ورد اسم الله "الحيّ" في خمسة مواضع من القرآن الكريم مطلقاً، معرفاً مراداً به العلمية ودالاًّ على كمال الوصفية، من ذلك قوله تعالى في آية الكرسيّ:( اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)، وقوله جلّ وعلا: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الذِي لا يَمُوتُ ). وورد اسم الله الحيّ كذلك في سنة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم كما في الصحيح من حديث أبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلّم سأله: (يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قلت: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" ، فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم أبا المنذر). وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحيّ الذي لا يموت، والجنّ والإنس يموتون". معناه: الحي في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالحياة، والله سبحانه وتعالى الحيُّ معناه: الكامل في حياته لم يسبق حياتَه عدم ولا يلحقها فناء لأنه الأوّل الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء، قال الله عز وجل: { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } ، { كل من } لأجل أن يتبين في ذلك نقص المخلوقات وكمال الخالق جل وعلا، فهو سبحانه وتعالى الحي الكامل في حياته، وحياته لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه وحياة غيره كلها نقص. (شرح رياض الصالحين للعثيمين بتصرفٍ يسير). واسم الله الحي متضمن للحياة كوصف ذات، والإحياء كوصف فعل، إذ هو سبحانه مانح الحياة للأحياء في الدنيا، و مانح حياة الخلود الأبدي في اللآخرة. ففي الصحيح من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ"، ثُمَّ قَرَأَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم: }وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ {.