شدد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة على أن حقوق القدس لا تقبل المساومة، وعلى الكيان الصهيوني أن يعي هذه الحقيقة، مؤكدا أن القضية الفلسطينية تواجه مخاطر كثيرة، مقترحا إنشاء صندق لصالح القدس وأن قطر ستقدم ربعه فيما الباقي ستدفعه الدول العربية، وداعيا إلى عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة تجمع «فتح» و«حماس» لتحقيق المصالحة الفلسطينية. فيما رحّبت الحركتان بالمقترح القطري. في وقت أكد فيه معاذ الخطيب، رئيس وفد الائتلاف السوري المعارض، الذي تسلم مقعد سوريا في القمة، أن الشعب السوري «صار زاهدًا» في المؤتمرات الدولية»، في إشارة إلى عدم خروج قرارات حاسمة من تلك المؤتمرات لإنهاء معاناته القاسية، موجّها نقدًا حادًا، في كلمته، التي استغرقت 20 دقيقة، إلى المجتمع الدولي. ودعا الشيخ حمد خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية على مستوى القادة، في دورتها الرابعة والعشرين، والتي انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، أمس، لمناقشة عدد من الملفات الساخنة في مقدمتها القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، وتطوير جامعة الدول العربية إلى إنشاء صندوق بمليار دولار لصالح القدس وقدم 250 مليون دولار لهذا الصندوق. وقال إن القدس «تواجه خطرا شديدا» و»على الدول العربية أن تبدأ تحركا سريعا وجادا في هذا الشأن». وطالب أمير قطر القمة «بانشاء صندوق لدعم القدس براسمال قدره مليار دولار.. وأعلن باسم قطر مساهمتنا بربع مليار دولار» على أن تغطي الدول العربية الأخرى القادرة المبلغ المتبقي. من جانب آخر، شدد أمير قطر على أنه لا بديل عن الإصلاح في العالم العربي «ولا مجال للقهر والاستبداد» محذرا من «إصلاح الوعود الزائفة»، كما دعا إلى عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة في أقرب وقت ممكن بمشاركة حركتي فتح وحماس لتحقيق المصالحة، وعدم انفضاض تلك القمة إلا بالتوصل إلى اتفاق وفق جدول زمني محدد لتحقيق المصالحة وتشكيل حكومة انتقالية مسؤولة عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. وفي مستهل الجلسة الافتتاحية للقمة التي انعقدت تحت شعار: «الأمة العربية: الوضع الراهن وآفاق المستقبل»، والتي تنتهي أشغالها اليوم الأربعاء، دعا أمير قطر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لشغل مقعد سوريا في القمة، فيما رفع علم «الاستقلال» الذي تعتمده الثورة مكان العلم المعتمد من النظام السوري. وقال أمير قطر في كلمته أمام القمة إنه يدعو كلا من الرئيس المستقيل للائتلاف السوري أحمد معاذ الخطيب، ورئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو وباقي أعضاء الوفد السوري معهما إلى شغل مقعد سوريا المجمد منذ أكثر من عام تنفيذا لقرار مجلس الوزراء العرب الذي عقد في القاهرة يوم السادس ن الشهر الجاري على وقع تصفيق في القاعة، حيث ترأس الخطيب الوفد السوري وجلس على مقعد رئيس وفد «الجمهورية العربية السورية». كما دعا إلى تقديم الدعم لدول الربيع العربي، وخاصة مصر، واعتبر ذلك «في هذه الظروف واجب علينا جميعا». الملف السوري وهيمن الملف السوري على قمة الدوحة بعد تصاعد الأحداث الدامية هناك، حيث تسلمت المعارضة مقعد سوريا الذي احتكره "آل الأسد" لعقود طويلة، باعتبار الائتلاف هو «الممثل الشرعي» لسوريا لدى الجامعة العربية. وكان وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو قد شدد في مقابلة مع قناة «الجزيرة» على أن الرئيس السوري بشار الأسد «ليس له مكان في سوريا المستقبل». ووجه معاذ الخطيب، رئيس وفد الائتلاف السوري المعارض رسائل واضحة وقوية إلى القادة العرب والعالم، وقال إن الشعب السوري «صار زاهدًا» في المؤتمرات الدولية»، في إشارة إلى عدم خروج قرارات حاسمة من تلك المؤتمرات لإنهاء معاناته. ووجّه نقدًا حادًا، في كلمته، التي استغرقت 20 دقيقة، بالقمة العربية في الدوحة، أمس، للمجتمع الدولي قائلاً: «هناك مَنْ لا يزال يحك في رأسه قبل أن يوجّه دعمًا للشعب السوري». وأضاف، في لهجة بدت غاضبة، أن الشعب السوري «يرفض وصاية أي جهة على قراراته»، وأن تدخّل البعض «عقد المسألة»، مشددًا على أن «الشعب السوري وحده هو من فجّر الثورة، وهو وحده من يحدد طريقها». وأشاد معاذ الخطيب بمبادرة الجامعة بمنح مقعد سوريا للمعارضة، ووصفها ب»الشجاعة»، كما وجه الشكر لكل دول العالم التي تدعم الثورة السورية، مطالبًا هذه الدول بالوفاء بالتزاماتها. وأضاف أن الشعب السوري لا يحتاج إلى «المافيا الأسدية»، والشعب السوري هو من سيقرر من سيحكمه، وكيف سيحكمه؟ وليس لأحد أن يتكلم باسم السوريين، الشعب السوري فقد الثقة بأي مؤتمر دولي لا يمرر الحد الأدنى من القرارات الفعلية التي تنقذه من محنته. وأوضح الخطيب أن النظام السوري يحاول تفجير صراعات طائفية داخل البلاد، ويعتقل النساء والأطفال، وبينهم طفل عمره عام، ويرفض أي حل للأزمة، محملاً النظام الحاكم مسؤولية استمرار العنف. وفي موقف لافت، اغرورقت أعين الحاضرين بالدموع خلال استماعهم لكلمة الخطيب التي تحدث فيها، بأسلوبه الدعوي، والتي سرد فيها بشكل مؤثر القصص الإنسانية للسوريين و»الجرائم الوحشية» التي يتعرضون لها على يد النظام السوري، حيث وصف الشعب السوري بأنه «الشعب الوحيد في العالم الذي تقصف فيه الأسلحة أفران الخبز»، وقال الخطيب «اعذروني إن خرجت عن الأعراف الدبلوماسية». وأردف: «أدعو العالم إلى زيارة لسجن موجود في فندق الكارتون الكائن أمام الفرع 215 التابع للمخابرات للوقوف على ما يعانيه السجناء السوريون فيه». وتابع: «أحد تلامذتي تم تعليقه من يديه في هذا السجن 7 أيام تحت التعذيب، وكان بين جثث منتفخة يخرج منها الدود ما أدى إلى جنونه من شدة الرعب». وأضاف في تأثر بالغ «كانوا يجبرون الشاب على النوم فوق تلك الجثث، ثم ذبحوه أمام سجناء آخرين». وتأثر الكثير من الحاضرين المشاركين بالكلمة القوية والمؤثرة، حيث انسابت الدموع من أعينهم. وأضاف: أن ما يجري في سوريا هو صراع بين الحق والباطل، وأن الشعب السوري دفع 100 ألف شهيد ثمنًا لحريته، وهو الآن يتعرض للقتل ويدفع ثمن حريته، مطالبًا بأشكال الدعم كافة للشعب السوري، وتقديم مساعدات عاجلة وتجميد أموال النظام. من جانب آخر، طالب رئيس الائتلاف السوري المعارض قادة العرب إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين في الوطن العربي، معتبرًا أنه إذا تحقق سيكون «يوم انتصار للشعوب العربية». وأضاف مخاطبا القادة العرب: «اتقوا الله في شعوبكم، وازرعوا الحب في كل مكان»، مردفًا «شعوبنا أمانة ثقيلة نسأل الله على إعانتنا على حملها». وبعث بتحية سلام من الشعب السوري بكل معاناته إلى الحاضرين، مؤكدًا أنه كان يتمنى «استمرار الثورة سلمية، لولا استخدام النظام للقوة المفرطة ضده». وختم الخطيب كلمته موجها حديثه للقادة العرب «اتقوا الله في شعوبكم وازرعوا الحب والإحسان وأقيموا العدل».