يؤكد الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، أن تداعيات الموقف الشيعي من الثورة السورية إن استمر على ما هو عليه الآن، فسيؤدي إلى عزلة خانقة لإيران وحزب الله، وسيسهل على أعدائهم تنفيذ ما عجزوا عنه خلال أكثر من ثلاثين سنة، ويضيف المسؤول العلمي بالمكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح في هذا الحوار القصير ل «التجديد» أن الشيعة وحتى لو راجعوا حساباتهم وغيروا موقفهم في وقت قريب، فلن يستطيعوا استعادة مصداقيتهم ومكاسبهم إلا بعد أجيال، وقوف الشيعة بقيادة إيران وحزب الله ضد إرادة الشعوب اليوم بالوطن والعربي وإرادة الشعب السوري على وجه التخصيص ستكون ضريبته مكلفة على المد الشيعي إذ ستكشف السنوات القليلة المقبلة حسب الأستاذ السابق بجامعة محمد الخامس عن انحسار كبير للمد الشيعي بالعالم الإسلامي السني أو ربما نهايته. ● قراءتكم لخلفيات الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد ووقوف إيران ضد إرادة الشعوب بالوطن العربي وخاصة الشعب السوري؟ ❍ النظام السوري منذ حافظ الأسد هو الحليف الاستراتيجي الوحيد لإيران في العالم العربي والإسلامي، وقد شكل جسر عبور للنفوذ الإيراني في المنطقة العربية. فمن خلاله دخلت إيران إلى الساحة الفلسطينية بمختلف فصائلها الإسلامية واليسارية، ومن خلاله وطدت أركانها في لبنان، وبفضله ربحت علاقات جيدة في صفوف الأحزاب والتيارات العروبية... فمن هنا يعتبر الإيرانيون أن علاقتهم مصيرية مع النظام السوري، وأن سقوطه يشكل خسارة كبرى لهم، بل هو ضربة مزلزلة لمكاسبهم السياسية في المنطقة. فعلى هذا الأساس يبنون موقفهم ويخوضون معركتهم إلى جانب النظام السوري. ● وماذا عن خلفيات وقوف حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله إلى جانب نظام بشار؟ ❍ هي نفسها خلفيات الموقف الإيراني، فحزب الله جزء من المنظومة الإيرانية. بل إن احتياج حزب الله للنظام السوري هي أشد من حاجة النظام الإيراني، وقد تكون بالنسبة إليه مسألة حياة أو موت. للأسف لقد غلَّبوا الحسابات القصيرة والأرباح الصغيرة. ● ما هو الأثر الذي تتوقعون أن يتعرض له المد الشيعي بالعالم والوطن العربي جراء موقف إيران وحزب الله هذا، خاصة أن المد الشيعي لم يتأثر عبر السنين من العديد من الضربات التي تعرض لها زعماؤه؟ ❍ لا شك أن السنوات القليلة القادمة ستكشف الانحسار الكبير - أو حتى النهاية - للمد الشيعي في العالم الإسلامي السني. فالموقف الشيعي المخزي من ثورة الشعب السوري أفقدت أصحابه كل مصداقية، ووضعتهم في صف أعداء التحرر وأعداء الشعوب. من قبل كان النظام الإيراني وشيعته يتلقون الضربات من الغرب ومن بعض الأنظمة العربية، فكان ذلك لا يزيدهم إلا شعبية ومصداقية، أما اليوم فهم يخربون بيوتهم بأيديهم. هم اليوم يدوسون مبادئهم وشعاراتهم التاريخية. إنهم يقتلون الحسين ويقاتلون في صف الحجاج وورثته، فأي تشيع يبقى لهم بعد هذا؟ ● كيف تنظر إلى مستقبل موازين القوى بالمنطقة على ضوء هذا التحول الجاري في موقف الشيعة؟ ❍ منذ نهاية سنة 2011 إلى الآن، وموازين القوى آخذة في التغير لفائدة الشعوب والقوى الشعبية ضد الاستبداد والمستبدين. وأظن أن هذا المسار سيعيد رسم الخرائط السياسية وسيعيد تصحيح الموازين المختلة في الوطن العربي، وسيكون له تأثير عميق في السياسات والعلاقات الدولية. ولكن هذا كله سيمر عبر جهود مضنية تحتاج إلى كثير من اليقظة والتعبئة، ولكن القطار انطلق على كل حال. أما بخصوص تداعيات الموقف الشيعي من الثورة السورية، فهو إن استمر على ما هو عليه الآن فسيؤدي إلى عزلة خانقة لإيران وحزب الله، وسيسهل على أعدائهم تنفيذ ما عجزوا عنه خلال أكثر من ثلاثين سنة. وحتى لو راجعوا حساباتهم وغيروا موقفهم في وقت قريب، فلن يستطيعوا استعادة مصداقيتهم ومكاسبهم إلا بعد أجيال. وبالمقابل سترتفع مكانة مصر وزعامتها، معززة بباقي دول الربيع العربي ومن تبعهم بإحسان.