يوجد مسجد القطة أو الزكندري بحي القصور على مقربة من «باب فتوح» أحد الابواب القريبة من ساحة جامع الفنا ، وهو مسجد صغير بناه «صنايعي طالب علم» وأكمله «وزير عالم» ومازال يقصده التجار والصناع لتواجده داخل الاسواق بالمدينة العتيقة وأيضا سكان الأحياء المجاورة. ومرتبته عند المراكشيين كبيرة أولا لقدمه وبقائه قائما يؤدي وظيفته بالرغم من التغييرات التي أحدثت عليه ،وثانيا لتفرده حيث يحكى عنه أنه من المساجد القليلة المتجهة قبلتها على خط مستقيم إلى مكة مكرمة، وهذا لا يعني حسب العلماء أن قبلة المساجد الأخرى غير صحيحة وإن كانت منحرفة قليلا عن هذا الخط. وسمى بمسجد القطة نسبة إلى قصة طريفة وقعت في عهده مؤسسه «المعلم مسعود الدباغ» تلميذ أبي العباس السبتي، أعطاه الشيخ المذكور قطة ، وصادف أن كثر الفأر في الحضرة وظهر منه وثوب وفساد، وكان وزير الوقت يسكن بحي روض العروس درب الفران فهاجت الفئران وتعاظم الأمر على الوزير، فاتخذ الوسائل للقضاء عليها فلم يفلح، فاتفق أن قيل له صاحب الشيخ أبي العباس السبتي أن عنده قطة في غاية المراد، فأمر الوزير بإحضارها فألزمه حضورها فابى، فانتزعها من يده فلم يزد الفأر إلا طغيانا، فشعر الوزير وأحضر التلميذ المذكور فارضاه وبذل له دراهم عديدة، فأزال عنه تلك البلية، ومن حينه شرع في تأسيس تلك المسجد وجدده وشيده مناره الوزير الوطاسي وقاضي الجماعة بمراكش الشيخ العالم أبو محمد عبد الله الزكندري المتوفى سنة 768 هجرية، والذي كان يسكن بحي القصور، وحبس داره على الشيخ الغزواني مول القصور أحد رجال المدينة السبعة. ويعتبر من الوزراء الاعلام حيث قال فيه ابن الخطيب «حضرت درسه بمراكش في التفسير والحديث، ولم يكن بها مثله في زمانه رحمه الله «. المسجد حاليا عبارة عن قاعة للصلاة صغيرة الحجم لاتتعدى 120 متر مربع، وبها مكان للوضوء تصله عبر سلم، ويظهر أنه جدد في العصر الحديث، حيث اقيم في جنباته زليج رومي وردي وأبيض، اما صومعته فهي غير ظاهرة للمارة بسبب وجود سقف السوق المصنوع بقطع من المعدن والذي اقامه التجار اتقاء الشمس الحارقة. وهي متوسطة الطول وعلى اي حال أكبر من مئذنة جامع المواسين القريب، وهو الجامع الأكبر من مسجد القطة بكثير. وتبرز وراءها صومعة الكتبية وتدل على العصر الذي شيدت فيه من خلال شكل وهندسة النوافذ. ومسجد القطة هذا خيره لا ينقطع والمحسنون قائمون بشؤونه في تخف، وحين زيارتنا صادفنا تركيب عدد من المراوح وهبها احد المحسنين لتخفيف الحرارة في فصل الصيف داخل المسجد.