تمثل حركة بناء المساجد والإقبال عليها أحد تجليات تدين المغاربة، على مستوى إسهام المحسنين في بنائها أو الإقبال عليها وعلى مستوى تنامي الإشعاع العام لها، وهكذا، يسجل واقع هذه الحركة المشهودة ارتباطا كبيرا بين المغاربة والمساجد سواء من حيث صيانتها وتشييدها والعناية بها أو ارتيادها. وتتعدد وسائل تدخل المحسنين في بناء المساجد وإصلاحها ورعاية القائمين عليها؛ حيث يلتزم بعض المحسنين بأداء فاتورة الكهرباء والماء للمسجد أو المؤذن شهريا، وهو أشد حرصا على إخفاء إحسانه، أو يجلب فرشا جديدا للمسجد،أو آنيات للوضوء... كما ينافس العمل الأهلي في بناء المساجد ورعايتها إجراءات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ووعيا منها بفطرة المغاربة في البذل السخي للمساجد؛ تبنت الوزارة «مقاربة تشاركية ومنفتحة على مكونات المجتمع المدني (الأهلي) لإشراكها في مشروع بناء المساجد وإصلاحها؛ حيث أبرمت اتفاقيات تعاون وشراكات مع السلطات المحلية والمنتخبة». المحسنون يساهمون في بناء المساجد أكدت مديرية المساجد، بأن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تتلقى سنويا المئات من طلبات بناء المساجد أو توسعتها أو ترميمها وتقوم بدراستها والمصادقة على تصاميمها، كما تقدم المساعدة التقنية اللازمة للحفاظ على الطراز المغربي الأصيل واحترام المعايير الهندسية والضوابط الشرعية في عمارة المساجد. مضيفا ل «التجديد» بأن الوزارة تشجيعا للمحسنين على بناء المساجد، تقدم إعانات مالية للمحسنين تناهز 10 ملايين درهم سنويا وتهم مساجد العالم القروي على الخصوص. هذا، وعرف عدد المساجد التي رخصت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ببنائها وتوسعها تزايدا ملحوظا، بسبب تزايد إقبال المحسنين على بنائها، وارتفاع عدد المساجد التي وافقت الوزارة على بنائها. وأعلن تقرير مديرية المساجد، أن 363 مسجدا شيدت أو أعيد تشييدها وإصلاحها خلال السنوات الثلاث الماضية، سواء من لدن الوزارة أو من لدن المحسنين، تكلفتها التقديرية بلغت 1338 مليون درهم، ومجموع طاقتها الاستيعابية 214000 مصليا. وبينت الإحصاءات برسم سنوات (2009-2010-2011)، التي قدمتها وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، بأن المحسنين يساهمون بأزيد من نصف ما تقوم به الوزارة في بناء المساجد وإعادة ترميمها. بحيث بلغ عدد المساجد التي شيدت من قبل المحسنين 248 مسجدا، بطاقة استيعابية تقدر ب 115000 مليون مصل، وبتكلفة مالية وصلت 744 مليون درهم. فيما بلغ عدد المساجد التي شيدت من طرف الوزارة 115 مسجدا يسع 99000 مصليا، وبكلفة مالية إجمالية تقدر ب 594 مليون درهم. وكان الوزير أحمد التوفيق أكد بمناسبة الاحتفال ب» يوم المساجد»، بأن المحسنين والمحسنات في المغرب ظلوا دائما يتسابقون لبناء وإصلاح بيوت الله، مشيرا إلى أن منهم من بنى عشرة مساجد ومنهم من يبني مسجدا كل سنة. ارتفاع وثيرة بناء المساجد سنة 2011 أفادت معطيات مديرية المساجد بالوزارة الوصية، بأن عدد المساجد التي شيدت من طرف المحسنين وفتحت في وجه المصلين خلال السنة الماضية ارتفع إلى 107 مسجدا، وذكر تقرير المديرية أن الوزارة وافقت إلى جانب ذلك، على طلبات رخص بناء أو إصلاح أو توسعة 479 مسجدا، كان قد تقدم بها المحسنون والجمعيات، وقدمت لعدد منها المساعدة التقنية والدعم المالي. وأشارت المعطيات إلى أن المساحة الإجمالية التقديرية لهذه المساجد التي صادقت الوزارة على تصاميم بنائها وتوسعتها وإصلاحها من طرف المحسنين برسم سنة 2011، تبلغ 160 ألف و100 متر مربع، بطاقة استيعابية تقدر ب 120 ألف و75 مصلي، وبكلفة مالية تصل إلى 652 مليون درهم. وتتوزع هذه الملفات على العمليات التالية: 342 طلبا ببناء مساجد جديدة، 49 طلبا بهدم وإعادة بناء مساجد، 106 طلبا بالإصلاح والتوسعة. وتجدر الإشارة بهذا الصدد - حسب معطيات مديرية المساجد- إلى أن عدد الملفات المصادق عليها يفوق عدد المساجد التي تنجز فعليا. هذا، وكان المحسنون والجمعيات قد قدموا خلال سنة 2010، طلبات رخص بناء وتوسعة ل 195 مسجدا، فيما بلغ عدد المساجد التي شيدت من طرف المحسنين وفتحت في وجه المصلين إلى 58 مسجدا. فيما تقدم المحسنون والجمعيات خلال سنة 2009 بطلبات رخص بناء وتوسعة 229 مسجدا. وذكرت معطيات مديرية المساجد، بأنه في إطار البرنامج الاستعجالي لبناء المساجد بالأحياء الهامشية، الذي يهدف إلى بناء عشرين مسجدا كل سنة بالأحياء الهامشية للقضاء نهائيا وبشكل تدريجي على الأماكن غير اللائقة للعبادة، ساهم المحسنون سنة 2011 ببناء 10 مساجد بتكلفة تناهز 35 مليون درهم. أما في إطار برنامج بناء المساجد بالعالم القروي، وتشجيعا للمحسنين والجمعيات على بناء المساجد وإصلاحها، فقد قدمت الوزارة مساهمات وإعانات مالية بمبلغ 26 مليون درهم، استفاد منها 250 مسجدا معظمها بالعالم القروي. مساطر جديدة كانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أصدرت المراسيم التطبيقية لأحكام الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.84.150 المتعلق بالأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، ووضح درويش في تصريح ل «التجديد» بأنه سيتم العمل قريبا بمسالك ومساطر جديدة تحدد بدقة كيفيات إيداع الطلبات وآجال البث فيها، كما سيصدر دليل لبناة المساجد. وقد سبق لعبد العزيز درويش مدير المساجد أن أكد في حوار سابق ل «التجديد»، بأن مسطرة الترخيص لبناء المساجد كانت شيئا ما معقدة وتستغرق وقتا طويلا، قبل أن يأتي مرسوم الشباك الوحيد لتبسيط هذه المساطر وربح الوقت، لأن المحسنين كانوا يتصلون بجهات متعددة للحصول على رأيها، كما أن الإجراءات الإدارية والروتين كان يتطلب وقتا كثيرا، فإذا كانت وثائق الملف التي يدلي بها المحسن محددة بموجب قانون، وإذا كان مستوفيا للشروط تنعقد اللجنة التقنية التي تضم أربعة محسنين وتجمع جميع المصالح ربحا للوقت ويترأسها رئيس المجلس العلمي.