تثار تساؤلات عديدة عن الوضع الثقافي بالمغرب، ومستوى تدخل الدولة في القطاع من خلال إمكانيات التمويل التي توفرها وآليات المتابعة التي تسوقها، في ظل إجماع التقارير الدولية على أن المجتمع المغربي لا يقرأ، حيث يصنف المغرب –مثلا- في المرتبة 162 عالميا في لائحة القراءة والكتابة في آخر تقرير لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وإجماع القائمين على الشأن الثقافي والمتتبعين له، على أن عزوف المغاربة عن القراءة يؤثر بشكل مباشر على الإبداع، ويساهم في أحيان كثيرة في قصور الإنتاجات والإبداعات عن تلبية رغبات القارئ والتعبير عن همومه وأفكاره. في سياق ذلك، تشير المعطيات إلى أن عدد العناوين التي تخرج إلى السوق المغربية لا تتجاوز 3000 عنوان كأقصى تقدير سنويا، مع استثناء الكتب الإلزامية والمدرسية التي تلقى إقبالا معقولا. وفي غياب أرقام رسمية عن دور النشر ورواج الكتب؛ تشير التقديرات إلى أن عدد دور النشر المغربية يبلغ نحو 70 دارا للنشر بأهمية متفاوتة، حوالي عشرة منها متخصصة في نشر الكتاب الإبداعي، بينما تنشر الدور الأخرى الكتب من مجالات مختلفة أهمها المدرسية والمساعدة والمتخصصة، ويتراوح متوسط نشر الكتاب بين 1000 و250 نسخة في السنة، وقليلا ما تكون فيه طبعة ثانية وثالثة. المثير، أن الميزانية الموجهة لقطاع الثقافة لا تتجاوز 0.03 في المائة من الميزانية العامة، مما يعني أن وزارة الثقافة تبقى أهم الوزارات التي تعاني من محدودية التمويل، حيث لم تتجاوز ميزانية الوزارة برسم اعتمادات السنة الحالية 620 مليون درهم، تخصص منها 160 مليون و28 ألف درهم لإنجاز برامج تعود بالنفع المباشر على القراءة وتقريب المنتوج الثقافي للمواطن من خلال إحداث وتجهيز مراكز ثقافية وتوسيع شبكة القراءة العمومية ودعم النشر والكتاب وتنظيم المعارض. «التجديد» تتناول قضايا النشر والثقافة بالمغرب، وتبرز الإشكالات التي يعاني منها القطاع وتستقرئ آراء القائمين على المشهد الثقافي والفاعلين والخبراء. العزوف عن القراءة بالمغرب.. أزمة لا تنتهي! تجمع التقارير الدولية، على أن المجتمعات العربي لا تقرأ، حيث تصنفها في مراتب متأخرة، حيث أعطى التقرير الرابع للتنمية الثقافية الذي أصدره مؤسسة الفكر العربي، والذي عرض في مؤتمر «فكر» بدورته العاشرة، المنعقدة بالإمارات العربية المتحدة، أرقاما سلبية عن واقع قطاع النشر والمقروئية في العالم العربي، وتحدث عن تدهور نسبة القراءة بين العرب، مقارنة مع القراء الغربيين الذين يقضون ساعات طويلة دون أن يملوا أو يسأموا من مجالسة الكتاب؛ ففي الوقت الذي يشكل فيه متوسط قراءة الفرد الأوروبي نحو 200 ساعة سنويا، تتناقص القراءة لدى الفرد العربي إلى 6 دقائق سنويا. للتأكيد أكثر على الأزمة، كشف استطلاع للرأي أجرته «ياهو مكتوب للأبحاث» في غضون السنة الماضية، أن ربع سكان العالم العربي نادرا ما يقرؤون كتبا بهدف المتعة الشخصية أو لا يقرؤون أبدا، وأوضح الاستطلاع -الذي شمل أزيد من 3500 شخص ينتمون إلى مختلف الدول العربية بينها المغرب- أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 46 و50 سنة هم الفئة الأكثر اعتيادا على القراءة، بينما تكون القراءة بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 36 و45 سنة «مناسباتية»، في الوقت الذي تعرف فيه الفئات العمرية الأقل من 36 سنة عزوفا «مهولا» عن القراءة. لا شك، أن «أزمة» القراءة في العالم العربي تعطي فكرة عن واقع العزوف في المغرب، الذي حل في المرتبة 162 عالميا في لائحة القراءة والكتابة في تقرير برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وهو رقم يثير قلق القائمين على المشهد الثقافي بالبلاد، الذين يجمعون على أن العزوف عن القراءة بالمغرب أزمة قديمة جديدة. النشر وأسئلة الرواج!؟ مما لاشك فيه، أن عزوف المغاربة عن القراءة يؤثر بشكل مباشر على الإبداع، كما لا يمكن تجاهل ارتباط هذا العزوف في أحين كثيرة بقصور الإنتاجات والإبداعات عن تلبية رغبات القارئ والتعبير عن همومه وأفكاره. وتشير المعطيات، أن عدد العناوين التي تخرج إلى السوق المغربية لا تتجاوز 3000 عنوان كأقصى تقدير سنويا، مع استثناء الكتب الإلزامية والمدرسية التي تلقى إقبالا معقولا. وبالمقارنة بين ما ينتج في العالم العربي والعالم الغربي، تكشف أرقام وزعها اتحاد الناشرين العرب، أن الإصدارات العربية الجديدة لا تزيد عن 40 ألف عنوان سنويا تستأثر مصر لوحدها بإنتاج 25 بالمائة منها، في حين تنتج دولة أوروبية واحدة أزيد من 400 ألف عنوان في السنة. في غياب أرقام رسمية عن دور النشر ورواج الكتب؛ تشير التقديرات أن عدد دور النشر المغربية يبلغ نحو 70 دارا للنشر بأهمية متفاوتة، حوالي عشرة منها متخصصة في نشر الكتاب الإبداعي، بينما تنشر الدور الأخرى الكتب من مجالات مختلفة أهمها المدرسية والمساعدة والمتخصصة، ويتراوح متوسط نشر الكتاب بين 1000 و250 نسخة في السنة، وقليلا ما تكون فيه طبعة ثانية وثالثة. في نفس السياق، لا يتجاوز عدد الكتب التي تحضى بدعم من وزارة الثقافة 60 كتابا في السنة، يكون ذلك إما باقتراح من اتحاد كتاب المغرب أو الجمعيات المهنية، لكنها –برأي وزير الثقافة- عملية غير سليمة، لأنها تميز بين كاتب وغيره وتضع الوزارة الوصية في موقع دار للنشر تقوم باختيار نوعية الكتاب لينشر، باستثناء مبادرة جمع الأعمال الكاملة لعدد من الكتاب، لكنه يؤكد أن وزارته تغض الطرف حاليا عن هذا الامتياز ما دام في حجم جد محدود. وتسعى الوزارة في المستقبل إلى أن تستفيد دور النشر -بعد مرحلة التصنيف- بدعم من الدولة عبر سياسة جبائية محفزة، والمساهمة في تطوير الرأسمال وسياسة التوزيع الذي تسيطر عليه مقاولتين تغطي كل نقط البيع. 100 جماعة قروية فقط بها مراكز للقراءة شبكة القراءة العمومية تتوفر على 381 خزانة فقط! تتكون شبكة القراءة العمومية من 381 خزانة فقط سنة 2012 موزعة بشكل متفاوت على جهات المملكة، وتسعى وزارة الثقافة برسم اعتمادات السنة الحالية إلى دعم وتقوية سبع مكتبات عمومية بجهة الرباط، ودعم وتقوية تسع مكتبات عمومية بجهة الشاوية ورديغة، وإحداث مكتبة بالمركز الثقافي بالداخلة، إضافة إلى إحداث ثلاث مكتبات وسائطية وأربع مكتبات عمومية في إطار اتفاقيات شراكة بجهة سوس ماسة درعة، وإحداث مكتبة عمومية بالبروج، وإحداث مكتبتين عموميتين بكل من الصورية والعطاوية، بتكلفة مالية تناهز 16مليون و78 ألف درهم. لكن الملاحظ، أن شبكة القراءة العمومية إضافة إلى شبكة المراكز الثقافية لم تحققا سياسة القرب في مجال القراءة العمومية، حيث هناك خصاص كبير في هذا الجانب، فعلى سبيل المثال لا تتوفر سوى 70 في المائة من عواصم العمالات على مؤسسات ثقافية، وأكثر من نصف الجماعات الحضرية بدون مؤسسات ثقافية، وحوالي مائة جماعة قروية فقط بها مراكز للقراءة. 0.03 في المائة نصيب الثقافة من ميزانية الدولة! تكشف المعطيات الخاصة بتوزيع ميزانية الدولة على القطاعات الحكومية، أن وزارة الثقافة تبقى من أهم الوزارات التي تعاني من محدودية التمويل، حيث لا تتجاوز الميزانية المخصصة لها برسم اعتمادات السنة الحالية 620 مليون درهم، تشكل 0.03 في المائة فقط من ميزانية الدولة. وفيما يتعلق ببرامج هذه السنة التي تعود بالنفع مباشرة على القراءة وتدخل في إطار سياسة تقريب المنتوج الثفافي للمواطن، فإن الميزانية المخصصة لهذا الغرض لا تتجاوز 160 مليون و28 ألف درهم، تشكل نسبة 25 في المائة من الميزانية العامة للوزارة، حيث تخصص 121 مليون و600 ألف درهم لإحداث وتجهيز وتهيئة مراكز ثقافية، وتخصص 7.2 مليون درهم للبرنامج الوطني لتنشيط المراكز الثقافية، وتذهب 16 مليون و78 ألف درهم إلى إنجاز شبكة القراءة العمومية، فيما تخصص 14.7 مليون درهم للكتاب والنشر، من خلال توجيه 8 مليون درهم للمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته التاسعة عشرة، ومليون و710 ألف درهم لتنظيم 17 معرضا جهويا، ومليوني درهم لتنظيم جائزة المغرب للكتاب وجائزة الدولة التقديرية التي ستعوض جائزة الاستحقاق الثقافي، كما توجه مليون درهم لاقتناء ما بين 50 و100 نسخة من كل كتاب مغربي سيصدر خلال السنة الحالية، وتوزيعها على الخزانات العمومية، و420 ألف درهم لدعم الكتاب المغاربة وتشجيعهم على التأليف عبر تحمل طبع الكتب، ومليون درهم للمساهمة في تخفيض سعر المجلات الثقافية المغربية عبر المساهمة في تكلفة إصدار هذه المجلات.