بدأت عائلات المعتقلين المغاربة في غوانتاناموا التحرك في إطار إنشاء منظمة للدفاع عن ذويهم، خاصة بعد تأكدهم من أن الحكومة المغربية لا تتحرك في اتجاه إيجابي نحوهم، وهذا ما سجلته المنظمات الحقوقية المغربية المتابعة لهذا الملف. وحسب هذه المنظمات وبعض المحامين العرب، الذين يتابعون قضية سجناء معتقل غوانتانامو الأمريكي، فإن عدد السجناء المغاربة في هذا المعتقل ، بلغ سبعة عشر سجينا، أصغرهم شاب لا يتجاوز عمره 22 عاما. وفي الوقت الذي لزمت فيه الحكومة المغربية الصمت تجاه توارد أخبار عن اعتقال مغاربة في كل من باكستانوأفغانستان، عقب الغزو الأمريكي للمنطقة، وإيداعهم في إحدى جزر الكاريبي، تحدثت الصحافة المغربية قبل شهور، نقلا عن مصادر من وزارة الدفاع الأمريكية، عن وصول بعثة من الأجهزة الأمنية المغربية إلى معتقل غوانتانامو، للمشاركة في التحقيق مع المغاربة المحتجزين هناك. ورغم محاولة الاتصال بالجهات المعنية للتأكد من ورود أنباء، بشأن نقل محتجزين مغاربة من معتقل غوانتانامو إلى المغرب، فإن الجهات الرسمية المغربية كانت تنفي باستمرار هذا الأمر. وبعد شهور قليلة تمكنت بعض الصحف المغربية، بمساعدة معتقلين سابقين، في أحد المعتقلات السرية، من الوصول إلى المعتقل، وكشف مكانه، الذي لم يكن سوى مقرا للمخابرات المغربية بمدينة تمارة، القريبة من مدينة الرباط العاصمة، وسمي هذا المعتقل بالسجن الأخضر، بسبب وجوده وسط غابة صغيرة. ومن خلال المختطفين المغاربة، الذين اختطفوا في إطار ما سمي بقضية "السلفية الجهادية"، وخرجوا بعد شهور من هذا المعتقل السري، تبين أن المعتقل يضم أيضا معتقلين قادمين من قاعدة غوانتانامو، يحتجزون في سرية تامة. فقد صرح المفرج عنهم أنهم كانوا يسمعون أصوات أشخاص كانوا يعرفونهم جيدا في أفغانستان، عندما كانوا يخضعون للتعذيب، أثناء تحقيق المخابرات المغربية معهم، وأحيانا تعرفوا على أصوات المعنيين، من خلال صوت الآذان، عندما كان مسموحا لهم بالأذان في زنازينهم الانفرادية قبل أن يمنع ذلك فيما بعد. ولقيت هذه التصريحات حذرا من قبل المتابعين لملف الأفغان المغاربة المعتقلين بغوانتانامو، إلا أن تصريحات المعتقلين بسجن تمارة تواترت، وأكد بعضهم أنهم استطاعوا محاورة زملائهم في الزنازين المجاورة، وعرفوا منم أن هناك ما يزيد عن عشرين معتقلا، تم استقدامهم من غوانتانامو، بعد أن عجزت المخابرات الأمريكية عن انتزاع اعترافات مهمة منهم، فأوكلت هذه المهمة للمخابرات المغربية، التي لا تمنعها قوانينها من تعذيب المعتقلين، لانتزاع الاعترافات، وذلك في إطار تعاون مخابراتي بين الأمريكيين والمغاربة. وقد تأكد لأهالي المعتقلين هذه المعطيات، وبدؤوا يطالبون السلطات المغربية بالإفراج عن أبنائهم، أو تقديمهم للمحاكمة، بعد توجيه اتهامات واضحة لهم. ومن أبرز معتقلي غوانتانامو الموجودين بسجن تمارة السري، حسب تصريحات معتقلين سابقين، عبد الله تبارك، الذي وصفته الصحافة الدولية بأنه الحارس الشخصي لأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، إذ أكد بوشعيب كرماج، وهو معتقل سابق، للصحافة المغربية، بعد الإفراج عنه من هذا المعتقل، أن تبارك كان موجودا في مكان صنف بأنه خاص بالمعتقلين الخطرين، وهناك سمع صوت حارس ابن لادن السابق والملقب بأبي عاصم، وأنه ناداه وكلمه، وعرف من خلاله أنه قادم من غوانتانامو رفقة 22 آخرين، لانتزاع معلومات معينة منهم، تهم الجهات الأمريكية، وأنهم ليست لهم أي مشكلات مع بلدهم الأصلي: المغرب. في حين تأكد أقارب سجناء آخرين من وجود أبنائهم في المغرب، بعد أن انقطعت رسائل ذويهم التي كانوا يرسلونها لهم عبر الصليب الأحمر الدولي من معتقل غوانتانامو، مما يعني انتقالهم إلى مكان آخر، مثل حالة سعيد البوجعدية، الذي تؤكد والدته وجوده بسجن تمارة، وتطالب بالإفراج عنه. كما استقبل سجن تمارة، في إطار التعاون الأمني بين المغرب وأمريكا، أصغر معتقل في سجن غوانتانامو، هو محمد بنموجان، الذي تحتفظ عائلته برسائله قبل انقطاعها من مدة، وتطالب شخصيات حقوقية وسياسية، وعائلات المعتقلين خاصة، أمام صمت الحكومة المغربية، تجاه ما تتداوله الصحف المحلية، وما ينشره معتقلي السجن الأخضر، الذي لم يعد سريا، بعد أن كشفت مراسلة صحيفة /الأيام/ المستقلة مكانه، وبات معروفا لأهالي ضحاياه، الذين حاولوا الوصول إليه، تنظيم أنفسهم، وتوحيد جهودهم لتحريك الملف بقوة، والدفع في اتجاه إحراج الحكومة المغربية، وإرغامها على التعاطي الإيجابي معه، مع أخذ البعد الإنساني في القضية، والمطالبة بالإفراج عن مواطنيها في معتقل غوانتانامو، خاصة وأنه قد مر أكثر من عام على احتجازهم، ولم تنسب إليهم تهم واضحة، بدل الاكتفاء بالتعاون الأمني، الذي يصب في النهاية لصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومما يزيد من أهمية هذه المطالب أن هناك نسبة كبيرة من المعتقلين ليست لهم علاقة واضحة بتنظيم القاعدة، وبعضهم هاجر إلى باكستان أو أفغانستان لأسباب اقتصادية صرفة، وليس لأسباب سياسية، كما صرحت شقيقة المعتقل محمد بنموجان. وهذا أيضا ما أكده وزير العدل القطري السابق، الذي وكلته بعض العائلات للدفاع عن أبنائها، إذ قال في تصريح لأسبوعية /الأيام/، بعد اطلاعه على الملف عن كثب، إن أغلب المعتقلين أبرياء، مؤكدا نسبة إلى جهات أمريكية بارزة زيارة وفود من وزارة الداخلية المغربية والمخابرات العامة لجزيرة غوانتانامو للتحقيق مع مواطنين مغاربة.