ونحن نودع سنة 2012 مجموعة من الأسئلة تتبادر إلى الذهن حول الإبداع المغربي: ماذا قدم الإبداع المغربي للمجتمع هذه السنة؟ أية نوعية من الإبداع طفت على السطح؟ هل يمكن الحديث عن إبداع ما بعد الربيع الديمقراطي؟ هل واكب إبداعنا سواء على المستوى السينمائي أو المسرحي أو الأدبي التحولات التي عاشها المغرب و الوطن العربي ككل؟ ما موقع هوية وقيم المغاربة في هذا الإبداع؟إن المتأمل لما يجري على الساحة الفنية والأدبية المغربية يلاحظ أن هناك فجوة كبيرة بين واقع المبدع وهواجسه و استيهاماته وبين المتلقي أو المجتمع الذي عاش تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة والذي يتطلع أن يرى قضاياه المصيرية متداولة في هذا الإبداع انطلاقا من مرجعيته الثقافية والقيمية. إن هناك تناقضا كبيرا يعيشه هذا الإبداع المتداول والذي ينسب إلى نفسه وينتحل صفة الحداثية فهو من جهة يدعي أنه يتطرق إلى مواضيع اجتماعية وفكرية هامة و يبحث عن تكسير ما يسمى بالطابوهات، كما رأينا في بعض المسرحيات وبعض الأفلام وأيضا بعض الروايات المغربية بالعربية وبالفرنسية، لكن في حقيقة الأمر لم يكسر شيئا سوى لغته وهويته، فهو إبداع يفتقد إلى العمق و إلى الرؤية الناجعة، بل إنه إبداع لا رؤية له ولا مشروع فكري له سوى العبث باسم حرية الإبداع و باسم الحداثة الزائفة.إن ما رأيناه مثلا في بعض الروايات و بعض المسرحيات وأيضا بعض الأفلام المغربية التي أبانت عن ضعفها الفني (ركاكة وابتذال وسوقية في اللغة والحوار وقصور في البناء الدرامي وبناء الشخصيات وشح في الأفكار أمام جرعات قوية من الجنس والبورنوغرافية) وعن فقر أصحابها أدبيا و فكريا، الذين هم مطالبون اليوم إعادة النظر في مفهومهم للإبداع وللفن(عكس الدعارة الفكرية التي يمارسون أحيانا لتحقيق بعض المآرب الشخصية) يوضح بقوة أن إبداعنا في حالة من المراهقة، فالمراهق عندما يحس بعنفوان شبابه يعتقد أنه قوي وأنه حر طليق في الوجود، يفعل ما يشاء، فيتحدى الكل ويتمرد على محيطه العائلي والاجتماعي. وبالتالي تكون تصرفاته بمثابة كوارث متتالية سيما عندما يحكم هواه ونزواته. وعليه فإننا مضطرون أن ننتظر وصول هذا الإبداع، الطاغي على الساحة الفكرية والفنية، إلى سن الرشد ليحكم عقله و عواطفه الصادقة والنابعة من أصالته و اعتزازه بهويته وقيمه، كي يعطينا أفضل ما لديه. لكن حتى لا نعطل عجلة التاريخ حيث الصراع الأبدي بين الحق والباطل، بين الحقيقة والزيف، لابد من التمكين للإبداع المسؤول و فتح الطريق له إعلاميا و اجتماعيا و جامعيا. المناظرة الوطنية للسينما أفرزت المناظرة الوطنية حول السينما المنعقدة بالرباط أيام 16/17/18 أكتوبر 2012 بالرباط أزيد من 200 توصية ستكون النواة الأساسية للكتاب الأبيض المزمع إصداره بداية سنة 2013 والذي سيشكل خارطة طريق لمستقبل السينما بالمغرب. المناظرة كانت ضمن أبرز أحداث سنة 2012 ولعل أبرز حدث فيها هي الرسالة الملكية وذلك وسط حضور كثيف للمخرجين والممثلين والتقنيين وفعاليات سينمائية وإعلامية مختلفة، المناظرة التي افتتحت بالرسالة الملكية التي تعد الأولى من نوعها لأهل السينما والإبداع تراهن على أن تدشن مرحلة جديدة وأن تحدث قفزة نوعية في القطاع السينمائي المغربي، وهو ذات المنحى الذي زكته الرسالة الملكية عندما قالت « إن هذا المخطط الإصلاحي الذي ستتبلور صيغته النهائية، من خلال حواراتكم ومناقشاتكم في هذه المناظرة ، سيمكن بعون الله، من تحقيق نقلة نوعية في مسيرة هذا القطاع، يقينا منا أن بلوغ النهضة السينمائية الوطنية المنشودة، يستوجب سياسة عمومية ناجعة وذات أبعاد متعددة. في هذا الاتجاه ثمنت الرسالة الملكية الأولى من نوعها إلى المشاركين في أشغال المناظرة الوطنية حول السينما بالمقاربة التشاركية التي اعتمدتها وزارة الاتصال في التحضير للمناظرة وعبرت الرسالة التي تلاها المستشار الملكي عبد اللطيف المنوني عن تطلع المؤسسة الملكية إلى أن تحقق المناظرة نقلة نوعية للقطاع السنمائي، ودعت المجتمعين إلى التركيز على تحقيق الجودة في الإنتاج، للانتقال من الرصيد الكمي إلى التراكم الكيفي، في إطار تثمين الهوية المغربية، والانفتاح الواعي والمتبصر على تفاعل الثقافات والقيم الإنسانية الكونية. استهداف المتدين واللغة الساقطة والجنس من بين المجالات التي تتعرض فيها القيم والهوية للمذابح المتواصلة كما خلص لذلك العديد من النقاد السينمائيين والفاعلين الدعويين هو المجال الفني، حيث يجل أن جل الإنتاجات السينمائية لسنة 2012 والتي قبلها، كانت محكومة بثلاثية استهداف المتدين وتشويه صورته وتقديمه بكونه ذلك الإرهابي المتعطش للدماء وتدمير العالم، وأيضا عنصر اللغة الساقطة التي ضربت العديد من الأفلام المغربية بشكل خرجت معه هذه اللغة من الحانات والأوكار إلى المنازل والشوارع والفضاءات العمومية. إلى جانب الإغراق المجاني لعدد من هذه الأفلام باللقطات الجنسية والبورنوغرافية بشكل أصبحت معه صفة ملازمة لمعظم تلك الإنتاجات إلا ما رحم ربك، وضمن هذه الأفلام النظيفة نجد على سبيل المثال لا الحصر فيلم «شي غادي شي جاي» لحكيم بلعباس، و»أيادي خشنة» لمحمد العسلي، و»نهار تزاد طفا الضو» لرشيد الوالي وغيرها، فيما ذهبت جل الإنتاجات الأخرى والممولة طبعا من جيوب دافعي الضرائب إلى الاتجاه الأسوء الذي تبنى رسميا استهداف المتدين وواستثمار دقائق الفيلم في التهكم على قيم المغاربة والتنكيل بها وهنا نجد على سبيل المثال أيضا «موشومة» للحسن زينون و»عاشقة الريف» لنرجس النجار و»موت للبيع» لفوزي ابن سعيدي و»السيناريو» لعزيز سعد الله و «يا خيل الله» لنبيل عيوش و»ملاك لعبد السلام الكلاعي و»عودة الإبن» لبولان و»بن إكس» لدريس الروخ وغيرها كثير