أعلنت الجزائر اليوم الأربعاء، بشكل رسمي عن مصرع 3 من رعاياها في قصف مغربي استهدف شاحنات جزائرية بين محور ورقلة ونواكشوط، باستخدام سلاح متطور لم تُسميه، في إشارة إلى الطائرات المسيرة عن بعد "درون" التي يمتلك المغرب عدد منها حصل عليها في صفقات تسلح مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل وتركيا. وحسب المتابعة والتحقيق الأولي لهذا الإعلان الرسمي من الجانب الجزائري، في ظل صمت المغرب حول الواقعة إلى حدود اللحظة، فإن الجزائر كشفت عن نصف الحقيقة فقط، وتجنبت الإشارة إلى النصف الأخر الذي لا ترغب في اكتشافه للرأي العام الجزائري والعالمي بصفة عامة. ووفق وكالة الأنباء الجزائرية، فإن البلاغ الرسمي للرئاسة الجزائري، لم يشر بدقة إلى مكان وقوع الحادث، وأشارت إلى أنه وقع بين محور منطقة ورقلة الجزائرية والعاصمة الموريتانية نواكشط، وهو محور يشمل مسافة شاسعة جدا وغير محددة، ينطلق من منتصف الجزائر وصولا إلى موريتانيا عبورا من مناطق واسعة جدا من الصحراء. ومن خلال تتبع المسارات الطرقية لتنقل الشاحنات بين الجزائروموريتانيا، عبر موقع خرائط غوغل، فإن الغموض الذي حاولت الجزائر أن تبقيه، ينكشف بسهولة، حيث يظهر أن المسار الطرقي -الذي يُرجح بقوة أن الشاحنات الجزائرية التي تعرضت للاستهداف قد عبرت منه للوصول إلى نواكشوط- يمر أولا بعد الخروج من الحدود الجزائرية (يمر) من شمال موريتانيا، ثم يعبر الصحراء المغربية بالقرب من بئر لحلو، قبل الدخول مرة أخرى للأراضي الموريتانية لإكمال الطريق إلى العاصمة نواكشوط. ويبقى الاحتمال الوارد بقوة، هو أن واقعة الاستهداف وقعت في المقطع الطرقي العابر للصحراء المغربية، وقد اعترفت الجزائر بطريقة غير مباشرة في بلاغها حيث قالت أن "عدة عناصر تشير إلى ضلوع قوات الاحتلال المغربية بالصحراء الغربية في ارتكاب هذا الاغتيال الجبان بواسطة سلاح متطور". والمكان المُحتمل لوقوع حادث الاستهداف، بغض النظر عن كونه يُعتبر منطقة يُعلن المغرب رسميا أنها جزءا من أراضيه، والجزائر بالمقابل تعترف عبر خريطتها الرسمية بأن تلك المنطقة لا تنتمي إلى حدودها، إلا أن الجزائر بنفسها تروج عبر وسائل إعلامها الرسمية، أن تلك المنطقة هي ساحة حرب بين "جبهة البوليساريو" والقوات المغربية، وبالتالي فإن حوادث الاستهداف تبقى واردة جدا. ونشرت وكالة الأنباءالجزائرية في هذا السياق، في نفس اليوم الذي حدث فيه الاستهداف، نقلا عما تسميه بوزارة الدفاع الصحراوية التابعة للبوليساريو، عن قيام الجبهة باستهداف عدد من مواقع الجيش المغربي في قطاعي "الفرسية" و"البكاري" أمس الثلاثاء، وهي مناطق لا تبعد كثيرا عن منطقة بئر الحلو الذي تمر بجوارها الطريق المؤدية إلى موريتانيا، والتي كانت الشاحنات الجزائرية تنوي عبورها نحو نواكشوط. السؤال الذي يبقى مطروحا، هل في ظل المواجهات التي تروجها الجزائر بين القوات المغربية وميليشيات البوليساريو في الصحراء، قامت "الدرون" المغربية باستهداف الشاحنات الجزائرية معتقدة أنها شاحنات تابعة ل"البوليساريو"؟ الجزائر تُدرك جيدا أن واقعة الاستهداف وقعت في الصحراء المغربية، خاصة بعدما نفى الجيش الموريتاني وقوع الحادث على أراضيه في الشمال، كما أن الجزائر تُعلن كل يوم عن وجود مواجهات في تلك المناطق، كما أن تلك المناطق رسميا، بغض النظر عن النزاع بين البوليساريو والمغرب، فهي ليست داخل حدودها، وبالتالي فإن الجزائر لم تقل كل الحقيقة، وكان حري بها أن تُحذر مواطنيها من عبور مناطق النزاع على غرار ما تفعل كل البلدان التي تحترم مواطنيها.