كشف عبد العزيز بنزاكور وسيط المملكة أن المحكمة الإدارية بالبيضاء تحتل الرتبة الأولى بالنسبة لغيرها من المحاكم الإدارية بالمملكة، بما يقرب من 7000 قضية خلال السنة الماضية، مشددا في كلمة له خلال اللقاء التواصلي المنعقد بجهة الدارالبيضاء الكبرى بمناسبة قرب افتتاح المندوبية الجهوية -أول أمس الثلاثاء-أن جهة الدارالبيضاء الكبرى لا تتصدر لائحة المتظلمين على الصعيد الوطني، بالرغم من الكثافة السكانية، والتمركز الاقتصادي، والنشاطات العمرانية والمشاكل الاجتماعية بها. وعزا بنزاكور الأسباب لعدم إدراكٍ طبيعة الوساطة المؤسساتية، وعدم الوعي بشكل كبير بإمكانية معالجتها للمنازعات الإدارية، كما قد يكون الأمر ناتجا عن ميل إلى طرق باب القضاء الإداري، الذي تعود عموم المرتفقين بجهة الدارالبيضاء على اللجوء إليه تلقائيا-يضيف المتحدث نفسه. وذكر المتحدث نفسه بمميزات الوساطة المؤسساتية بشكل عام، موضحا أن الوساطة المؤسساتية تهتم بمعالجة تظلمات المرتفقين، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، مواطنين أو أجانب، أفراداً أو جماعات، من قرارات أو أعمال أو تصرفات إدارية، تحرمهم من حقوق جلية أو تلحق بهم أضرارا مادية أو معنوية، وأن دورها يكمن بالأساس في الدفاع عن حقوق كافة المرتفقين في مواجهة جميع الإدارات، على اختلاف أنواعها ومستوياتها، حماية لهم من كل تجاوز أو تعسف. وأوضح بنزاكور أن الدفاع هو دفاع عن المشروعية، بعد التأكد من أحقية المتظلم في طلبه، مع حث الإدارة على مراجعة موقفها، وتدارك ما شابه من عيب أو انحراف، أن الوساطة المؤسساتية لا تعوض القضاء الإداري ولا تنافسه، بل إن هناك تكاملا بين وظيفتيهما، وأن الوسيط لا يمتلك صلاحية إصدار أحكام غير أن مقترحاته وتوصياته، وإن كانت ترتكز بدورها على القواعد القانونية، فإنها تعتمد، علاوة على ذلك، مبادئ العدل والإنصاف، كما تعد الوساطة المؤسساتية قوة اقتراحية، وهي قوة معنوية فاعلة من خلال إصدار مقترحها أو توصيتها، وذلك بعد دراستها لموضوع التظلم من مختلف جوانبه، وتأكدها من تقيد الإدارة بالضوابط المؤطرة للنازلة. وشدد بنزاكور أن الوساطة المؤسساتية، كوسيلة بديلة عن التقاضي أمام المحاكم، ليست غريبة عن بلادنا وعن ثقافتنا العربية الإسلامية، حيث اهتم السلاطين والملوك المتعاقبين على حكم المغرب، منذ العديد من القرون، بالعناية بشكاوى المواطنين من رجال السلطة مركزيا ومحليا، مستلهمين في ذلك ما أحدثه الخلفاء الراشدون ليتتبعوا عن كثب ما تواجهه ساكنة الدولة الإسلامية الناشئة والمنتشرة.