إحدى زوجات السلطان السعدي أحمد الشيخ المهدي، أنجبت منه عدة أمراء من بينهم بطل معركة وادي المخازن عبد الملك، وقد ارتبط ذكرها بقضية ابنها عبد الملك، وأخيه أحمد، حيث لجأت معهما عند أتراك الجزائر لطلب مساعدة الباب العالي بهدف استرجاع حق ابنها في السلطة، بعدما أسند أخوها الأكبر ولاية العهد لابنه محمد المتوكل، ولعبت سحابة طيلة مدة مكوثها في المنفى دورا حاسما في تربية ورعاية الأميرين، وبحكم ما تمتعت به من فطنة وبعد نظر وقوة وعزيمة، فحرصت بشدة على توجيه الأميرين وفق التقاليد المغربية بدل انصهارها في التقاليد العثمانية، كما تجسدت فراستها وقوة شخصيتها في الدور المميز الذي اضطلعت به حينما كانت القسطنطينية أول من يبشر السلطان مراد الثالث بنجاح القوات العثمانية في فتح تونس سنة 1574 م ، مستغلة وقع الخبر لالتماس مد العسكري لابنها لاستعادة حقه في السلطة التي أضحت ضدا على الأعراف والتقاليد في يد محمد المتوكل وهو ما استجاب له السلطان، فأمر والي الجزائر رمضان باشا بمد الأميرين السعديين بما يحتاجانه، حيث تمكنا بفضل ذلك من دخول المغرب سنة 1576، وخوض حروب ضد ابن أخيهما لم تنته إلا بمقتله في معركة وادي المخازن سنة 1578. ولجت سحابة الرحمانية المجالين السياسي والدبلوماسي ضمن سياقات متعددة، تمتد من تاريخ قبيلتها (الرحامنة) الذي دثرها بلبوس الانتماء والمشاركة في بناء الدولة السعدية...، إلى ارتباطها بالسلطان السعدي أبي عبد الله محمد الشيخ المهدي في سياق عمل سياسي / دبلوماسي، يترجم ما كان للقبيلة من حظوة عند السلاطين المؤسسين للدولة السعدية، كما تؤكد ذلك العديد من المصادر التاريخية. ويبقى ما اكتسبته سحابة الرحمانية وهي بقصور السعديين، من خبرة ودراية بالسياسة الدولية، وحدود تعامل سلاطين المغرب في إطارها، تتويجا لما ستوظفه في عملها الدبلوماسي من أجل الحصول على دعم الأتراك لابنها عبد المالك، يقول الناصري. ولم يفت سحابة الرحمانية أم أبي سعدة عبد المومن، ولآلة عائشة، ولآلة فاطمة، وأبي مروان عبد المالك وهي تستعد لمرافقة ابنها عبد المالك وأخيه أحمد إلى القسطنطينية، أن تستحضر قتل الأتراك لزوجها محمد الشيخ، حسب مؤرخ مجهول، ومع ذلك لم يغب عنها أن عالم السياسة، كثيرا ما يقود ألذ الأعداء إلى الجلوس حول طاولات المفاوضات، لتسوية ملفات عالقة، أو وضع ترتيبات لتصفية أعداء مرتقبين. فأم عبد المالك تعرف، أن الأتراك « كانوا يكرهون مولاي عبد الله، وولده مولاي محمد، لخيانته لهم »، يضيف مؤلف تاريخ الدولة السعدية التكمدارتية، كما تعرف مطامعهم في المغرب، والتنافس الذي كان لهم مع الدول المسيحية حوله. إلمام سحابة الرحمانية بالواقع التاريخي لعصرها ستوظفه بشكل إيجابي من أجل تحقيق مكاسب سياسية لابنها عبد المالك، خاصة وأنها كانت تتقن لغة وفن التفاوض ومناسبات تحقيق المكاسب وهو ما يؤكده اليفرني في سياق هذا الخبر «لما فتحت تونس كان عبد الملك أول من أرسل البشارة مع أصحابه إلى السلطان العثماني فبلغت الرسالة أمه سحابة الرحمانية فأعطتها السلطان المذكور، والتمست منه أن يعطيها في بشارتها أمر أهل الجزائر بالذهاب معها إلى المغرب، فأعطاها ذلك، فجاء عبد الملك مع أمه بكتاب السلطان إلى أهل الجزائر يأمرهم بالمسير معه لتملك ما كان بيد آبائه». وبذلك تكون سحابة بفضل ما عرف عنها من لباقة في فن التفاوض، وإتقان لفن علم الممكن، قد حملت الخليفة التركي على إصدار أمره لوالي الجزائر بمساعدة ولدها على استرجاع ملكه بالمغرب عام 983ه يشير الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله، وهو أمر قد يعجز عن تحقيقه الكثير من الرجال.