غادرتا مقاعد الدراسة منذ نهاية ستينات القرن الماضي، أصررن بمبادرة من جمعية «هي وهو سيان » على اجتياز اختبارات السلك الإعدادي أحرار سنة 2007، حيث كانت 4 أشهر من الاستعداد ومراجعة للمقررات الدراسية للسلك الإعدادي، كافية لتحقيق أول خطوة في النجاح الذي لم يقتصر عند هذا المستوى، إذ تفرغت أم الرضى ومريم أباكريم المنحدرتان من سيدي إفني للمراجعة بشكل مكثف بمعدل 8 ساعات في اليوم، رغم بعد المسافة بين الدارالبيضاء حيث تسكن أم الرضى آنذاك وتزنيت حيث تقطن مريم، لكن العزيمة قربت بينهما وساعدتهما خدمة «فوني « للهاتف الثابت من التواصل اليومي، والخوض في تفاصيل المقررات الدراسية للسلك الإعدادي تحضيرا بعد سنتين من التباري من جديد وتجاوز عتبة هذا السلك سنة 2010 في أول مشاركة لهما، كما تؤكد الشقيقتان، في دردشة مع «التجديد»، وترجعان الفضل بعد الله تعالى إلى الجمعية التي أقحمتهما في مبادرة تربوية اجتماعية لا يمكن القول عنها إلا ناجحة، جمعية حملت شعار محاربة الهدر المدرسي وخوض غمار اجتياز الامتحانات الحرة في مختلف أسلاك التعليم، ليس في صفوف الصغار فحسب بل كذلك في أوساط الشباب والكبار، بشعار أن «أخد زمام مبادرة التعلم فريضة» كيف ما كان سن الشخص، شعار ألحت عليه الشقيقتان وشددتا على الدور الكبير الذي لعبته الجمعية في تحقيق هذا النجاح.. حول التفرغ للتحضير لاجتياز البكالوريا أحرار تؤكد الشقيقتان في حديثهما ل «التجديد» وهما يستقبلان أفراد العائلة وعضوات المكتب المسير للجمعية الأسبوع الأول من يوليو الجاري ببيت مريم زوجة القاضي المتقاعد و عضو المجلس الأعلى للقضاء سابقا، في بمنطقة تكاديرت على بعد حوالي 15 كيلومترا من عاصمة سوس أكادير قصد تلقي التهاني بمناسبة الحصول على الإجازة في الأدب الفرنسي خلال الموسم الجامعي الجاري، قالت أم الرضى زوجة رجل أعمال بالمنطقة معبرة عن سعادتها لالتفاتة «التجديد» إن «ترتيب المغرب في مجال محو الأمية وإيماننا بأن التعلم فريضة جعلنا نشق الطريق بثبات وعودتنا للجلوس على مقاعد التمدرس بعد مغادرتنا لها قبل 40 سنة أي منذ نهاية ستينات القرن الماضي، بالإضافة إلى أيماننا القوي بمسؤولياتنا جميعا في الانخراط الفعلي في التربية على المواطنة من خلال تفعيل ما جاءت به الخطب الملكية في محاربة الأمية ودعم تمدرس المرأة، كلها أمور جعلتنا ننخرط في تشجيع النساء من خلال اشتغالنا على فكرة هذا المشروع الذي تشرف عليه جمعية «هي وهو سيان « وصمم له بشكل يمكن المستفيدات من التكوين الذاتي والمصاحبة، وتأسيسنا لجمعية «لنتعلم لنفيد» على المصالحة مع التعلم والكتاب وأخذ المبادرة وخوض تجربة اجتياز الامتحانات الحرة التي أعطت أكلها وبدأ الجميع يقطف ثمار تلك المبادرات، تحكي الشقيقتين..توفير مؤطر ملازم يساير التحضير والإعداد للامتحانات وإعداد دليل بيداغوجي يوجد حاليا قيد الطبع من لدن الجمعية، كان له دور كبير في تمكينهما من ولوج الجامعة والإقدام على التمدرس في الأدب الفرنسي والتخرج منها بميزة حسن جدا بعد 3 سنوات فقط نجحت فيها «أباكريم» كما تحكي مريم التي تقطع حوالي 20 كيلومترا من وإلى الكلية أنهما عاشتا حياة طلابية عادية جدا، رغم تجاوزهما سن الخمسين وتخرج أبنائهما في مختلف الأسلاك كالهندسة والطب بالمغرب وبفرنسا، تواصلا فيه بشكل جيد مع زملائهما الطلبة وتبادلا معهم الدروس والوثائق..وتحكي مريم كيف قللت رفقة شقيقتها أم الرضى من وقت الزيارات العائلية ومشاهدة التلفاز ولم تخفيل كل الدعم المادي والمعنوي والمساندة الذي حضيتا به من لدن زوجيهما وإحداهما اجتازت مع ابنتها امتحانات الإعدادي والباكالوريا، وشقيقتها ذات ال 58 سنة تعود إلى المغرب يوما قبل موعد الامتحانات الجامعية بعد أن كانت في زيارة لابنتها بفرنسا..التفرغ للتأطير والتدريس والتوجيه في إطار «أداء الواجب اتجاه النساء» الراغبات في التمدرس شعار حملته المجازتان بشكل جدي في ختام دردشتنا معهما، باعتبارهما خريجات برنامج جمعوي لن « نقبلا بعد بالتراجع عنه وسنواصل ما بدأته الجمعية ونمشي على دربها ونعلم كما تعلمنا..» تؤكد مريم وأم الرضى، بعدما تمكنتا من تحقيق حلمها الذي أصبح حقيقة و واقعا..والتجديد من خلال هذا الركن تكشف عن تجربة هي الأولى من نوعها شقيقتان حملتا مشعل التحدي لتتمكنا من الحصول على الإجازة بميزة مشرفة بعد انقطاع دام 4 عقود من الزمن، بعد حصولهما على شهادات الإعدادي سنة 2007 و الباكالوريا سنة 2010 و الإجازة سنة 2013، وكل ذلك في ظرف 6 سنوات لم تعرف فيهما الشقيقتان طريقا للملل أو التقاعس أوالتهاون..