"التصق أوكايمدن في ذهن الكثيرين بالمناظر الخلابة والجميلة، لكن هذا الجمال يخفي وراءه معاناة المئات من المواطنين" تلك هي الخلاصة التي وصل إليها وفد نادي الصحافة للتزحلق والرياضات الجبلية بمراكش في زيارة قام بها الأحد الماضي لمحطة "أوكايمدن" للتعرف على المنطقة وفتح جسور التواصل مع ساكنتها. وأكدت عدد من الشهادات "الصادمة" للساكنة المجاورة للمحطة خاصة من الجهة الجنوبية في اتجاه مقر جماعة أسني أن دواويرهم تعيش حالة من العزلة الشديدة بسبب عدم وجود طرق معبدة. وأضافت الساكنة في تصريحات متطابقة ل"التجديد" أن حياتهم تصبح أكثر قسوة مع هطول الثلوج، حيث يضطرون إلى المشي على الأقدام لقطع مسافات طويلة، أو في حالات أخرى للركوب مع سيارات "بيكوب" التي يسمى أصحابها "العتاقة" في طريق وعرة، إذ تدوم الرحلة مثلا في بعض الأحيان أكثر من ساعة ونصف لقطع مسافة 6 كيلومترات. ويوضح حسن أوزار رئيس جمعية النور، أن دواوير "أوسرتك، جليز، أمزوغ، تيدلي، وتنغار" والتي يقدر عدد سكانها بحوالي 1800 نسمة تعتبر مثالا صارخا للتهميش التي تعيشه عدد من الدواوير بإقليم الحوز خاصة بجماعة أسني التي لا تبعد عن مدينة مراكش سوى بحوالي 50 كيلومترا. وأضاف أن السكان الذين يعتمدون على زراعة مدرجات قليلة بأساليب بدائية لا يستطيعون غير توفير محاصيل زراعية معاشية، أغلبها من الذرة والتفاح والجوز، إضافة إلى تربية بعض الدواجن والمواشي التي تفتقر هي الأخرى للمراعي المناسبة. وأكد أوزار أن المسجد والمدرسة تشكلان فقط المنشأتين الاجتماعيتين البارزتين في المنطقة، لكن المدرسة موجودة في دوار أوسرتك وبعيدة عن الدواوير الأخرى، مما يساهم في الهدر المدرسي خاصة بالنسبة للفتيات، علما أنه نادرا ما تلتحق إحداهن بالتعليم الإعدادي، كل ذلك وسط غياب الدعم الاجتماعي، وحرمان التلاميذ من الإطعام المدرسي لحدود الآن، يضيف المتحدث. وزارت "التجديد" المركز الصحي الجديد بدوار أوسرتك والذي بنته جمعية فرنسية سنة 2008 ودخل الخريطة الصحية للوزارة سنة 2010، وهو يوجد الآن في حالة مقبولة من حيث البناية المخصصة للمرضى والسكن الوظيفي، لكن تنقصه كل الأجهزة الطبية والأطر الصحية، حيث كان السكان قد وعدوا بتوفير ممرض على الأقل خلال يومين في الأسبوع، لكن هذه الوعود مازالت حبرا على ورق. وقال عدد من الساكنة إنهم يعانون الويلات وهم ينقلون النساء الحوامل إلى مراكز بعيدة، في الوقت الذي يمكن أن يلعب المركز الصحي المتواجد بالدوار دورا كبيرا في الحد من معاناة الساكنة، خاصة الحد من وفيات الأطفال والنساء الحوامل، ويقترحون تكوينا مناسبا لأبناء الدوار المتعلمين قصد تمكينهم من فرصة الولوج إلى المناصب الشاغرة. وأضاف الساكنة أن المركز يستغل فقط من قبل بعض القوافل الطبية الوطنية والأجنبية التي تزور المنطقة في فترات متباعدة جدا، في حين تبقى البناية "خالية " لا تستطيع تقديم أية مساعدة أو الحد من الألم. من جهة ثانية، تعيش محطة أوكايمدن للتزحلق نفسها هذه الأيام حالة من الركود الرياضي والتجاري بسبب تأخر هطول الثلوج، حسب ما عاينته "التجديد" في زيارة للمحطة، وهو ما أدى بعدد من مزاولي المهن المرتبطة بها، والذين يقطن بعضهم نفس الدواوير المذكورة إلى البقاء في حالة من البطالة القاسية. ويطالب عدد من الرياضيين والمهنيين الذين حاورتهم "التجديد" بخلق أنشطة رياضية وترفيهية أخرى تُدر على أبناء المنطقة أرباحا وتنعش الحركة الاقتصادية عندما تغيب الثلوج. وكانت المناسبة مواتية للحديث أيضا عن المشاكل الكثيرة التي تعرفها المحطة خلال التوافد الكبير للمواطنين في موسم التزحلق، منها الفوضى الكبيرة بمحطة السيارات والحافلات، مقترحين أن تكون الرحلات مرخصة من قبل السلطات الوصية عبر برنامج إلكتروني لا يسمح إلا بوصول العدد المقبول من العربات تجنبا للحوادث وازدحام حركة السير، كما اقترحواتحويل تسيير المصاعد الكهربائية للخواص، حيث تعرف هذا المصاعد أيضا فوضى كبيرة في بعض الأحيان خاصة عند النزول، وقد تتسبب في حوادث مميتة. وتحدث هؤلاء أيضا عن ممارسات لا أخلاقية لشباب يزورون المحطة في هذه الفترة سواء ب"الشرب العلني" للخمور، أو الإخلال بالحياء، مما يجعل الكثير من العائلات وأطفال المدارس في حرج كبير.