منذ تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية بدا واضحا أن تجربة الإسلاميين لن تمر بهدوء ولن يترك لها الوقت لإصلاح ما خربته النسور والصقور طيلة عقود من الزمن؛ ولن يفسح لها المجال لتتحرك وترسم بإرادتها مستقبل جيل ثورة 25 يناير.. فقد عمت تظاهرات في ربوع الجمهورية بين الفينة والأخرى وحصلت اصطدامات عنيفة بين المعارضين والمؤيدين. خلال الأيام الأولى، شرع الإعلام الذي كان يحرض ضد ثورة 25 يناير ويمجد الفرعون يسوق لفشل التجربة و يركز على غياب نتائج حكم الإخوان في الجانب الاجتماعي والخدماتي والاقتصادي، ويتأسف عن حال المواطن المقهور الذي يصطف في طوابير الخبز، و صفق الساقطون في الانتخابات لأداء الاعلام وأجمعوا على أن الأيام الأولى من حكم مورسي لم تأت بجديد لأم الدنيا! عانى الإخوان على مدار السنة الأولى من اصطدامهم مع القضاء الذي أصدر أحكاما وصفت بأنها تخدم الثورة المضادة، إذ برأ متهمي موقعة الجمل والضالعين في قضايا قتل المتظاهرين، كما برأ الفرعون من العديد من التهم التي وجهت له لعدم تقديم النيابة العامة الدلائل والقرائن المتوفرة.. وازدادت خشية حاكم مصر الجديد من حكم يلغي نتائج انتخابات الرئاسة. لكن الرئيس استبق ذلك اليوم وحصن قراراته بإصداره إعلانا دستوريا مكملا وصفته المعارضة بأنه يؤسس لفرعون جديد، تم التسويق لشعارات تقول أن أيام مرسي الأولى أكثر ديكتاتورية من زمن مبارك كله! وبإقالة النائب العام الذي عينه مبارك، تعالت أصوات منددة بأخونة الدولة، على غرار ما صدحت به الحناجر إبان تعيين السيسي بدل الطنطاوي على رأس العسكر! بعد أن فشلت كل محاولات إسقاط الإخوان، ظهرت حركة «تمرد» التي ولدت من رحم جبهة الإنقاذ ووجهت دعوة للاحتشاد في الميادين في 30 يونيو بمناسبة مرور عام على تولي مرسي رئاسة الجمهورية. فانطلقت موجة من العنف والتخريب استهدفت مقرات الإخوان بعيدا عن تدخل الشرطة والجيش، وقادت المنابر الإعلامية حملة تشويه منظمة لإنجازات الرئيس وانخرطت في التحريض على التظاهر والانقلاب على الشرعية، وشارك في الدعوة إلى الثورة الثانية وجوه النظام السابق والممثلون والفنانون الذين بكى أغلبهم بعد سقوط مبارك. بدا المشهد أكثر تناقضا وتحول كل مؤيد لنظام الفرعون إلى ثائر، والتحق بالثوار الجدد سلفيو حزب النور، وأصدر القضاء قرارا ألغى بموجبه مجلس الشورى الذي يتولى السلطة التشريعية بغياب مجلس الشعب، وكذلك ألغى اللجنة التي صاغت الدستور. وأصبح المشهد أكثر دلالة على النكوص رغم أن الرئاسة أكدت أن مجلس الشورى الذي قام بدور تشريعي بعد قرار القضاء بحل مجلس الشعب، سيستمر في ممارسة عمله حتى إجراء انتخابات تشريعية جديدة وأن القانون الأساسي لا يمس.