أي سياسة للاتحاد الأوروبي بدول المغرب العربي وشمال إفريقيا، أو دول الجوار كما يسميها الاتحاد ، بعد الربيع الديموقراطي العربي؟ سؤال لم تتضح بعد على ما يبدو معالم الجواب عنه لدى مسؤولي الاتحاد، حيث ما يزال التردد يلف مستقبل العلاقة مع بعض هذه البلدان وخصوصا مصر وليبيا، وتونس بدرجة أقل . "بتر ستانو"، الناطق الرسمي باسم "ستيفن فول " المفوض الأوروبي المسؤول عن التوسيع وسياسة الجوار، أكد في لقاء صحافي ببروكسيل في 17 يناير مع صحافيين مغاربة بمقر المفوضية ببروكسيل، أن الاتحاد الأوربي أعاد النظر في مقاربة دعم الاستقرار التي كان ينهجها في مساعدة هذه البلدان حتى ولو كانت أنظمتها دكتاتورية إلى مقاربة رهن المساعدات بالاصلاحات الهيكيلية والديموقراطية وحقوق الانسان وحرية التعبير والحكامة الرشيدة والتنمية الاجتماعية وضمان إشراك المنظمات غير الحكومية. غير أن هذه المقاربة لم تتجسد بعد بالشكل المطلوب في هذه البلدان التي أطاحت بأنظمتها الدكتاتورية وتحتاج في شق طريقها الديموقراطي إلى دعم استثنائي. ففي دجنبر الماضي دعا بعض المسؤولون الأوروبيين إلى وقف المعونات التى يقدمها الاتحاد الأوروبى إلى مصر بعد الاعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى. ومن جهة أخرى ما تزال قضية الأموال المهربة خارج مصر إبان حكم الرئيس لم تجد طريقها إلى الحل، وقد ناشدت سفيرة مصر في بروكسل، الخميس 24 يناير المنصرم، دول الاتحاد الأوروبي لدعم الجهود المصرية من أجل استرداد هذه الأموال المهربة. وقالت - في كلمة ألقتها خلال الندوة التي نظمتها المجموعة الاشتراكية الديمقراطية في البرلمان الأوروبي، والتي دار محورها حول «الربيع العربي..عملية استرداد الأموال المهربة»، إن "مصر في الوقت الذي تنظر بعين الاعتبار والتقدير لحزمة القرارات والتصريحات والبيانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي لمؤازرة الجهود المصرية في هذا الصدد، إلا أنها تدعو الدول الأعضاء بالاتحاد لتفعيل هذا الموقف المنفتح، الذي طالما أعلن عنه الاتحاد الأوروبي، أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة". بالنظر إلى المغرب الذي شهد إصلاحات سياسية معتبرة في ظل الاستقرار، تبدو الصورة أكثر وضوحا في العلاقة، التي اتسمت بالاستمرارية منذ 1969 تاريخ توقيع اتفاقية تجارية بين الطرفين إلى 2008 مع الوضع المتقدم، وهو ما عبر عنه "طوماس فيج" المسؤول عن التعاون بين الاتحاد والمغرب وتونس وليبيا الذي أكد أن المغرب يحتل المرتبة الأولى ضمن البلدان المستفيدة من الدعم الأوروبي بميزانية قدرها 1,2 مليار أورو ما بين 2007 و2013، وتؤكده الحركية المكثفة في الآونة الأخيرة للاتحاد بالمغرب سواء على المستوى الديبلوماسي والإعلامي والتي تهدف إلى التعريف بجهود الاتحاد في دعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلانا وبالخصوص في قطاع التعليم والصحة ومحاربة الأمية. لكن غير بعيد من مقر المفوضية الأوروبية وبالضبط داخل مقر البرلمان الأوروبي كان ل"بيتر كراوس"، المسؤول في الإدارة العامة للسياسات الخارجية للبرلمان في ذات الجولة الصحفية للوفد المغربي ببروكسيل رأي آخر من زاوية أخرى في العلاقات الأوربية المغربية هو أنه لا يستبعد تصويت البرلمان الأوروبي ضد اتفاقية الصيد البحري التي يتم التفاوض حولها الآن، وعزا كراوس السبب إلى لوبي مناوئ للتوجه المغربي، ويأتي هذا التصريح بعد مفاوضات سابقة بين الطرفين قرر البرلمان الأوروبي إلغاءها في 14 ديسمبر 2011 بسبب ملف الصحراء المغربية. الصورتان المتقابلتان تدفعان للتساؤل حول ما إذا كانت سياسة الاتحاد تجاه دول الجوار ومنها المغرب تتحكم فيها أمور ثلاثة، الأولى لغة اليد العليا واليد السفلى. والثانية: سياسة العصا والجزرة من خلال تطبيق نهج "المزيد من التمويل مقابل المزيد من الإصلاح"، طبعا بحسب المعايير الأوروبية وقيمها، وربط المزيد من التمويلات بالمزيد من المساءلة، وأخيرا الأولوية للمصالح. المغرب شريك استراتيجي لأوروبا من حيث السوق الاقتصادية، وباعتبار موقعه الجغرافي والسياسي لاشك أنه فاعل أساسي في ملفات كالأمن والهجرة ومحاربة الإرهاب في منطقة الساحل، فلا محيد عن أن يكون تعاطي الاتحاد في مستوى متناغم ما بين الدعم والتنمية والحوار السياسي، وأن تكون العلاقة مبنية على الشراكة و ليس على الفرض، والمساءلة المتبادلة في كلا الاتجاهين كما عبرت عن ذلك الممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي "كاترين أشتون" في ماي 2011.