دقت صافرة النهاية التي أطلقها الحكم الإيفواري آخر مسمار في نعش منتخب ثعالب الصحراء الذي أتى إلى المغرب وكله ثقة وغرور بفوز لا يقبل الفصال. إلا أن القتالية التي أبان عنها أسود الأطلس والتي غابت عنهم لسنوات حتى ظن معها الجمهور المغربي أن مخالب الأسود المقلمة ربما لن تعود إلى شراستها من جديد. مقابلة رياضية كروية قلبت المغرب رأسا على عقب، أنست المغاربة الدستور والإصلاح، وتحول النقاش من ترسيم الأمازيغية إلى ترسيم أسامة السعيدي، ومن مطالب المغاربة بمزيد من الإصلاحات إلى إمكانية إضافة المنتخب المغربي لمزيد من الأهداف... نقاش يعكس بحق بساطة الإنسان المغربي وطيبوبته. هذا الإنسان الذي تكفيه لحظة سعادة وانتشاء لينسى الإحتجاجات والخروج إلى الشارع وينسى معها حركة 20 فبراير. هذه الحركة التي رسمت مسار وسقف تحركها بمطالب تجاوب معها الشعب المغربي خصوصا تلك التي تحدث عنها البيان التأسيسي، والتي تروم اختراق النسق السياسي والاجتماعي بإصلاحات تقطع مع المفهوم التقلداني للسلطة، ونهجت في سبيل ذلك أشكالا نضالية سلمية احتضنتها جماهير الشارع المغربي التي التفت حول الحركة ومطالبها، طمعا في تنزيل مطالب الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية وترسيخ الممارسة الديمقراطية في بنيات الدولة والمؤسسات وهو ما تجاوب معه ملك البلاد من خلال خطاب 9 مارس الذي وضع خارطة طريق لإصلاحات سياسية ودستورية ومؤسساتية تتقاطع مع بعض الشعارات التي أطرت تحرك شباب 20 فبراير. إن الحركة التي انطلقت إصلاحية وتنشد التغيير من داخل النسق السياسي وثوابت النظام السياسي للدولة المغربية، عليها أن تسترد هوية تحركها، فردود الفعل أكدت أن الشعب لم ولن يريد إسقاط النظام والشعب لا يريد رحيل الملكية، بل كل الحساسيات التي خرجت للشارع كانت تؤمن بثوابت الشعب المغربي وهو ما وفر لحركة 20 فبراير الدعم الشعبي والحزبي والنقابي والجمعوي، خصوصا وأن كل الشعارات التي أطرت مسيرات الحركة حتى لحظة الانفلات أقرت بشرعية النظام الملكي التاريخية والدينية، لأنه لا يمكن للشعب أن يفوض لمجهول اتخاذ قرارات كبرى باسمه تفرط في تاريخ المغرب وتاريخ ثوابته، كما أن الإصلاح الذي يتوق إليه المغاربة ومن أجله دعموا حركة 20 فبراير لا يعني إسقاط النظام أو الثورة ضده. بل إن سقف المطالب نادى بالملكية البرلمانية التي كانت موجودة في الكثير من أدبيات العمل السياسي بالمغرب، بما تعنيه من صلاحيات واسعة للوزير الأول وللحكومة وفصل للسلط ووضع حد للوبيات الفساد والإقتصاد، إن ما يشكل تهديدا حقيقيا للحركة ويوفر الذريعة لمن يريد النيل منها، هوهذا التيار الذي يريد تعويم مطالب الحركة وركوب موجة رغبة الشعب في الإصلاح، لذلك وجب الحذر من أجل هذه اللحظة التاريخية حتى تستمر حركة 20 فبراير حركة الشعب المغربي الذي آمن بالتغيير والإصلاح ومحاربة الفساد ولم يؤمن بإدخال المغرب إلى حالة الالتباس. * بقلم شفيق الودغيري