في قصة مكررة ل"سحب" عزيز أخنوش سنة 2015، حينما كان وزيرا للفلاحة، ل 55 مليار درهم خُصِّصَت لصندوق "تنمية العالم القروي" من تحت يدي رئيس الحكومة - حينها - عبد الإله ابن كيران، وتغليف قانون المالية، كي يصبح الآمر بصرف ما يقارب من 5.5 مليار دولار، عاد أخنوش، وهذه المرة وهو رئيس للحكومة، لأن يقوم ب"تهريب" مليار و250 مليون درهم التي خصصت بتوجيهات ملكية لبرنامج "فرصة" لدعم المقاولين الشباب، من يد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والشغل والكفاءات، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة والوصي المباشر على القطاع، إلى شركة ترأس مجلسها الإداري فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والمنتمية لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده رئيس الحكومة! بشكل قبيح، دخلت الأنانية الحزبية في تدبير 125 مليار سنتيم دعا عاهل البلاد لأن تخصص لإنعاش" مصير 10 آلاف شاب من حاملي الأفكار والمشاريع في مختلف جهات المملكة، غير أن رئيس الحكومة وضع تدبير هذه الملايير لشركة قال مجلس دستوري وهو المجلس الأعلى للحسابات إنها "تعيش على الريع"، وبصيغة أخرى هي شركة فاشلة لم تحقق أي نجاح منذ إنشائها، أو لنقل منذ ترأس عماد برقاد سنة 2011 مسؤولية إدارتها. يقول تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن شركة SMIT التي أوكل إليها أخنوش تدبير 125 مليارا، تكبدت نتائج استغلال سلبية خلال الفترة الممتدة ما بين 2010 و2014. أكثر من ذلك، فإن الشركة التي أنيط بها مصير تمويل مشاريع 10 آلاف شاب مغربي، هي نفسها التي قال تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات بأنها لا تقوم دائما بالإعلان عن الوظائف المزمع شغلها، حيث تبين أنه من بين 80 توظيفا قامت بها الشركة في الفترة موضوع المراقبة، فإن 30 حالة فقط هي التي كانت موضوع إعلان عن توظيف، إضافة إلى أن نتائج مسطرة التوظيف لا يتم الإعلان عنها في جميع الحالات. وزاد التقرير في إبراز مساوئ تدبير عماد برقاد للشركة حينما أكد على وجوب مراجعة نموذجها الاقتصادي المبني على وضعية ريعية تستفيد منها الشركة منذ نشأتها، كما دق التقرير ناقوس الخطر بشأن نزاهة الشركة في مجال التشغيل تحديدا، إذ دعاها إلى ضمان مزيد من الشفافية في مجال تدبير الموارد البشرية خاصة فيما يخص مسطرة التوظيف، وتجنب مراكمة بعض الموظفين للأجور، وكذا تجنب الغموض الذي يكتنف تحديد طبيعة بعض المهام الموكلة للخبراء المتعاقدين مع الشركة. مع كل هذه الاختلالات التي راكمتها الشركة، كان من الواجب كأول إجراء لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وفق صلاحيتها، إقالة عماد برقاد من رئاسة الشركة، لأنه طيلة 11 سنة من تدبير شركة عمومية بملايير السنتيمات فشل في تحقيق أي نجاح، بل راكم العديد من جوانب الاختلالات المالية التي رصدها تقرير المجلس للحسابات. غير أن أخنوش، لم يتوقف كثيرا عند هذه التفاصيل، بل وضع بين يدي الرجل 125 مليارا أخرى لتدبيرها، ولتذهب كل الأعراف والمساطر الديمقراطية التي يفترض أن يُدبر بها المرفق العمومي ويصرف بها المال العام إلى الجحيم. الغريب في كل هذه القصة أن حزب "الأصالة والمعاصرة"، شريك حزب "التجمع الوطني للأحرار" في الأغلبية الحكومية ظل صامتا دون أي اعتراض على سحب هذه الملايير من يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والشغل والكفاءات، المنتمي للحزب، والوصي المباشر على القطاع، حيث بقي السكوري المستمتع بمنصبه يتفرج، وظل أمينه العام صامتا يستمتع برومنسيته السياسية بعد أن أصبح داخل صندوق الأغلبية، وبقي الحزب - كل الحزب - خارج الفعل السياسي، وكأن حال لسانه يردد مع ذاك الأعرابي الذي قال يوما قولته الشهيرة: "الصلاة خلف علي أتم والطعام عند معاوية أدسم والقعود على الجبل أسلم".