إن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وهو يتابع تطورات ملف الحركة الانتقالية للموظفين العاملين بوزارة الصحة وما أثارته من نقاش وردود أفعال، فقد ارتأى الإدلاء بالتوضيحات التالية تنويرا للرأي العام: مسار الحركة الانتقالية بقطاع الصحة العمومية خلال السنوات الماضية: طيلة عشرات السنين لم تخضع الحركة الانتقالية لأي مسطرة أو معيار بل كانت تخضع لرغبات القيّمين على الوزارة الذين كانوا يستجيبون لطلبات ذوي النفوذ والمحظوظين من أبناء العائلات والوسطاء بالمقابل، فعمّت المحسوبية والزبونية والرشوة والحزبية الضيقة. وقد رفضت الشغيلة الصحية هدا الوضع وناضلت ضده نقابيا وخاضت عدة معارك كانت تتوّج بالاستجابة للعديد من طلبات الانتقال بالنسبة لكل الفئات، كما فرضت في بداية التسعينات تنصيص وزارة الصحة في قرار تعيين الموظفين الجدد على إمكانية الانتقال بعد سنتين من العمل. لكن سرعان ما تم التراجع عن ذلك وسادت نفس الأساليب السابقة، بل وتم اعتماد التنقيل التعسفي في حق العديد من الأطر الصحية في عهد الوزير الكراوي دون مراعاة أوضاعهم الاجتماعية، وقد قامت نقابتنا آنذاك بالعديد من الإضرابات إلى حين إرجاعهم لأماكن عملهم في عهد الوزير الدكتور عبد الواحد الفاسي. وظل مطلب حركة انتقالية شفافة وديمقراطية على غرار قطاعات أخرى من خلال إطار مرجعي وقانوني ينظمها مطلبا حاضرا وملحّا طيلة هده المرحلة، وهو ماكان يتهرب من وضعه كل المتعاقبين على الوزارة حيث كانوا يرضخون للضغط النقابي في بعض الأحيان ليرجعوا مباشرة بعد ذلك لعاداتهم وأساليبهم القديمة، وكان يساعدهم في ذلك بعض سماسرة الانتقالات. وكانت أول محاولة لتنظيم الحركة الانتقالية في عهد الوزير السابق الدكتور بيد الله، بعد نضالات محلية وجهوية خاضتها نقابتنا، حيث تم الاتفاق بين النقابات والوزارة في مارس 2005 على تشكيل لجنة مشتركة تجتمع مرة في السنة وتعتمد آلية لدراسة طلبات الانتقال وتحديد مسبق للعدد الذي سوف يستفيد وضمنه نسبة لطلبات التجمع العائلي. وإذا كانت هده المسطرة الأولى في قطاع الصحة قد مكّنت بعض الموظفين من مختلف الفئات من الانتقال، فإنها من جهة لم تشمل إلا الأطباء العامين والممرضين فقط ، ومن جهة ثانية لم يتم احترامها بصرامة من طرف الوزير، فاستمرت وتزايدت المحسوبية والتدخلات العليا بالعشرات والتي كان الوزير السابق لاينكرها فقط بل ويزكيها. وكأبرز مثال على ذلك تكديس عدة موظفين من بين المحظوظين في محور الدارالبيضاء الرباط ضدا على رغبة الأغلبية الساحقة من الموظفين بمختلف فئاتهم ودون اعتماد أية مقاييس سوى المحسوبية والتدخلات التي عبّرنا عن رفضها في حينها بشدة. تطور ملف الحركة الانتقالية مند وصول الوزيرة الجديدة: أخذت نقابتنا العبرة من طريقة تعامل الوزراء السابقين خلال كل المراحل والتجارب السابقة بممارساتها المشينة وغير العادلة التي كانت تطبع عملية انتقال الموظفين بقطاع الصحة، ووضعت نقابتنا على عاتقها مسؤولية التحرك بسرعة مباشرة بعد مجيء الوزيرة الجديدة على رأس القطاع، وقررنا تفاديا لاستمرار نفس الأساليب أو إعادة إنتاجها بطرق مقنّعة وملتوية، قررنا إعطاء الأولية لملف الحركة الانتقالية نظرا لحساسيته ولفائدته الاجتماعية للموظفين إن هو دبّر بشكل جيد وشفاف، أو يصبح منبعا للمحسوبية والزبونية والاستقطاب الحزبي إن دبّر بشكل سيئ وترك على ماهو عليه. ففرضنا كنقابة بتنسيق مع نقابات صديقة ومند أول اجتماع مع السيدة الوزيرة تم انتزاع مطلب وضع مسطرة جديدة ترتكز على مبادئ الشفافية والعدل والإنصاف والمساواة بين كافة فئات موظفي الصحة وتجيب في ذات الوقت على حاجيات الموظفين الاجتماعية وحاجيات القطاع بمغرب واحد وليس مغربين أحدهما نافع والآخر غير نافع. وبالرغم من حنين البعض للممارسات القديمة، تم تشكيل لجنة مشتركة بين الوزارة والنقابات الخمس الأكثر تمثيلية، اشتغلت لشهور وبلورت مسطرة جديدة تم تعديلها عدة مرات قبل إخراجها في صيغتها النهائية المتفق عليها بإطارها القانوني القابل للتعديل بسهولة ألا وهو "دورية وزارية". الدورية الوزارية الجديدة الخاصة بالحركة الانتقالية للموظفين 1) مضمونها وإيجابياتها: • يستفيد من الحركة الانتقالية كل فئات موظفي قطاع الصحة من أطباء اختصاصيين وعامين وممرضين وإداريين وتقنيين وأعوان... • تنظم الحركة الانتقالية قبل إجراء التعيينات الجديدة بغية إعطاء الأولوية في الاختيار للموظفين الذين عملوا بالقطاع عدة سنوات. • يمكن المشاركة في الحركة الانتقالية بعد التوفر على سنة واحدة فقط في مكان التعيين الحالي، ولا توجد هده الإمكانية في أي قطاع. • نوعان من الحركة الانتقالية: - حركة انتقالية عادية، وتجرى على المستوى المحلي تم الجهوي تم الوطني. - انتقالات استثنائية، وعددها قليل مقارنة مع الحركة العادية، وتنقسم إلى ثلاثة: انتقالات لأسباب صحية حيث تدرس الملفات من طرف اللجنة الوطنية والمجلس الصحي، وانتقالات بطريقة آلية وتهم بعض حالات الالتحاق بالزوج أو الزوجة والانتقال لمناطق تعرف خصاصا مهما والانتقال بالتبادل والانتقال من مناطق بعيدة جدا بعد قضاء سنتين أو أربع سنوات حسب الحالات إلى مناطق أقل بعدا من محور الدارالبيضاء الرباط أو العكس، وانتقالات لحاجات المصلحة. • تسهر على ضمان شفافية الحركة الانتقالية في كل مراحلها ومستوياتها، لجنة وطنية ولجن جهوية ولجن محلية تتشكل من عضو واحد من النقابات الخمس الأكثر تمثيلية بالإضافة لممثلين عن الإدارة. • تنشر كل المناصب المفتوحة للتنافس في المندوبيات والموقع الإلكتروني للوزارة، لتمكين الموظفين من الاختيار بهدوء مع ذويهم. • في نهاية كل مراحل الحركة الانتقالية، تخصّص المناصب الشاغرة والتي تم إخلائها للتعيينات والتوظيفات الجديدة لكل الفئات. • وضع تنقيط للموظفين الراغبين في المشاركة في الحركة الانتقالية، يأخد بعين الاعتبار العناصر التالية: - المنطقة (Z) : حيث تم تقسيم المغرب إلى 5 مناطق جغرافية حسب القرب أو البعد من محور الدارالبيضاء-الرباط. فالمنطقة الخامسة مثلا تمنح لها أعلى نقطة وهي 5 نقط، وتضم كل الأقاليم الصحراوية وتلك المتواجدة بجهة أسا السمارةكلميم بالإضافة إلى أقاليم الحسيمة وفكيك وجرادة. وتمنح للمنطقة الرابعة 3 نقط، وللمنطقة الثالثة 2 نقط، وللمنطقة الُثانية نقطة واحدة، وللمنطقة الأولى التي تضم محور الدارالبيضاء- الرباط والأقاليم المحادية له 0 نقطة. - مركز التعيين ( C ) : ويقصد به المدينة أو البلدية أو الجماعة التي يوجد بها مقر العمل. وقد تم كذلك تقسيم المغرب إلى 5 مجموعات حسب حجم المدينة وعدد سكانها، حيث تمنح نقطة من 4 إلى 0 نقطة. - مقر العمل الحالي( L): إما مستشفى أو مركز صحي حضري ويمنح نقطة واحدة، أو مركز صحي قروي ويمنح 2 نقط. - عدد سنوات العمل أو الأقدمية في إقليم التعيين بدون تغيير أو انتقال (N) - عدد سنوات العمل بقطاع الصحة أو الأقدمية العامة (A) : - كيفية احتساب النقط المحصّل عليها للمشاركة في الحركة الانتقالية : Score (S) = N x ( Z + C + L ) + ( A – N )/2 2) سلبياتها ونواقصها مند بداية تطبيقها: • توزيع جغرافي للمناطق الخمسة غير منصف بالنسبة لبعض الأقاليم البعيدة والنائية. • استفادة المراكز القروية مرتين من خلال C و L مقارنة مع المراكز الحضرية الصغيرة. • عدم التنصيص على صيغة لضمان الانتقال للالتحاق بالزوج أو الزوجة ( التجمع العائلي) باستثناء بعض الحالات الخاصة. • احتساب الأقدمية العامة في الوظيفة العمومية بشكل ضعيف مقارنة مع الأقدمية في الإقليم. • ربط الانتقال النهائي للموظف بضرورة تعويضه. • التركيز فقط على فتح مناصب بالأقاليم البعيدة والنائية وعدم فتح عدد كاف من المناصب في الأقاليم والمدن الكبرى بالنسبة لكل فئات الموظفين الذين أدّوا واجبهم وعملوا بتلك الأقاليم البعيدة لمدة سنوات، وكانوا ينتظرون الإنصاف بالانتقال إلى حواضر كبرى. • عدم إيلاء الأهمية للأقاليم والمدن التي يطلبها الراغبون في الانتقال، والاعتماد فقط على حاجيات المنظومة الصحية. • وقوع العديد من الهفوات والأخطاء خلال الحركة الجهوية، حيث لم تراعي الارتباطات السوسيو ثقافية بالنسبة للعاملين الراغبين في الانتقال داخل الجهة( بوعرفة، الراشيدية، طان طان، طاطا، الحسيمة...)، وكذا بالنسبة لبعض التعيينات الجديدةالحسيمة كمثال. • غياب أي حوافز مادية ومهنية ومعنوية لتشجيع مهنيي الصحة على العمل بالأقاليم البعيدة. • عدم ربط تكوين الأطباء الاختصاصيين بالتعيين على مستوى الجهات، وهو ما يؤدي لوقوع مشاكل خلال التعيينات الجديدة. إذ سيكون من المنطقي توزيع المغرب إلى 4 أو 5 مناطق حسب تواجد المراكز الاستشفائية الجامعية ( الرباط، الدارالبيضاء، فاس، مراكش ووجدة...) يوظف في مجالها الجغرافي الأطباء الذين أنهوا تخصصهم. • غياب كوطا إيجابية ومتساوية بين الطبيبات والأطباء عند اجتياز امتحان الإقامة بالنسبة للراغبين في التخصص... بعد سرد كل هذه التوضيحات التي ارتأيناها ضرورية لإفادة الرأي العام، والتأكيد على حرصنا الشديد على التطبيق السليم للمسطرة الجديدة للحركة الانتقالية، فإن المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية ( ك د ش) : يطالب السيدة الوزيرة بالاحترام الصارم لمضامين الدورية الوزارية التي تحمل توقيعها، والتمسك بمبادئ الشفافية والعدل والإنصاف والمساواة بين مختلف فئات الموظفين خلال تطبيقها، والقيام بتحيينها وتطويرها. يؤكد للسيدة الوزيرة أن نقابتنا لن تتريث لحظة للاحتجاج وبكل الصيغ النضالية ضد أي تراجع عن المكتسبات، أو الرجوع إلى الأساليب القديمة، أو التعامل التفضيلي مع البعض على حساب الأغلبية الساحقة للأطباء الاختصاصيين والعامين والممرضين والتقنيين والأعوان والإداريين، أو الرضوخ لضغط جهات نافدة. يدعو السيدة الوزيرة للانكباب على مراجعة الدورية وحل الملفات العالقة المتعلقة بالحركة الانتقالية، ومن بينها: - الحيف الذي لحق الممرضين العاملين ببعض الأقاليم والذين تم إقصائهم من المشاركة في الحركة الجهوية. - ملف الموظفين الحاملين لقرارات الانتقال مند عدة أشهر والذين لم ينتقلوا بعد بسبب عدم التحاق من سيعوّضهم. ويتعلق الأمر على الخصوص بعشرات الأطباء الاختصاصيين من مختلف المناطق البعيدة بالمغرب. - الانتقال للالتحاق بالزوج أو بالزوجة بالنسبة لمئات العاملين بالقطاع الذين أدوا واجبهم بمختلف جهات المغرب، وينتظرون مند سنين التجمع العائلي للالتحاق بأزواجهم وأبنائهم... يعلن عن تكوين لجنة وطنية للطبيبات والأطباء الاختصاصيين العاملين بالقطاع والمتوفرين على مقررات الانتقال. يعلن عن تكوين لجنة وطنية للموظفات المطالبات بالالتحاق بالزوج والموظفين المطالبين بالالتحاق بالزوجة، وذلك من فئات الأطباء الاختصاصيين والأطباء العامّين والممرضين والتقنيين والأعوان والإداريين. يهيب بالمناضلين و بالشغيلة الصحية المزيد من الوحدة والتضامن واليقظة للدفاع عن كرامتنا ومن أجل تحسين أوضاعنا. عن المكتب الوطني الكاتب العام الوطني : الدكتور مصطفى شناوي 64