احنضن مقر دار الثقافة الأمير مولاي الحسن بمدينة الحسيمة ، مؤخرا، أشغال الملتقى الوطني الأول للتراث العلمي والحضاري بالريف تحت شعار "دورة أبي يعقوب البادسي"، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين والعلماء. وأكد ممثل الكتابة العامة للمجلس العلمي الأعلى السيد مصطفى بنحمزة في افتتاح الملتقى ، مساء أمس الجمعة ، أن هذه التظاهرة العلمية التي تنظم بمبادرة من المجلس العلمي و'مركز الريف للتراث والدراسات والأبحاث' والمندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية ، على مدى ثلاثة أيام ، تندرج في إطار الاحتفال بالذكرى ال35 للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى ال55 لعيد الاستقلال المجيد بغية التعريف بالتراث ورموز منطقة الريف وبعلمائها الأجلاء. وأبرز أن استحضار بعض الشخصيات المغربية هو شيء مفيد للأمة المغربية وعمل ضروري لربط الماضي بالحاضر وإثبات الخصوصية والمحافظة على التماسك والهوية. وتحدث السيد بنحمزة عن دور المجالس العلمية المحلية التي من واجبها المحافظة على التماسك والهوية وإعادة ذكرى العلماء من أجل صناعة المستقبل ونشر مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وترسيخ قيمه السامية وتعاليمه السمحة في إطار التمسك بكتاب الله وسنة رسوله والحفاظ على وحدة البلاد في العقيدة والمذهب وصيانة مقومات الشخصية المغربية والإسهام في تحصينها. من جهته قال والي جهة تازة–الحسيمة –تاونات ، عامل إقليمالحسيمة السيد محمد الحافي إن التراث بتنوعه وغناه يشكل كنزا لا يتقادم ولا يفنى وسلطة مرجعية مهمة تركز عليها حياة الشعوب وبوصلة تحدد لها معالم الطريق، مبرزا أن دور التراث العلمي والحضاري لا ينحصر فقط في ربط الإنسان بماضيه وشعوره بالانتماء، بل أصبح عنصرا لا يمكن إغفاله في معادلة التنمية المتوازنة وفي كلمة للمندوب الجهوي للشؤون الإسلامية الدكتور فكري سوسان أشار أن ا الملتقى يأتي بتزامن مع مرحلة انتقالية تعيشها بلادنا على جميع المستويات خاصة السياسية منها وأقصد سعي الدولة بتوجيه من صاحب الجلالة حفظه الله إلى تبني سياسة الجهوية الموسعة، ونحن حينما نتحدث عن الجهوية لا نحصرها فيما هو سياسي وجغرافي فقط بل يتعدى ذلك إلى ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي أيضا وإذا لم تراع الجهوية كل هذه العناصر فستكون جهوية غير مكتملة. وإن الحديث عن التراث العلمي والحضاري بالريف حديث ذو شجون ولو أردنا الإحاطة به من جميع جوانبه لاحتجنا إلى دورات وملتقيات قد تمتد أيام وأسابيع ذلك لأن الموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة باعتبارها منطقة عبور وفعل حضاريين جعلها تقوم دور الوسيط في نقل العلم والحضارة بين العالم الإسلامي/الإفريقي والعالم المسيحي/ الأوروبي كما أكد إن الثورة المعلوماتية والاستلاب الثقافي الذي نعيشه يفرض علينا إعادة الاعتبار لهويتنا المغربية الأمازيغية الأصيلة، والرجوع إلى تراثنا باعتباره الحصن المنيع ضد موجات التغريب التي تجتاح جميع فئات مجتمعنا والشباب منه على وجه الخصوص هذا الشباب الذي يجهل الكثير الكثير عن رموزه وحضارته وتاريخه مما جعله يعيش في زمنين: زمن فلكي وهو القرن الواحد والعشرين بكل متغيراته وتعقيداته من جهة أخرى، أكد رئيس جامعة محمد الأول بوجدة السيد محمد الفارسي أن تنظيم هذا الملتقى هو بمثابة اعتراف بالأهمية البالغة التي يكتسيها التراث العلمي والحضاري لمنطقة الريف التي قامت بدور أساسي في البناء والتشكيل والتواصل العلمي والحضاري بالداخل والخارج من خلال أعلامها. وأبرز أن تنظيم هذا اللقاء تحت شعار "دورة أبي يعقوب البادسي" يتناسب مع الدور التاريخي لبادس التي كانت تعد من أهم المراكز الحضارية عبر العصور، ومع مكانة الرجل ليس فقط على مستوى منطقة الريف وإنما على امتداد الوطن العربي كله. أما رئيس الجهة السيد محمد بودرا فقد أكد بدوره أن هذا اللقاء ينصب على التعريف بمنطقة الريف وبإسهامها في التواصل الحضاري بين ضفتي المتوسط ومساهمة رجلاتها بالنهوض بالبحث العلمي والجهاد في سبيل الدفاع عن الوطن وكذا إظهار خصائص منطقة الريف الطبيعية والبشرية، وهي أهداف سامية تسعى إلى الاعتراف بجميل منطقة الريف في البناء وكذا توعية الأجيال الصاعدة وتنمية روح الانتماء فيهم والاعتزاز بالوطن والمنطقة. وتم بالمناسبة تكريم الأستاذ أحمد أبرو رئيس المجلس العلمي سابقا اعترافا له بإسهاماته العلمية وحضوره في التأطير الديني، وتسليم شهادات تقديرية ، أيضا ،للدكتور حسن الفكيكي الذي يعتبر من أهم المؤرخين المغاربة الذين أنجبتهم منطقة الريف. ويتطرق المشاركون في هذا اللقاء المنظم بتعاون مع ولاية جهة تازة-الحسيمة- تاونات وبتنسيق مع مندوبية الثقافة وجامعة محمد الأول بوجدة وبدعم من مجلس الجهة والمجلس الإقليمي والمجلس البلدي، إلى عدد من المواضيع منها "التعريف بمنطقة الريف"، وإسهام منطقة الريف في التواصل الحضاري بين ضفتي المتوسط" و"العلم والعلماء بمنطقة الريف"، و"قبسات من عطاء المرأة الريفية"، و"أهمية دور بادس في الربط البحري التجاري بين ضفتي الحوض المتوسط أواخر العصر الوسيط"، و"أبو يعقوب البادسي ودوره في التواصل العلمي بين المغرب والمشرق". وسيتوج برنامج هذا الملتقى بتنظيم رحلة إلى موقع "بادس الأثري " وإلى بعض المواقع والمآثر التاريخية المتواجدة بنفس المنطقة.