ما وقع بمصر، انقلاب عسكري تتوفر فيه كافة شروط هذا التوصيف، لأنه قام أولا بتعطيل الدستور، وقام ثانيا بوضع رئيس جمهورية منتخب بطريقة ديمقراطية رهن الإقامة الجبرية، وثالثا بإغلاق القنوات الفضائية التي تنقل صور المؤيدين والمدافعين عن شرعية الرئيس المنتخب، بمعنى أنه يريد أن يكون صوت الانقلاب العسكري طاغيا في الساحة، ثم لأنه شرع في اعتقالات بصفوف قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وأيضا بعض الشخصيات المؤيدة للرئيس المنتخب. إذن نحن أمام انقلاب عسكري، لكن الجديد أن هذا الانقلاب مدعوم من طرف قوى مدنية أعماها العداء الإيديولوجي لفكر الإخوان المسلمين وطمس لديها الرؤية، وجعلها تفضل حكم العسكر على أن يكون رئيس الجمهورية ينتمي لفكر الإخوان. الخطير هو أن هذه القوى المدنية تعيد نفس الأخطاء التي وقعت فيها مجموعة من التيارات السياسية التي تحالفت مع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بنعلي خوفا من حركة النهضة آنذاك. ولكن سرعان ما انقلب عليها ابن علي ووضعها في السجون إلى جانب قيادات النهضة ومناضليها، أو استطاع أن يروضها لكي تصبح خادمة له، ومندرجة في إطار مشروعه. ما حصل بمصر أيضا ينزع الثقة التي بدأت تتأسس بين التنظيمات الإسلامية وبين القوى الليبرالية والعلمانية في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة لبناء ديمقراطية حقيقية، وهذا ما سيعقد من مسيرة التحول الديمقراطي في المنطقة. ما حصل هو أيضا تعبير عن إرادة قوى إقليمية ودولية لا تريد للديمقراطية أن تزدهر في العالم العربي، وخاصة في منطقة إستراتيجية مثل مصر.