بالموازاة مع حملة تجييش للبلطجية وتوظيف الإعلام في الإعداد ليوم 30 يونيو، والذي بدأ منذ تولي الرئيس الدكتور محمد مرسي السلطة ، وبينما كان الرئيس المنتخب منشغلا ويسابق الزمن لأجل تحقيق بعض من وعوده آمنا جانبه من العسكر ساهم هو شخصيا في ترقية بعض ألويته، بينهم القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي؛ كشفت تسريبات بين الفينة والأخرى عن تحيز الجيش إلى خصوم الرئيس السياسيين وتخطيطه للإطاحة به بغض النظر إن كان هو من سيتولى السلطة أم يلبسها زيا مدنيا. إبان ثورة 25 يناير، التزم الجيش بالحياد إلى حد ما وظل مرابطا أمام المنشآت العامة لمنع حدوث أعمال تخريب إلى أن تنحى الفرعون وعشيرته عن السلطة، بل إن الجيش لم يحرك ساكنا بشكل علني -على الأقل- طيلة 17 يوما رغم سقوط شهداء واستعمال القوة المفرطة في تفريق الثوار العفوية الذين رسموا أحلى صور الربيع العربي في القلب النابض للعرب. بعد تنحي مبارك تولى العسكر السلطة لكن ذلك لم يدم ذلك طويلا، إذ سرعان ما خرجت مسيرات غاضبة ونظمت اعتصامات لشباب الثورة طالبت بإرجاع السلطة إلى المدنيين عبر التعجيل بإجراء انتخابات حرة وديمقراطية واحترام إرادة الشعب، الأمر الذي عكسه مرسي بمجرد توليه للحكم بقيامه بإصدار إعلان دستوري أحال بموجبه المشير طنطاوي والفريق عنان إلى التقاعد وتكليف الفريق عبد الفتاح السيسي بقيادة الجيش ووزارة الدفاع، علما أن المعارضة اتهمته بأمه إخواني! اتهامات المعارضة للرئيس بأخونة الدولة قادتهم إلى الادعاء بأن كل من عينه الرئيس في منصب أو كلفه بمسؤولية ينتمي إلى الإخوان، وقد شنت حرب ضروس على مرسي لكونه قام بتعيين قيادات إخوانية في مراكز القرار وفي مؤسسات استراتيجية بينها الجيش كانت هي من انقلبت عليه! بمجرد انتخاب مرسي وفشل النخب العلمانية واللبيرالية والقومية والناصرية في الانتخابات، اختفى الإجماع الوطني على عدم تدخل الجيش في الحياة السياسية، وبدأت تتعالى أصوات وبحت حناجر مطالبة بتدخل الجيش الذي طالبوه بالعودة إلى ثكناته في مفارقة عجيبة. فقد رفعت شعارات مؤيدة للعسكر هناك وهناك، وانخرط الإعلام المصري الأحادي الرأي في الحديث عن أن الثورة التي سرقتها صناديق الاقتراع والديمقراطية لن يردها إلا الجيش بالانقلاب عن الشرعية وتولي زمام المبادرة بالقوة، كما صور حكم مرسي في أشهر على أنه أسوأ بكثير من حكم الفرعون في 30 سنة. وبذلك خرجت تظاهرات ونفذت اعتصامات وتصدر المشهد تصريحات من قبيل «يا «يا جيش أنقذ شعب مصر» كأن الذي صوت على مرسي شعب آخر ! لم تخف تسريبات نشرتها صحف عالمية أن هذه الدعوات للجيش بالتدخل كانت في إطار خطة محكمة يصور بموجبها الجيش على أنه سينقذ البلاد والعباد، ويكشف ذلك حقائق عن دعوة السيسي لمرسي بالتنحي قبل موعد 30 يونيو، وعن وجود غرفة عمليات في منشأة للقوات البحرية بشرق القاهرة كان يحضرها رموز من المعارضة وقيادات من الجيش بتعليمات خارجية. نتوقف عندها في الحلقة القادمة.