أكد بلال التليدي، باحث وكاتب صحفي، أن التحول الذي لحق الإعلام بعد الربيع الديمقراطي تحول بطيء، مبرزا أن الإعلام آخر حلقة وصلها التغيير، موضحا أن الإعلام المغربي محكوم بالارتهان إلى الأجهزة ولوبيات الضغط والنخب الاقتصادية، قائلا «أنا لا أومن بالصحافة المستقلة، حتى وان كانت مستقلة عن الأحزاب والهيئات، فهي ليست مستقلة عن المؤسسات الاقتصادية التي تمولها»، ويرى التليدي في محاضرة بعنوان»تحولات الإعلام بعد الربيع الديمقراطي»، نظمت ضمن أشغال الملتقى الوطني الرابع للصحافة»، نظمه نادي صفرو للصحافة تحت شعار» الصحافة الوطنية دعامة أساسية لتنوير وتطوير المجتمع» أيام 5-6-7 أبريل 2013 بصفرو، (يرى) أنه عندما تتغير طبيعة النخب الاقتصادية وطبيعة السلطة من الاستبدادية إلى الإصلاحية سيتغير الإعلام، وخلص المتحدث إلى أن الربيع الديمقراطي لم يصب الإعلام في صورته العامة إلا قليلا. وأبرز التليدي أن المخاض الموجود على المستوى السياسي والاقتصادي موجود أيضا على مستوى الإعلام لكن ببطء، موضحا أن مشكل الصحافة المكتوبة بعد الربيع الديمقراطي تكمن في عدم تزايد الكتلة القارئة، قائلا «لكن وقع فيها تحلحل، حيث تزايد قراء جرائد وانخفض قراء أخرى،» مشيرا إلى أن بعض الجرائد وقع تحول كبير في خطها التحريري لضرب التجربة. و من مؤشرات التحول التي عرفها الإعلام بعد الربيع الديمقراطي حسب التليدي ندرة الخبر، مفسرا ذلك بقوله «عندما يكون المخاض كل الجهات تتحفظ عن إعطاء المعلومة»، مبرزا أنه عندما يكون التكتم عن الخبر يلجأ الصحفي إلى وسيلتين الأولى اعتماد الخيال في صياغة الخبر، أو الإشاعة، لكي تبادر الجهة المعنية بنفيها أو التفاعل معها، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن الصحف لن تشترى يؤكد المتحدث. و وصف التليدي الإعلام الحزبي في المغرب بالكآبة، قائلا «إعلامنا الحزبي في المغرب كئيب»، موضحا أن المشكلة ليست في الحزب، ولكن المشكلة حسبه تكمن في كيفية تعامل القيادة السياسية مع الإعلام، معتبرا الإعلام العمومي خارج التجربة أو ضدها، لافتا الانتباه إلى أن التجربة ليست ملكا للحكومة بل هي ملك للجميع، ومضيفا أن منطق التحكم مازال حاضرا في الإعلام بكل مكوناته. ورغم أن أفق الإعلام في المغرب مظلم يقول التليدي، واستمرار آلية التحكم في المرحلة القادمة ستكون مرحلة شد وجذب ساخنة بين الديمقراطية والحكامة، فلن تكون إلا لصالح التحول الديمقراطي، مشددا على أن أخلاقيات المهنة لا يمكن أن يقع فيها تحول إلى إذا وضع الصحفيون آلية لعدم تجاوزها، قائلا «الصحفي من حقه المطالبة بحقوقه، لكن لا يجب أن يكون فوق القانون، مبرزا أن مشكل المهنية مطروح على الصحافة بكل مكوناتها، مشيرا إلى أن من حق الصحفيين المطالبة بقانون يكون في مستوى القوانين في الدول الديمقراطية، مضيفا أن ما يقوم به مصطفى الخلفي وزير الاتصال في هذا الاتجاه نوعي، كما أنه ضيق نقاط الخلاف مع عدد من الأطراف يقول التليدي، معتبرا معركة الحق في الوصول إلى المعلومة معركة الصحافيين. من جهته قال بوشعيب أوعبي، أستاذ القانون بكلية الشريعة جامعة القرويين بفاس، إن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران له عزيمة قوية لمواجهة التماسيح والعفاريت، ويبذل قصارى جهوده لمواجهة قوى الفساد والاستبداد واصفا إياها بجدار برلين، مبرزا أن الحكومة تبذل مجهودا كبيرا لاستقرار البلد وتحقيق التنمية المنشودة، داعيا الحكومة المغربية إلى دعم كل الجرائد الوطنية بدون استثناء وعلى رأسها الصحافة الحزبية، لأنها حسبه تقوم بدور التثقيف والتنوير والتحسيس، وأكد المتحدث أن الصحافة لا يمكن أن تساهم في الانتقال الديمقراطي إذا لم يتم تسهيل الوصول إلى المعلومة، موضحا أن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي له طموح كبير في تقدم الصحافة المغربية، ويعمل على إشراك الجميع، قائلا « الخلفي من أنشط الوزراء»، مضيفا أنه يستحيل أن نتحدث عن الربيع الديمقراطي في المغرب وقوانين الصحافة لم تشملها المراجعة، ومفيدا أن الوزارة الوصية تبذل قصارى جهدها في تحيين المنظومة القانونية. ودعا أوعبي في محاضرة بعنوان «الإعلام والديمقراطية» الصحافيين إلى هيكلة مهنة المتاعب، مبرزا أن لا أحد يجب أن يهيكلها إلا أبناءها، قائلا «لا يعقل تنظيم ثلاث سلط، وترك السلطة الرابعة إلى حين»، موضحا أن من بين ما يجعل المغرب متأخرا في الترتيب حرية الصحافة، ويرى المتحدث أن تقارير منظمة مراسلون بلا حدود وغيرها حول المغرب غير دقيقة، لإشكالية المعايير التي تعتمدها حسبه، لأن معايير الدانمارك ليست هي معايير اتيوبيا يقول أوعبي، مضيفا أن الصحافيين المغاربة من أذكى المواطنين، فهم يقرؤون حسبه مابين السطور، ويمكن خداع السياسي أو رجل السلطة، لكن لا يمكن خداع الصحافي. ولا بد حسب أوعبي من استحضار التحول الذي يعرفه الإعلام نحو الانتقال من المكتوب إلى الرقمي، قائلا»لا تخيفنا ظهور وسائل إعلام جديدة بل ينبغي تضافر الجهود»، مشيرا إلى أن ما قامت به الصحافة المكتوبة لن تقوى مختلف الآليات على القيام به، ودورها لا ينسى وهي فاعل أساسي ومهم يضيف أوعبي. وأبرز صاحب عمود «حديث خاص» تنشره جريدة العلم، أن الصحافة اليوم محتاجة إلى مدونة سلوك، قائلا «عدد من الصحف اليوم غلب عليها المال حتى قلت الصحف الجادة»، مشددا على أن سلوكيات المهنة من الأمور التي يجب التفكير فيها، موضحا أنه لم يحدث أن وقع في العالم أن مدونة سلوك تضعها جهات عليا، الصحفيون هم الذين يعدونها، مضيفا أن السلط الثلاث لا يجب أن تتحكم في السلطة الرابعة، بل لها سيادة نفسها لكن في إطار القانون. من جانبه أبرز محمد رامي رئيس القسم الاجتماعي في جريدة الإتحاد الاشتراكي أن الصحفي في المغرب متهم حتى تثبت إدانته، موضحا أنه لو طبق القانون في حق الصحفيين المغاربة لأصبح 99 في المائة منهم في السجون، مضيفا أنه لكي تنتفي تهمة القذف يتوجب أولا أن يتوفر الصحفي على مستندات، ثانيا أن تكون الوقائع المسندة متعلقة بأعمال الوظيفة العامة، ثالثا أن تتوفر حسن النية، رابعا أن يثبت الصحفي صحة الوقائع. ويجوز دائما إثبات صحة ما يضمنه القذف حسب رامي باستثناء أولا إذا كان القذف يتعلق بحياة الفرد الشخصية، ثانيا إذا كان القذف يرجع إلى أعمال مضى عليها أكثر من عشر سنوات، ثالثا إذا كان القذف يرجع إلى جريمة شملها العفو أو سقطت بالتقادم أو أدت إلى عقوبة محيت برد الاعتبار أو المراجعة. وأوضح رامي في مداخلته بمحور»الحماية القانونية للصحفي» أن إباحة نشر الخبر تستلزم أولا صحة الخبر وطابعه الاجتماعي، ثانيا الموضوعية وحسن النية، ثالثا اقتصار الصحفي على نشر الخبر في حجمه الحقيقي فلا يضفي عليه مبالغة أو تهكما أو سخرية. ودعا رامي الصحفيين إلى الانتباه إلى صياغة الخبر، ففي بعض الحالات يقول المتحدث تكون الواقعة صحيحة، ويكون المصدر موثوقا، لكن عند الصياغة تدخل ذاتية الصحفي، فيصبح الخبر متضمنا للقذف أو التشهير أو ما شابه مما يؤدي إلى متابعته. وذكر رامي أن المشرع المغربي تطرق بخصوص القذف والتشهير في القانون الجنائي المغربي إلى جرائم القذف والتشهير ومس الشرف من الفصل 442 إلى الفصل 448 من القانون الجنائي، حيث حدد عناصر القذف والتشهير والعقوبات المرتبطة بها، كما أحال في جانب منها على الفصول المتعلقة بها والمضمنة في قانون الصحافة.