخص العام. إن منح امتياز المرافق العامة الجماعية يكون من اختصاص المجلس الجماعي، فالمشرع قد منح اختصاصات الشرطة الإدارية المحلية لرئيس المجلس الجماعي لممارستها شخصيا أو بواسطة أعوان عموميين محليين، وأن الاتفاق على منحها لجهة لا تتوفر فيها صلاحية تحرير محاضر المخالفات اتجاه المخالفين للقوانين البلدية ولا الصفة الضبطية للإشهاد بوقوع المخالفة يعتبر خارجا عن نطاق القانون لعدم جواز تفويض هذه السلطة للخواص. وبالرجوع إلى وثائق الملف، تبين للمحكمة أن المدعي قام بركن سيارته إلا أنه بعد عودته وجد الشركة المرخص لها بتسيير وتنظيم وقوف السيارات بالشارع العام قد منعته من التحرك بوضع فخ لعقل سيارته إلى حين أداء الغرامة والتي أداها مجبرا على ذلك. الثابت قانونا أن منع المواطن من التنقل بواسطة وسائل النقل الخاصة يعتبر مسا بحق دستوري يتمثل في حرية التجوال ، فقيام الشركة المعنية باستعمال الفخ على عجلة سيارة المدعي وعدم فك عقلها إلا بعد أداء مبلغ 30 درهم يعتبر عملا غير مشروع، ولو استندت في ذلك على عقد الامتياز الذي يسمح لها بذلك، مادام هذا المقتضى مخالفا للقواعد القانونية وللنظام العام، لا سيما وأن المدعى عليها امتنعت عن الجواب رغم التوصل، مما يجعلها مسؤولة عن الأضرار الحاصلة للمدعي جراء منعه من التحرك وشل نشاطه لمدة معينة. وبما أن التعويض هو الوسيلة القانونية الوحيدة لجبر الضرر الحاصل للمدعي جراء قيام الشركة المدعى عليها بممارسة صلاحيات الشرطة الإدارية الغير قابلة للتفويض والتفويت، قضت المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء وبما لها من سلطة تقديرية بالنظر لما اصاب المدعي من ضرر تحدد التعويض الإجمالي في ألفي درهم(2000) درهم مع تحميلها الصائر، وذلك تطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية وقانون الميثاق الجماعي.