صفاء، تلميذة في القسم الثاني ابتدائي، تتميز بالتفوق في دراستها، إلا أنها في الليل تكرر عملية وضع الأيدي على عينيها كلما همت والدتها بدعوتها للاستلقاء فوق سرير النوم لتضع لها الحفاظات مثلما تضعها لأخيها الصغير الذي لا يتجاوز عمره سنة واحدة. صفاء كما تقول والدتها، تتفوق في النهار ويبدأ الخجل على محياها كلما حان وقت نومها بالليل لأنها لم تتقبل أن توضع لها حفاظات مثل الأطفال الصغار جدا، وذلك بسبب معاناتها من التبول اللاإرادي. حسن تجاوز عمر صفاء وبلغ من العمر 10 سنوات، لكنه ما يزال ينعت من قبل إخوته بالتبول في الفراش، ورغم تضايقه من هذه الصفة التي يكرهها فإنه لا يستطيع التخلص منها لوحده، بل إنه أصبح يسرع كل صباح ليجمع فراشه قبل أن تراه أسرته. وليس صفاء وحسن سوى قطرة في واد من الأبناء الذين يعانون وأسرهم من مشكلة التبول اللاإرادي ومنهم من سلك طرقا تقليدية ومنهم من سلك أخرى سلوكية ومنهم من توجه صوب عيادة الطبيب، كلهم أمل في أن يتخلصوا من مشكلة تسبب لهم حرجا نفسيا أمام ذويهم وأمام الأغرراب إن كانوا في زيارتهم. تعريف التبول اللاإرادي يعرف وليد مراد وهو ممارس للعلاج النفسي التبول اللاإرادي بكونه من أكثر الاضطرابات شيوعاً في مرحلة الطفولة، وهو عبارة عن الانسياب التلقائي للبول ليلا أو نهارا، أو ليلا ونهارا معاً لدى طفل تجاوز عمره الأربع سنوات، أي السن التي يتوقع فيها أن يتحكم الطفل بمثانته. ويمكن أن يكون التبول أوليا، بحيث يظهر في عدم قدرة الطفل منذ ولادته وحتى سن متأخرة على ضبط عملية التبول. أو يكون التبول ثانوياً، بحيث يعود الطفل إلى التبول ثانية بعد أن يكون قد تحكم بمثانته لفترة لا تقل عن سنة. وفى بعض الأحيان يترافق التبول اللاإرادي بالتبرز اللاإرادي أيضا وهو مشكلة لها حل. أسباب التبول اللاإرادي عند الأطفال؟ يقول وليد مراد: «إن هناك عوامل نفسية واجتماعية وتربوية وفيزيولوجية مرتبطة بهذه المشكلة لدى الأطفال كالتالي: العوامل النفسية والاجتماعية والتربوية ومنها: الإهمال في تدريب الطفل على استخدام المرحاض لكي تتكون لديه عادة التحكم في البول. التدريب المبكر على عملية التحكم مما يسبب قلقا لدى الطفل. استخدام القسوة والضرب من قبل الوالدين. التفكك الأسرى مثل الطلاق والانفصال وتعدد الزوجات وازدحام المنزل وكثرة الشجار أمام الطفل. مرض الطفل ودخوله إلى المستشفى للعلاج. بداية دخول الطفل للمدرسة والانفصال عن الأم. الانتقال أو الهجرة من بلد لآخر أو من مدينة لأخرى. الغيرة بسبب ولادة طفل جديد في الأسرة. نقص الحب والحرمان العاطفي من جانب الأم. العوامل الفيزيولوجية يقول وليد مراد أيضا: «تتمثل العوامل الفيزيولوجية في وجود أسباب تتعلق بالنوم العميق لدى الطفل، وعادة ما ترتبط العوامل الاجتماعية والتربوية والنفسية بالعوامل الفيزيولوجية في أسباب التبول اللاإرادي عند الطفل. كيفية التغلب على التبول اللاإرادي عند الطفل: إن معاناة الطفل من هذه المشكلة تنعكس على حالته النفسية، فيصاب بالاكتئاب والإحراج بين زملائه، ويشعر بالنقص والدونية، ويلجأ إلى الانزواء والابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية، وقد يكون عرضة لسخرية إخوته وزملائه فيثور بعصبية وقد يلجأ للعنف، ومما يزيد من حالته توبيخ الأم له وتوجيه العقاب البدني مما يزيد ذلك من استمراره في التبول. برنامج إرشادي ونصائح لمساعدة الطفل على التخلص من مشكلة التبول اللاإرادي ينصح بتوفير الأجواء الهادئة فى المنزل لإبعاد التوتر عن الطفل، وتوجيه الإخوة بعدم السخرية والاستهزاء من مشكلة الطفل، إضافة ضرورة مراجعة الطبيب للتأكد من سلامة الجهاز البولي عند الطفل، هذا مع ضرورة الالتزام بالهدوء والتحلي بالصبر على مواجهة هذه المشكلة، وإشعار الطفل بالثقة في النفس وترديد عبارات الثناء والتشجيع بأنه قادر على التغلب على هذه المشكلة. وينبغي مساعدة الطفل على النوم ساعات كافية بالليل، وأن ينام بالنهار ساعة واحدة فقط، لأن ذلك يساعد في التغلب على مشكلة عمق النوم. ومن الضروري أن يكون غذاء الطفل صحياً وخاليا من التوابل الحارة أو من الموالح والسكريات، كما ينصح بتشجيع الطفل على الذهاب لدورة المياه قبل النوم، وكذا تشجيعه على عدم تناول المشروبات الغازية والسوائل قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل. وعلى الأسرة التي يعاني ابنها من مشكل التبول اللاإرادي توفير أغطية وملابس داخلية بقرب الطفل وتشجيعه على القيام بتبديلها بمفرده في حالة التبول حتى يشعر بمسؤوليته تجاه هذه المشكلة. ويمكن إيقاظ الطفل بعد ساعة ونصف تقريبا من نومه لقضاء حاجته، وتكرار ذلك بعد ثلاث ساعات من نومه. ويفضل استخدام أساليب التشجيع اللفظي مثل «أنت اليوم ممتاز لأنك لم تبلل فراشك». ونطلب من الطفل ونساعده في إعداد جدول أسبوعي يسجل فيه الأيام الجافة، وذلك بمكافأة رمزية (ملصق نجمة أو وجه باسم/ أو .. ) وكتابة ملاحظات أمام الأيام المبللة.