عقب التصريحات الأخيرة للحاكم العام بليبيا بخصوص تهديده للشعب الأمازيغي بالسحق. أثارت هذه التصريحات الإرهابية موجة من الاستنكار والشجب لدى مكونات الرأي العام الدولي . هذا الأخير سارع بإعلان تضامنه التام واللامشروط مع الشعب الأمازيغي بليبيا، لقد كانت هناك مجموعة من المقالات والكتابات المستنكرة لأقوال القذافي، وقفات في مجموعة من المؤتمرات الدولية، وقفة أمام مقر السفارة الليبية بالمغرب، تقرير دولي حول وضعية حقوق الإنسان بليبيا صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، مراسلة رسمية منددة من قبل منظمة الكونكريس العالمي الأمازيغي، توقيع مجموعة من العرائض من طرف مثقفين ونشطاء وأساتذة جامعيين وصحفيين ومناضليين وعلماء اجتماع وكتاب وفنانين...وفي كل هذه التحركات، أدان فيها العالم المتحضر بقوة سلوكات الحاكم العام بليبيا جراء تصرفاته مع الأمازيغ وبالخصوص تصريحاته الأخيرة.ومنذ استيلائهم على الحكم بليبيا في سبتمبر 1969, قام أركان الحكم في هذا البلد الأمازيغي بالتضييق على الشعب الأمازيغي هناك أيما تضييق، مستعملين في ذلك جميع الوسائل الممكنة وغير الممكنة من تعريب وقمع وإبادة وحصار للحريات الفردية والجماعية. فكانت النتيجة تهجير الأمازيغ من هذا البلد والذين يعيش معظمهم مهاجرا في أرض الله الواسعة، واختطافات واغتيالات للنشطاء الأمازيغيين وفي طليعتهم الرمز سعيد سيفاو المحروگ. في كلمة واحدة: إنها إبادة ممنهجة ومبرمجة للشعب الأمازيغي في ليبيا.لقد تمادى أركان الحكم في ليبيا في قمعهم للشعب الأمازيغي، من دون أن تكون هناك صيحة أو صرخة من الضمير العالمي المراقب الذي بقي يتفرج على الوضع طيلة سنين عديدة. باستثناء ما تصدره وتنشره المنظمات الأمازيغية المهتمة- وفي مقدمتها يوجد الكونكريس العالمي الأمازيغي- بين الحين والآخر من تقارير وبيانات تدين النظام الليبي على هذه الممارسات المنافية لحقوق الإنسان في أبسط تجلياتها. إلى حدود نونبر 2005، عبر النظام الليبي عن رغبته في التوبة من كل الجرائم التي ارتكبها في حق أمازيغ ليبيا. ولهذه الغاية فقد ربط الاتصال بمنظمة الكونكريس العالمي الأمازيغي، وعلى الفور سافر وفد من هذه الهيئة إلى ليبيا في زيارة اعتبرت بالتاريخية وامتدت من الرابع إلى غاية السابع من نونبر. وكانت هناك أيضا زيارة ثانية في دجنبر 2005. ثم زيارة ثالثة فرابعة. وكلها زيارات تمت في إطار الوضوح والعلنية بعيدا عن إطار لغة الخشب وإطار السرية العزيزة على قلب النظام الليبي إن كان له قلب! وأثناءها استمعت القيادة الليبية إلى مؤاخذات واقتراحات الكونكريس بشأن الوضع الحقوقي الأمازيغي بهذا البلد. وكان من جملة ما قاله الزعيم الليبي معمر القذافي لأعضاء الوفد الأمازيغي أنه الآن فقط " فهم أن الأمازيغ والكونكريس العالمي الأمازيغي لا يشكلون عنصر تفرقة بين دول شمال إفريقيا"، مبديا في هذا الإطار" تفهمه للحقوق الأمازيغية باعتباره دافع دائما عن حريات الأشخاص وحقوق الشعوب، مبديا في هذا الصدد "إرادته في أن تكون الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية محترمة في ليبيا ومعترفا بها". لقد عبر عموم الأمازيغيين عبر العالم عن أمل وتفاؤل كبيرين لأنهم وجدوا في النهاية نظاما عبر عن إرادته في الاستجابة لجزء من مطالبهم. ومن هو هذا النظام؟ إنه النظام الليبي الذي كثيرا ما ناصب العداء للأمازيغ وحاربهم في عقر دارهم. إلا أن الخطاب الذي ألقاه الزعيم الليبي في الأول من مارس الماضي في مدينة سبها والذي كرر فيه أسطوانته المعهودة من ربط النضال الأمازيغي بالاستعمار وأمريكا وإسرائيل! جعل هذا الأمل يتبدد كسرعة الضوء، علما أن هذا الخطاب بين لنا أن الرجل الأول بليبيا لا يفي بوعوده إلا لأمريكا حينما يتعلق الأمر بنزع ترسانته النووية أو بتصفية مخلفات جريمة لوكيربي.هنا لا ينبغي توجيه اللوم إلى منظمة الكونكريس العالمي الأمازيغي على محاورتها للنظام الليبي، ذلك أن الحوار مطلوب دائما. إلا أنه في المرات القادمة يجب مباشرة مثل هذه الحوارات تحت إشراف الهيئات الدولية من قبيل هيئة الأممالمتحدة مع التنويه بالزيارة الأخيرة التي قام بها السيد لونيس بلقاسم، رئيس الكونكريس العالمي الأمازيغي، لبرلمان إقليم الباسك وما تمخض منها من نتائج إيجابية لفائدة المطالب الأمازيغية.