كشف الفنان والمطرب نعمان لحلو لجريدة "التجديد" عن جديد أعماله الفنية، ومنها تحقيقه لحلم رافقه لمدة 20 سنة وهو المتعلق بإعادة توزيع وصياغة الغناء الأندلسي، بالإضافة إلى أغنية اسمها (فالضو الأحمر) تتكلم عن أطفال الشوارع، وهي من كلمات الشاعر عبد الرحمن معروف، وسوف تشاركه الغناء فيها المطربة نجاة الرجوي. نعمان الذي أنتج أخيرا أغنية "حبيبتي مغربية" تكريما للمرأة المغربية بمناسبة يوم الثامن من مارس، قال إن هنالك محاولات للرجوع بالأغنية المغربية لعهد السبعينات والثمانينات، وهذه رؤية لن تنجح لأن العجلة تدور إلى الأمام، وليس هنالك شيء يرجع كما كان في الماضي. نعمان الباحث والمدرس في المجال الموسيقي اعتبر أن الدعامة النظرية والعلمية، تحمي الفنان من الوقوع في خانة التكرار وتوفر له أرضية صلبة، وأكد في حواره مع "التجديد" أنه إذا لم تكن للمبدع الدعامة النظرية والعلمية، فحتى لو نجح بالصدفة في عمل أو عملين فلا يمكنه الاستمرار، والاستمرارية هي عنوان النجاح. كما قال أيضا إن الموهبة وحدها لا تكفي و بالاستمرارية فقط يمكننا أن نحكم على المبدع. وعن ثنائية البساطة والعمق التي تحكم أغاني صاحب "بلادي يازين البلدان، وشفشاون يانوارة" قال "ورغم إيحاء البساطة الذي أطبعها على أعمالي، فمن الصعب أن تجد أحدا يقلدني"، وعن واقع الأغنية المغربية سجل صاحب أغنية "لمدينة لقديمة" التي قال عنها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران إنها لخصت مشاكل أمة بأكملها، (سجل) أنها تعيش اليوم الجيل الثالث من الإبداع الغنائي في المغرب. - كيف تقرأ المشهد العام للأغنية المغربية اليوم، وأبرز الانعطافات التي شهدها تاريخها؟ ** المشهد العام للأغنية المغربية، كما في باقي الدول العربية، يعرف تغييرا جذريا منذ 2005، وذلك ناتج عن تطور الأنترنت، والانفتاح على ألوان جديدة، وتخيل الكثير من الهواة أن بإمكانهم ولوج هذا الميدان، بمجرد ما تنجح لهم أغنية واحدة على الشبكة العنكبوتية، هناك محاولات جدية ابتدأت مؤخرا للتقنين، منها بطاقة الفنان، ودعم وزارة الثقافة للإبداع الغنائي، وكذلك مصادقة الحكومة والبرلمان على قانون النسخة الخاصة. وكذلك هناك مشروع قريبا سوف يعرف طريقه للمصادقة، وهو مشروع تغيير المكتب المغربي لحقوق المؤلفين لمؤسسة شبه عمومية. كل هذا من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها. هناك أيضا جيل جديد من المطربين، والكثير منهم يروق لي شخصيا وأشجعه، وإن كنت أنصحهم بالتركيز على قوالبنا الموسيقية المغربية، مع تطويرها. كما أن هناك محاولات للرجوع بالأغنية لعهد السبعينات والثمانينات، وهذه رؤية لن تنجح لأن العجلة تدور إلى الأمام، وليس هناك شيء يرجع كما كان في الماضي. أما أهم المنعطفات، فأعتقد أننا نعيش اليوم الجيل الثالث من الإبداع الغنائي في المغرب، على أساس أن الجيل الأول ازدهر في الستينيات والسبعينيات إلى منتصف الثمانينيات، ثم الجيل الثاني من منتصف الثمانينيات وحتى 2005، وابتداء من هذا التاريخ ابتدأ الجيل الثالث والذي يعتمد على البناء العمودي في الإبداع الموسيقي وليس البناء الأفقي الميلودي، اليوم هنالك بحث في علم الأصوات، وفي التوزيع الموسيقي، وكذا في الهندسة الصوتية، وهذا التوجه يكون على حساب الجمل اللحنية الأفقية والتي وإن كانت جميلة وطروبة إلا أنها لا يمكن أن تواكب العصر. بصفة عامة الموسيقى كعلم تتطور خلافا لما يشاع، أما الجمل اللحنية الطروبة فلم تعد تجد من يستمع إليها باستثناء قلة قليلة من العشاق. - كيف ألهم نعمان لحلو التوجه للون غنائي فريد يمتح من التراث والحضارة المغربيين في مخالفة لموجات غنائية مختلفة؟ ** أولا، أعمالي ولو أن أغلبيتها مستمدة من روح الجمل التراثية، فهي موسيقى جد حداثية من ناحية الهيكلة والصناعة والبناء العلمي العمودي. ثم إن النص الهادف في أعمالي الغنائية يحتل الصدارة. وعموما فتشبعي بالموروث المغربي والعربي وكذا الغربي، واهتمامي بآخر تطورات الصناعة الموسيقية الحديثة، كل هذا دفعني لكي أبحث على لون خاص بي، ورغم إيحاء البساطة الذي أطبعها على أعمالي، فمن الصعب أن تجد أحدا يقلدني، وعموما فالبصمة الخاصة لها علاقة بالتميز عن ما هو سائد، أما مصطلح جميل أو سيء فهي مصطلحات نسبية أمام مصطلح صحيح أو غير صحيح والتي هي مصطلحات علمية صحيحة. - أنت باحث ومحاضر في الموسيقى ما هو التحول الذي تصنعه الدعامة النظرية عندما تقف وراء الفنان؟ ** الدعامة النظرية والعلمية، تحمي الفنان من الوقوع في خانة التكرار وتوفر له أرضية صلبة، وإذا لم تكن للمبدع هذه الدعامة النظرية والعلمية، وحتى لو بالصدفة نجح في عمل أو عملين فلا يمكنه الاستمرار، والاستمرارية هي عنوان النجاح، وعموما إذا نجح المبدع ( في اعتقادي في أكثر من ثلاث أو أربعة أعمال ) أو إذا عاشت إحدى أعماله لأكثر من ثلاث سنوات، فهذا يؤكد حرفيته، واستمراريته، ولو أنه في بعض الأحيان ينجح مبدع، أو أغنية ما، بمحظ الموهبة أو الصدفة، ولكن الموهبة وحدها لا تكفي وبالاستمرارية فقط يمكننا أن نحكم على المبدع. - إلى أي حد ترى أن هذا البعد النظري في إسناد الأغنية حاضر اليوم في الساحة الغنائية بالمغرب؟ ** جيل اليوم أكثر نظرية وعلمية وأقل موهبة سوى استثناءات قليلة. - يعتبر البعض أن أغاني نعمان لحلو تقوم على ثنائية البساطة والعمق هل ينطبق هذا الوصف على أغانيك؟ ** بمجرد ما تقول أغنية كشكل موسيقي، فأنت تقول مباشرة، أكبر عدد من المستمعين باختلاف مستوياتهم الفكرية والعمرية. وعموما فإن عملية تغليف الأعمال الفنية برداء البساطة، غالبا ما تكون أصعب من العملية الإبداعية في حد ذاتها. ولكي تبدع أغنية ناجحة، فعليك أن تنجح في تقمص دور المستمع باختلاف مستوياته الفكرية والعمرية. - لقيت أغنيتك "حنا ولادك يا تفيلالت" كما غيرها انتشارا وإعجابا كبيرين، ما السر في الأمر في نظرك، وما أقوى رسالة في الأغنية؟ ** لقد وضعت يدك على إحدى الأغاني التي أعتز بها كثيرا، وهذه الأغنية رغم إيحاء البساطة التي تبديه أثناء الاستماع، فموضوعها جد عميق إذ تتكلم عن تعايش الأمازيغ والعرب والأفارقة في بوثقة واحدة وهي الهوية المغربية، في منطقة سجلماسة . أما على مستوى الموسيقى فهي مزيج من الموسيقى الكلاسيكية العالمية والتي تظهر جليا في توزيع المايسترو أحمد الشرقاني، علاوة على دخول أنماط إيقاعية محلية كإيقاع أحواش، وكذلك طبوع موسيقية مغربية صرفة كطبع (عراق العجم) والذي غناه في مقطع (ما شكمانا ما شكمانا) والذي يعد من أصعب ما يمكن أن يغنى. أما عن رسالة الأغنية، فهناك توجه يقول إن الأغنية موجهة للترفيه، وأنا لست من تابعي هذا التوجه، الأغنية هي ملامح عصر في الإبداع، المتصل بالتاريخ والجغرافية والهوية من جهة، ومن الانفتاح على العالم بعلمه وتطوره من جهة أخرى. إذن فالأغنية -في رأيي- هي أيضا كتابة للتاريخ بطريقة مختلفة، وهذا في حد ذاته رسالة، ناهيك عن النص الغنائي، والذي حاولت شخصيا أن أتطرق من خلاله لمواضيع تهم الإنسانية، والبيئة، وكذا معلومات تاريخية لها علاقة بالهوية، وكمثال في أغنية "شفشاون" لما غنيت عن علي بن راشد وابنته السيدة الحرة ، أو في أغنية "تافيلالت" لما غنيت عن القبائل وأصولها، أو في أغنية المدينة القديمة والتي قال عنها السيد عبد الإله ابن كيران أنها لخصت مشاكل أمة بأكملها. - ما هو الجديد الفني لنعمان لحلو؟ ** مؤخرا أنتجت أغنية "حبيبتي مغربية" تكريما للمرأة المغربية بمناسبة يوم الثامن من مارس، كما أنني أضع اللمسات النهائية على مشروع إعادة توزيع وصياغة الغناء الأندلسي، وهذا المشروع أفكر فيه منذ عشرين سنة، وسوف يكون جاهزا خلال فصل الربيع. هنالك أغنية اسمها (فالضو الأحمر) تتكلم عن أطفال الشوارع، وهي من كلمات الشاعر عبد الرحمن معروف، وسوف تشاركني الغناء فيها المطربة الرائعة (نجاة الرجوي) سوف ترى النور قريبا، علاوة على ثلاث أغاني أخرى بتوجه جديد سوف تعرف طريقها للجمهور في فصل الصيف وسوف أقدم هاته الأغاني ضمن لائحة الدعم الخاصة بوزارة الثقافة. ومن هذا المنبر أدعو جميع المبدعين أن يشاركوا، وأنا متأكد أن كل الأعمال الاحترافية سوف تدعم.