قال سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية" إن موضوع الجهوية واللامركزية من جهة والصحراء المغربية من جهة ثانية، لا زالا يشكلان الشغل الشاغل للمغاربة على امتداد التاريخ السياسي لمغرب ما بعد الاستقلال، وحجر الزاوية في النقاش السياسي المعاصر، وذلك لكونهما يمسان موضوعات أساسية مرتبطة بقضايا مصيرية بالنسبة للمغاربة، أي بالسيادة والوحدة الوطنية من جهة وبالديمقراطية والعدالة بين الجهات والتنمية من جهة ثانية" وأضاف في كلمته الافتتاحية للندوة الدولية حول الجهوية الموسعة والحكم الذاتي التي ينظمها كل من حزب العدالة والتنمية وحزب القوات المواطنة على امتداد يومي 10/11 مارس الجاري بفندق حسان بالرباط ، أضاف أنه"إذا كانت قضية الصحراء المغربية المستعمرة سابقا من قبل إسبانيا قضية نشأت في ظروف الحرب الباردة ومن مخلفات مخططات التقسيم التي مارستها القوى الاستعمارية وتعرض لها العالم العربي والإسلامي بغية إضعافه واقتسام خيراته، فإن كثيرا من التعثرات شابت التعامل مع الملف أمميا وجهويا ووطنيا، وولدت وضعية لم تغادر معها رياح الحرب الباردة على الرغم من انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين". و اعتبر" خيار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي من بين الخيارات الديمقراطية التي من شأنها تحقيق تركيب خلاق بين مطلب السيادة وبين مطلب إشراك المواطنين في جميع جهات المغرب خصوصا مواطني الأقاليم الجنوبية. ولذلك يقول العثماني "فإن النقاش الوطني حول الحكم الذاتي الذي تأتي في إطاره هذه الندوة لمدارسة عدة تجارب دولية يكتسي أهمية بالغة بالنظر لحيثيات عدة من بينها: " أهمية الاستقرار في المنطقة وتأثيره المباشر على الاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط وتعزيز فرص تنمية العدل والسلم في العالم، وإن التحديات في هذا المجال تزداد باستمرار مع إشكالات الإرهاب والهجرة السرية والمخدرات وغيرها. وإن استمرار بؤرة للنزاع في هذه المنطقة الحساسة يعزز فرص تلك التحديات ويصرف دول المنطقة عن التصدي لها ولأسبابها والشروط التي تولد ها"ثم" حاجة الاستقرار جهويا لتحقيق شعوب المنطقة ودولها للسلام والتعاون فيما بينها، وتعزيز الخيار الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان " وكذا"كون منطق التاريخ المعاصر وإشكالات التنمية وتحديات العولمة تفرض وجود تجمعات إقليمية قوية ومستقرة، وتعزيز التوجهات الوحدوية وممانعة توجهات التجزيء والبلقنة"مؤكدا على أن " هذه المعطيات تتأكد أكثر في الحالة المغربية لأسباب أجملها المتحدث في " المعطى التاريخي، حيث كانت طبيعة النظام السياسي المغربي باستمرار جهويا، فهو وإن كان دولة مركزية إلا أن تدبيرها اليومي كان في الحقيقة غير ممركز وكانت الروابط بين المركز والجهات والأقاليم تعتمد رابطة البيعة أكثر مما تعتمد على التدخل اليومي المباشر، في حين كان السكان ينظمون شؤونهم المحلية بأنفسهم، وذلك مثل التعليم والقضاء والصحة والأوقاف وغيرها مما يرجع اليوم إلى اختصاص الدولة المركزية"ثم" اهتمام المغرب اهتماما خاصا بالأقاليم الجنوبية، وكونه سخر لذلك إمكانيات كبيرة لتنميتها. وبالتالي فإن تحقيق الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية الجنوبية في إطار السيادة المغربية سيعزز هذا المسار ويدعمه ويطوره" وكذا" كون الجهوية رافعة رئيسية لدمقرطة الحياة العامة للبلاد وتجاوز بنيات ممركزة بطيئة الأثر في تفعيل الانتقال الديمقراطي وتطبيع الوضع في اتجاه الربط المؤسساتي بين السلطة وصلاحياتها من جهة وبين المسؤولية أمام المواطنين من جهة ثانية. واعتبر الأمين العام للعدالة والتنمية "خيار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي الذي ندعو إلى إبداعه للمغرب الحديث، خيار ينخرط في مسارنا الوطني، المبني على حفظ السيادة المغربية والوحدة الوطنية أرضا وشعبا"مشيرا إلى أن " أي خيار آخر ينال من هذه الثوابت الوطنية غير مقبول من قبل المغاربة وسيقاومونه بقوة، وستكون له عواقب غير محمودة، من بينها أنه سيدخل المنطقة في مرحلة من عدم الاستقرار مع ما في ذلك من مخاطر جهوية" وبرر أهمية ونجاعة هذا الخيار لاعتبارات عدة منها " فشل جميع الخيارات السابقة بما في ذلك خيار بيكر وإقرار الأممالمتحدة بذلك"ثم" عرضه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره المقدم سنة 2002 كما تقدم " وكذا"وجود عدة نماذج من الجهوية والحكم الذاتي ناجحة في عالمنا المعاصر وقابلة للتنزيل على واقعنا" بالإضافة إلى "استعداد المغرب لهذا الخيار وفتح نقاش وطني موسع حوله إلى جانب استعداده المستمر للدفاع عن وحدته وسيادته" كما "أن هذا الخيار سينهي مشكلة من أعقد وأطول المشاكل وسينهي معاناة المحتجزين في تندوف ويجمع شمل الأسر الممزقة وقد يمكن من تفعيل مؤسسات الاتحاد المغاربي كفضاء تنموي واسع وسيفتح آفاقا كبيرة للاستثمار بعد خلقه لشروط الاستقرار في المنطقة"أما بالنسبة لتصور حزب العدالة والتنمية، فإننا سعيدون جدا بمشاركة الإخوة الخبراء من عدة دول للاستفادة من تجاربها وتعميق التفكير في كثير من الإشكالات ذات العلاقة، لنصوغ تجربتنا الخاصة وفق خصوصياتنا وظروفنا. فنحن في الحزب نؤمن بالحوار المفتوع والبناء. ونعتبر هذه المبادرة نوعا من التلاقح بين الحضارات وفق منطق الحوار لا منطق الصراع. وبخصوص تصور حزب العدالة والتنمية الذي سبق وأن طالب بالاسراع بتنزيل جهوية موسعة سياسية، وفق تصور عام واضح أكد أنه يرتكز على اعتبار" خيار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي خيارا ذاتيا، يمضي فيه المغرب بجرأة"و"أن ينبني التقسيم الجهوي الجديد على معايير مدروسة ومتفق عليها " ايضا"أن يتم انتخاب برلمانات وحكومات جهوية في انتخابات حرة وديمقراطية"مع" إعطاء خصوصية حكم ذاتي للأقاليم الصحراوية بسبب وضعيتها السياسية وكذا بناء ذلك على توافق وطني صلب بعد حوار موسع حول تفاصيل الجهوية"خالد السطي(الرباط)............