العدالة الإلهية... والتفاضل في الأرزاق لماذا يغني الله بعض الناس ويفقر بعضهم الآخر؟ سؤال غريب يجعل السائل في ضلال وحيرة وضحية الوساوس والأفكار فما السبيل لاسترداد الثقة واليقين بالله في يدبير الأرزاق وطرد همزات الشيطان اللعين الموسوس. يقول الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي:المؤمن، قد تعرض له وساوس، وقد تهجس في نفسه هواجس، ولكنه إذا كان صاحب إيمان ويقين وكان موفقًا من الله عز وجل، سرعان ما تزول تلك الوساوس وتختفي الهواجس، ويعود إليه منطق الإيمان ونور العقيدة القويمة والاطمئنان. أما بالنسبة للسائل فقد اعترضت له هذه الوساوس، بناها على خطأين كبيرين : الأول: اعتقاده أن الغنى المادي هو كل شيء أو أعظم شيء في هذه الحياة وأن العدل يقتضي أن يسوي الله بين الناس، في الفقر والغنى، وفي المال والثروة وهذا هو الخطأ الأول. وليعلم ذلك الأخ أن المال ليس هو كل شيء في هذه الحياة، كلا ... فكم من الأغنياء يعوزهم الذكاء، أو تعوزهم الحكمة، أو تعوزهم الصحة، والعافية، أو تعوزهم الأسرة الهنيئة، أو يعوزهم الولد، وإذا كان عندهم الولد يعوزهم الولد البار، والزوجة الصالحة ... يعوزهم أشياء كثيرة. فالمال وسيلة للإنسان.وليس مِلك المال إذن هو كل شيء.. لكن الإنسان المتعجل، المتسرع، السطحي ينسى النعم التي أنعم الله بها عليه، لو عد الإنسان ما يملك لأعياه ذلك وما استطاع أن يحصيه: نعمة البصر... كم تقدرها؟ والسمع، والشم، والذوق، الأنامل، الأسنان، الأجهزة التي في داخل جسمك فضلاً عن الذكاء والنطق، لو حسب الإنسان هذه الأشياء والنعم التي يملكها في جسمه وحده وأمكنه تقديرها وإحصاؤها لبلغت مئات الملايين ... والحقيقة أن تلك النعم لا تُقدر ولا تُحصى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). (إبراهيم: 43 ( إنما الحكمة في هذا التباين، ليظهر الابتلاء، ويتحقق الامتحان، ليتميز من يشكر ممن يكفر، ومن يجزع ممن يصبر، ومن يعمل صالحًا ممن يعمل غير ذلك. والخطأ الثاني الذي أخطأه الأخ السائل، هو تصوره حكمة الله خطأ. وتصوره عدل الله خطأ. تصور العدل والحكمة على حسب عقله القاصر. هل نستطيع نحن البشر أن نحدد لله مفهوم الحكمة ؟ وأن تكون حكمته تعالى على أهوائنا (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض). (المؤمنون: 17 ( كل واحد، يظن أن الحكمة ينبغي أن توافق هواه ... ولو حدث ذلك بالفعل، لما تأَتَّي للحياة أن تستقيم. فالشاب، الذي يدخل على عروسه في ليلته الأولى يقول:. يا رب ! ... أطل هذا الليل !!. بينما المريض يستغيث ويدعو قائلاً: يا رب ! .... متى يطلع الصباح ؟!. فلمن يستجيب الله فيهما ؟. إن الله عز وجل ليس على هوى هذا ولا على هوى ذاك !!. إنما له حكمة، قد نعرفها ولا نعرفها. وكم لله من سر خفي يدق خفاه عن فهم الذكي !. وفي الأخيرفعلى هذا الشاب الذي راوده الشك، وفعل ما فعل يومًا ما، أن يستغفر الله، ويتوب إليه، ويجدد إيمانه وثقته بالله، ويعود إلى الصلاة، ويتصل بأهل العلم والدين لعل الله يتقبله، ويجعله من الشباب الصالحين.