البارومتر السياسي الذي أجراه معهد «أفيرتي» لاستطلاعات الرأي، لفائدة مبادرة طارق بن زياد وبشراكة مع مؤسسة هسبريس، لا يختلف كثيرا في نتائجه عن الاستطلاع الذي أنجزته مؤسسة «سنيرجيا» لصالح جريدة «ليكونوميست»، ومع أن الفارق الزمني بين الاستطلاعين يمتد لأكثر من ثلاثة أشهر، وهي الأشهر الذي عرفت أكبر موجة لغط سياسي قامت بها قيادة حزب الاستقلال الجديدة ضد الحكومة ورئاستها، فإن النتائج التي أعلن عنها استطلاع لكونوميست تعززت في التوجهات الثلاثة الآتية: استمرار وتعزز رصيد شعبية رئيس الحكومة: فقد صارت نسبة الذين يرون في رئيس الحكومة قريبا من الشعب 69.2 في المائة في استطلاع أفيرتي، بعد أن كانت قبل ثلاثة أشهر في استطلاع ليوكونومست 66 في المائة فقط، كما تحسنت صورة رئيس الحكومة بشكل كبير، إذ بعد أن عبر في الاستطلاع الأول 58 من المستجوبين بأنه رجل كلمة، عبر في الاستطلاع الثاني حوالي 66 في المائة من المستجوبين بأنه رجل حوار. ومع أن نسبة المستجوبين الذين أكدوا بأنه يدير حكومته بشكل جيد قد تراجعت من 64 في المائة إلى 53.7 في المائة حسب الاستطلاعين، إلا أن ذلك يرجع وبشكل أساسي إلى حالة التمزق التي عرفتها مكونات الأغلبية بإعلان حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة دون تفعيل قراره، وهي الحالة التي أثرت بشكل كبير في تثمل الرأي العام لشكل تدبير حكومة يقوم بعض مكوناتها بدور المعارضة ! استمرار تراجع شعبية المعارضة السياسية: فقد أكد الاستطلاع الجديد بأن 13.1 في المائة هي فقط من يثق في المعارضة السياسية، كما عبرت 82.2 في المائة من المستجوبين بأن العارضة لا يمكن أن تفعل بأكثر مما تقوم به الحكومة لو كانت في مراكز السلطة. عدم الرضا على قواعد تدبير البيئة السياسية: وقد برز ذلك من خلال بعض المؤشرات الرقمية، إذ اعتبر 62.1 في المائة من الفئة المستجوبة قرار انسحاب حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي بأنه قرار «سيء»، واعتبر 44.7 في المائة من المستجوبين بأنه قرار «سيء جدا»، ولم يعبر سوى 45.3 في المائة من كون رئيس الحكومة «يمارس صلاحياته الدستورية». هذه التوجهات الثلاثة الكبرى المستفادة من هذين الاستطلاعين، يمكن تركيبها في نسق تحليلي، أن هناك معادلة دقيقة لم تستطع النخبة السياسية المغربية أن تحققها، فبالقدر الذي يتطلع فيه النص الدستوري إلى إنتاج معادلة سياسية متوازنة بين الحكومة والمعارضة، تتجه بعض الديناميات السياسية إلى إضعاف الحكومة وعرقلة الإصلاحات بوهم تقوية المعارضة، وهو الأمر الذي لم ينتج عنه في ألأخير سوى انهيار شعبية المعارضة وضعف مصداقيتها لدى الرأي العام، وتعثر الإصلاحات، مع استمرار شعبية الحكومة، وترسخ صورتها لحكومة معارضة.