رسم تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان صورة قاتمة عن وضعية المستشفيات العقلية بالمغرب، مسجلا مجموعة من النقائص التي تعتري تلك المؤسسات العمومية. ونبه التقرير خلال ندوة صحفية نظمها المجلس بمقره بالرباط صباح أمس الثلاثاء، إلى تقادم نص القانون المتعلق بالمرض العقلي والقوانين المتصلة به وعدم ملاءمتها، موصيا بإحياء اليوم الدولي للصحة العقلية يوم 10 أكتوبر من كل سنة، بدءا من السنة الجارية، واتخاذه مناسبة وطنية للتوعية والنقاش والإعلام بخصوص الصحة العقلية، كما اقترح يوما وطنيا للصحة العقلية لتعزيز العلاقة الوثيقة بين الصحة العقلية والحقوق الإنسانية. هذا ويضم القطاع العام 172 طبيبا نفسانيا، و740 ممرضا اختصاصيا في الطب النفسي-حسب التقرير-، يتوزعون على الجهات والمؤسسات بكيفية غير متكافئة يوجد 54 في المائة منهم في محور البيضاء- الرباط، وما أكثر المؤسسات التي لا تتوفر سوى على طبيب نفساني واحد، وقد يكون بعض الأطباء معينين حيث هم ضدا عن إرادتهم أو في إطار إجراءات تأديبية، فيما يضم القطاع الخاص 131طبيبا نفسانيا. وفيما يتعلق بالمؤسسات، يتوفر المغرب حاليا على 27 مؤسسة عمومية لمعالجة الأمراض العقلية تشمل 16 مستشفا عموميا متوفرا على مصلحة للطب النفسي، و 6 مستشفيات متخصصة في الطب النفسي، و3 مستشفيات للطب النفسي تابعة للمراكز الاسشفائية الجامعية بالرباط ومراكش وفاس، ومصلحة للطب النفسي تابعة للمركز الاستئفائي الجامعي بالدار البيضاء ومصلحة للطب النفسي للأطفال تابعة للمركز الاستئفائي الجامعي بالبيضاء، فيما عدد أسرة مجمل هذه البنيات حسب معطيات وزارة الصحة 1725 سريرا بل ويعرف هذا العدد تناقصا مستمرا. وأثار التقرير مشكلة التكوين المستمر للممرضين والممرضات، وانعدام نظام أساسي في مجال الطب النفسي، عدم تحديد المهام، مع افتقاد الأمن والحماية. وفي تصريح لوزير الصحة، البروفيسور الحسين الوردي أكد هذا الأخير على أن الوزارة واعية بالمشاكل التي تتخبط فيها تلك المستشفيات منذ زمن بعيد، وأعلنت سابقا أن من أولوياتها النهوض والتكفل بالصحة العقلية.وشدد الوردي أن الإطار القانوني المتعلق بالوقاية من الأمراض العقلية يعود إلى سنة 1959 حيث كان المغرب من بين 15 دولة سباقة إلى تشريعه إلا أن هذا القانون لم يحين منذ ذلك الوقت بل صار اليوم متجاوزا-يضيف المتحدث نفسه-. ومن بين التدابير التي اتخذتها الوزارة سابقا، رصد 35 مليون درهم للتكفل بالمستشفيات كما تم رصد 52 مليونا لشراء الأدوية الخاصة بهذه الفئة من المرضى، كما تم حذف قرار الوزارة القاضي ببناء 7 مستشفيات للأمراض العقلية من أجل توفير مصالح متخصصة في هاته الأمراض بكل المستشفيات الجهوية(15 إلى 20 سريرا)، خدمة للمواطنين البعيدين عن المدن الكبرى التي تتواجد بها مستشفيات الصحة العقلية، وعلى اعتبار أن المرض العقلي مثله مثل باقي الأمراض الأخرى. هذا وتوقف تقرير المجلس الوطني عند الخدمات المقدمة للمرضى، مشددا على صعوبة قبول المرضى بسبب الاكتظاظ، حيث يبقى العلاج على العموم في حدود العلاات الدنيا والتقليدية تقريبا في معظم المؤسسات، ناهيك عن الاختلالات المسجلة على مستوى النظافة والوجبات المقدمة الغير كافية وكذا انعدام جسور إعادة الإدماج مما يحكم أحيانا على مسلسل العلاج بالفشل-يشدد التقرير-. من جهة أخرى، شدد التقرير أن المؤسسات في مجملها لا تدمج مقاربة النوع في مخططاتها وتصوراتها، ولا تعطي للنساء الاهتمام المستحق لهن اعتبارا لخصوصيتهن، وفيما عدا مصلحتي الطب النفسي للأطفال التابعتين للمركزين الاستشفائيين الجامعيين بالبيضاءوالرباط، فإن هذا المجال لا يحضى بأي اهتمام رغم دوره الهام في الصحة العقلية للساكنة، كما لا يحضى المسنون بالتكفل المناسب لهم، وتعتبر مصالح عالجة الإدمان الموجودة حاليا غير كافية بالنظر إلى ارتفاع حالات الإدمان على الكحول والمخدرات، كما أن الولوج إليها شبه متعذر بالنظر إلى إمكانيات المدمنين المعدمين. وكشفت المهمة التي قام بها المجلس أن السلطات القضائية لا تقوم بدورها في المراقبة على الوجه المطلوب، من حيث تواتر الزيارات ونوعية التقارير لمنجزة والتتبع، كما أبرزت من جهة أخرى أن الخبرات التي تأمر بها المحاكم غالبا ما يتم إسنادها إلى الطبيب النفساني الوحيد الموجود في المنطقة والذي يكون قد قام من قبل بمعالجة المعني، مما يؤدي إلى حالة تناف من ناحية أخلاق المهنة.