كسر امحمد بوستة السرية الإعلامية التي انتهجها سلفه إدريس الضحاك على رأس اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية، وميز الأسابيع الأخيرة بخروج إعلامي أوضح فيه مجموعة من القضايا المرتبطة بمدونة الأحوال الشخصية والتي تثير جدلا في الوسط المغربي. في هذا السياق أجرت صحيفة "الصحراء المغربية" حوارا مع رئيس اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة المدونة نشر يوم السبت فاتح مارس، أكد فيه إخراج مشروع المدونة المعدل سيتطلب من 3 إلى 4 أشهر، وأضاف أنه ليس من الضروري النظر إلى تعيينه خلفا للضحاك على أنه نتيجة لعجز اللجنة عن إخراج مدونة كاملة إلى الوجود خلال الأجل الذي كان محددا لها. وأضاف بوستة أنه لا توجد هناك خلافات داخل اللجنة، بل إن بعض الأمور داخل اللجنة أخذت حقها من النقاش والمدارسة، ومن ضمنها على سبل المثال، مسألة تعدد الزوجات والطلاق وما يترتب عنه. وأوضح بوستة أنه لا يمكن تصور مخرج أو حل لهذه المشاكل خارج التصور الإسلامي حيث أشار إلى أنه "يجب أن نتفق مسبقا على أن حلها أي البنود المختلف حولها لا مكنه أن يتم بتصور خارج دائرة الشريعة الإسلامية". وأعطى بوستة مثالا على ذلك تعدد الزوجات، بحث أبرز أن التعدد لا يمكن منعه في المغرب على اعتبار أنه مشرع بنص القرآن، كما أنه يلبي حاجيات اجتماعية مهمة لا يمكن سد ثغراتها بغير هذا الحل الذي جاء به الشرع الإسلامي. وأكد رئيس اللجنة أنه سيتم تحضير مسطرة موازية للمدونة ترسخ مبدأ الصلح بين الزوجين في محاولة لتفادي الطلاق، لكن في حالة إصرار أحدهم على هل هذا الحل يضيف بوستة فالقاضي المختص يبت في ذلك. وفي حوار آخر لجرية "الأيام" نشر بعددها الأخير رقم 67، أكد امحمد بوستة أنه "لا وجود لخلاف داخل اللجنة" مبرزا أن أعضاءها "يدركون أنهم ينتمون لبلاد إسلامية وأنه لا سبيل إلا لاحترام نقطتين أساسيتين: الأولى أنهم يشرعون لمسلمين وبناء عليه ينبغي احترام جميع مبادئ الشريعة الإسلامية" والنقطة الثانية أن على المرأة في المغرب أن تتولى موقعها الحقيقي في المجتمع، للسير إلي الأمام بمغرب القرن الواحد والعشرين. وحول قضية تصريحه لبعض النسائيات البرلمانيات خلال استقبال ببيته (والذي نشرت التجديد مقالا حوله) والذي قال فيه بوستة إنه غير مستعد للجلوس مع الملحدين ومع من يدعون إلى مخالفة الشريعة الإسلامية، أكد هذا الأخير أنه متشبث بهذا الكلام، موضحا في الوقت ذاته أنه لا يقصد أحدا من أعضاء اللجنة. وقال بوستة: "إنه إذا كان وجود لهؤلاء الملحدين في المغرب، فأنا لست مستعدا لمجالستهم".. وأضاف أنه لا يهدف من خلال هذه المواقف التي عبر عنها إلى فتح معارك مع أي كان، موضحا أنه "على هؤلاء في إشارة إلى الذين يتهمونه بشن "معارك وهمية" أن يعلموا أنهم هم وليس سواهم، من يخلق الأوهام، فأنا لم أفتح معركة مع أي جهة، ولست أفتحها مع أي كان". وأوضح بوستة أنه لا علاقة لتعيينه بالتوافق السياسي الذي تحدث عنه البعض. وقال "فيما طلب مني جلالة الملك إتمام العمل الذي كان قد بدأه السيد الضحاك، لم يكن هذا هو الهدف مطلقا". وأكد بوستة أن لقاءه بالدكتور سعد الدين العثماني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لا يشكل قاعدة حتمية تقصي الآخرين، بل أوضح أن بيته مفتوح لجميع الفئات والحساسيات السياسية المشكلة للمجتمع المغربي، لتلتقي به، وتعبر عن آرائها بخصوص ملف المدونة. وكانت بعض الصحف الفرنكوفونية (ليكونوميست وماروك أوجوردوي) قد عبرت عن حفيظة بعض المنظمات النسوية من التصريحات التي أدلى بها بوستة الصحافة الوطنية خلال الأسبوعين الماضيين. ونشرت الصحيفتان في عدديهما ليوم الأربعاء الأخير مقالات ذهبتا فيها أن بوستة بتصريحاته تلك: "أوضح اللون الذي ستأخذه المدونة"، وأضافت الصحيفتان أن نزعة المحافظة التي تميز شخصية بوستة ستجعل من الصعب توقع خروج مدونة عادلة تلبي رغبات الجميع. وزعمتا أن نزعة المحافظة لدى بوستة تشكل عائقا أمام الدفع بآلية الجهاد إلى الأمام، كآلية ضرورية للتوفيق بين الإسلام والحداثة. كما ادعدتا أن الجمعيات النسوية في عمومها غاضبة من تصريحات بوستة تلك، والتي اعتبرتها مؤشرا سلبيا حول الشكل الذي ستخرج به المدونة خلال الأشهر القادمة. أحمد حموش