أكد المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمه أمس بطنجة منتدى الزهراء للمرأة المغربية بتنسيق مع فرقة الأبحاث والدراسات القانونية في الفضاء الأورومتوسطي حول «المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة» على أهمية التنسيق والتعاون بل والمشاركة في إرساء دعائم المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة الذي أعلن عنه في الدستور المغربي الجديد حتى يتم تنزيله على أحسن وجه ضمن المقتضيات الدستورية التي تكفل إعطاء أهمية قصوى لخلية الأسرة في المجتمع المغربي. هذا وأكدت الدكتورة وداد العيدوني رئيسة فرقة الأبحاث والدراسات القانونية في الفضاء الأورومتوسطي، ورئيسة المركز الأكاديمي للدراسات الأسرية بطنجة خلال افتتاح أشغال اليوم الدراسي على أهمية حضور ومشاركة القضاة في هذا اليوم الدراسي إلى جانب الأساتذة والباحثين في مجال القانون وعلماء الاجتماع والفاعلين الجمعويين باعتبار أن هذه المشاركة تكشف عن ضرورة التعاون بين مختلف الهيئات والمؤسسات في بحث القضايا المعاصرة وطرح الأفكار والتوصيات بشأن المجلس، مشيرة إلى أنه إذا كان التعاون بين الأساتذة في مختلف الجامعات من بديهيات العمل الأكاديمي، فإن وجود القضاة إلى جانب الأساتذة يضيف بعدا جديدا يؤكد على أهمية التقاء النظرية والتطبيق، وهو من أهم الاتجاهات الحديثة في تدريس القانون. وأشارت العيدوني إلى أن الدستور المغربي الذي نص على إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة في الفصل 32 وخصص الفصل 169 للحديث عن هذا المجلس، فيه دلالة على أن المشرع واع بأهمية الأسرة داخل النسق البنيوي للدولة، وأن التأمل في الفصل 169 من الدستور المتعلق بالمجلس المذكور يفضي إلى أن هذا الفصل يعد بمثابة أساس دستوري لتخليق ومتابعة مهام الأسرة والنهوض بها على أحسن وجه. ومن جهتها أكدت وفاء بن عبد القادر رئيسة جمعية كرامة لتنمية المرأة بطنجة أن ما جاء به الدستور الجديد عند تنصيصه على المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة يعد تتويجا وتعزيزا لما أقرته الشريعة الإسلامية التي تعتبر أول من دعا إلى الاهتمام بالأسرة من خلال مجموعة من الأحكام والآيات التي جاءت بها إذ وصفت الزواج بالميثاق الغليظ، إضافة إلى جعلها للعلاقة الزوجية التي تنبني عليها الخلية الأسرية رباطا تحكمه المودة والرحمة والسكينة، وهو الشيء الذي رسخته مدونة الأسرة المغربية الجديدة التي جعلت الزواج عبارة عن ميثاق ترابط أضفى عليه المشرع صبغة الدوام والاستقرار، ووضع له غايات سامية لعل أبرزها الإحصان والعفاف. وفي كلمة باسم المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان التي تلتها بالنيابة سلوى الكبيطي رئيسة قسم تطوير الشراكة والتعاون بالمندوبية، أكدت الأخيرة أن مشاركة المندوبية في اليوم الدراسي تندرج ضمن خطة عمل الاستراتيجية للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان 2012 2016 من خلال تطوير محور الشراكة الهادف إلى تعزيز القوة الاقتراحية لمنظمات المجتمع المدني بما يخدم التنمية ويعزز التمتع بالحقوق والحريات، مشيرة إلى أهمية التعاون في تتبع والنهوض بالسياسات العمومية والاستراتيجيات والبرامج التي يعتمدها المغرب في هذا المجال. وأشارت بثينة قروري رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية خلال افتتاح أشغال اليوم الدراسي المنظم بدعم من المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، إلى أنه من خلال الاشتغال الميداني والتراكم الحقوقي الذي حصله المنتدى المكون من 90 جمعية في مختلف ربوع المملكة، طيلة سنوات «لاحظنا غياب سياسة عمومية حول الأسرة باستثناء بعض الإجراءات المتفرقة التي لا ترقى إلى مستوى سياسة عمومية، لذا ما فتئنا نطالب بإحداث مجلس للأسرة تناط به مهمة مراقبة وتتبع السياسات العمومية في مجال الأسرة». وتهيب قروري في كلمتها بالمشرعين أن يستمعوا إلى نبض المجتمع المغربي بمختلف تلاوينه وبمختلف خصوصياته الجغرافية والثقافية على اعتبار أن القانون يجب أن يكون رافعة للمجتمع نعم لكن لا يجب أن يكون بعيدا عنه، فيتم خرقه ليخلق حالة من تمرد المجتمع عليه، وذلك في سياق مناقشة البرلمان المغربي لمقترحين مهمين مرتبطين بشكل لصيق بالأسرة وهما مقترح تعديل المادة 20 من مدونة الأسرة الذي يعالج المقتضيات المرتبطة بزواج القاصر، ومقترح القانون لتعديل المادة 475. وأثارت قروري الانتباه إلى أنه مع الدستور الجديد والمعطيات الجديدة تغير السياق إذ أصبح الدستور الجديد دستور الحريات والحقوق وعمل على دسترة مؤسسة الأسرة الذي كان من مطالب المنتدى، أبى هذا الأخير إلا المشاركة بمذكرة حول سبل تنزيل مقتضيات الدستور بخصوص المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة. ويشار إلى أن برنامج اليوم الدراسي تضمن تدخلات تناولت قراءة في واقع وتحديات الأسرة والطفولة المغربية من تأطير الدكتور عبد الله أشركي أفقير أستاذ القانون الخاص، والأستاذ محمد الزردة – قاضي في محكمة الأسرة بطنجة، وموقع ومكانة برامج الأسرة والطفولة في السياسة العمومية المغربي من تأطير الأستاذ رشيد الجرموني: باحث في علم الاجتماع، وقراءة في تجارب مقارنة لمجالس استشارية للأسرة والطفولة من تأطير الدكتورة جميلة العماري، رئيسة شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بطنجة وتم خلال اليوم عرض مذكرة منتدى الزهراء حول المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، وستتناول «التجديد» تفاصيل الموضوع في عدد لاحق.