وضع الإسلام قواعد السلوك مع الناس وحدد طرق المعاملة، وألزم المرء أن يراعي هذه القواعد، ويلتزم هذه الطرق ليكثر الخير ويعم الأمن ويسود السلام، وليشعر كل فرد من أفراد المجتمع أنه مع إخوة يتعاونون معه ويحبونه ويتعاطفون معه. ومن هذه القواعد التي فرضها الإسلام أن يعامل الإنسان غيره بالرفق واللين، فلا يغلظ في قول ولا يقسو في معاملة. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لايكون في شيء إلا زانه أي حسنه وجمله ولا ينزع من شيء إلا شانه أي قبحه وأفسده وضيعه .." رواه مسلم، وعنها أيضا قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" رواه البخاري، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يحرم الرفق يحرم الخير كلهط رواه مسلم. وأول خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة قال: >أيها الناس أطعموا الطعام وأفشوا السلام، وألينوا الكلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا جنة ربكم بسلام". وهذا الأدب اتصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من أسباب محبة الناس له وجمعهم عليه، يقول جل وعلا: (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر). والله تعالى يبين لنا أن الرحمة التي تحلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم، كانت من أسباب اللين والرفق بالمؤمنين، وأنه لو اتصف بالقسوة والغلظة لانصرف الناس عنه، وأن عليه أن يعفو إذا أساؤوا.. ويطلب لهم المغفرة إذا أذنبوا، وأن يشاورهم في الأمر تأليفا لقلوبهم، وتطييبا لخواطرهم. إذن فالمعاملة باللين والرفق وخفض الجناح، ليست وقفا على طائفة من الناس دون طائفة، وإنما هي عامة: القريب منهم والبعيد، المطيع والعاصي، البر والفاجر، يقول تعالى: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين، فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون)، أي أن الليونة والطيبوبة يجب أن تبسط على المومنين جميعا، حتى العصاة منهم. وبعد ذلك نترك أمرهم إلى الله حين المعصية. ولقد شن الإسلام على كل ما يغرس الفرقة والعداوة والبغضاء أي كل عمل قبيح ومشين ليطهر منها النفوس والقلوب، وهذه القواعد وغيرها من قواعد السلوك الاجتماعي التي حث عليه الإسلام أتباعه للتحلي بها، ليخلق بذلك مجتمعا قويا، متماسكا لا يتطرق إليه الضعف ولا الوهن. وبالمناسبة فهذه توجيهات عملية ترسخ هذا السلوك: 1 تليين القلوب بالذكر والدعاء وقراءة القرآن وقيام الليل وصلاة التطوع. 2 الرفق في الخطاب مع الناس أجمعين وخصوصا الصغار. 3 الرفق في المعاملة: بصلة الرحم وإطعام الجائع وإفشاء السلام و... 4 البعد الكلي عن مظاهر الغلظة والقسوة والخصام والسباب و... إعداد عبد الحي بن عبد الجليل