يبدو أن التحالف الحكومي بين الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة المغربية، بقيادة "الأحرار" ومشاركة الأصالة والمعاصرة والاستقلال، قد لا يستمر بتلك "الصورة الموحدة" التي ظهر بها عند التشكيل، خاصة أن العديد من الأنباء بدأت تطفو على السطح، تشير إلى وجود أطراف داخل الأحزاب السياسية المشاركة، وعلى رأسها حزب الاستقلال، غير راضية عن "الخلطة" التي خرجت بها الحكومة. ويتجلى عدم الرضا بشكل أكبر في مشاركة حزب الاستقلال، الذي يُعتبر ثالث حزب سياسي في المغرب من حيث المقاعد المُحصل عليها في انتخابات 8 شتنبر الماضي، حيث حصل على 81 مقعدا، وهو ما جعل عدد من أعضاء الحزب، وفق مصادر مقربة، غير راضين بحصة الحزب في الحكومة الجديدة بقيادة أخنوش، حيث حصل فقط على 4 حقائب وزارية، بينما حصل حزبا التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة على 7 حقائب لكل منهما. وما يزيد من حالة الامتعاض داخل حزب الاستقلال، هو ما اعتبرته ذات المصادر بمثابة "إهانة" لهذا الحزب العريق من خلال الحقائب الوزارية المخصصة له، داخل الحكومة، والتي اعتبرت "نصف حقائب" و"حقائب تشاركية" ومن بينها وزارة التجهيز والماء التي حضي بها الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، حيث تبين من خلال المرسوم الذي حدد اختصاصات نزار بركة على أنه سيدير "نصف وزارة" قياسا بالصلاحيات التي كانت لسلفه. وحسب هذه المراسيم، فإن تخصصات نزار بركة في وزارة التجهيز والماء تبقى منحصرة سُلطتها على بعض المديريات، مثل المديرية العامة للمياه، ومديرية الأرصاد الجوية، في حين باقي السلط مثل المديرية العامة، والمفتشية العامة، تبقى سلطة نزار بركة عليها مشتركة مع وزير النقل واللوجيستيك محمد عبد الجليل، الذي هو بدوره من حزب الاستقلال، ما يعني أن حقيبة النقل واللوجيستيك المخصصة لهذا الحزب بدورها بمثابة "نصف حقيبة"، حيث تُقتسم مع وزارة التجهيز والماء التي يرأسها بركة. كما أن حقيبة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، الممنوحة لحزب "الميزان" تحت إسم عواطف حيار، يرى متتبعون أنها كان يجب على الأقل أن تكون وزارة قوية بسلطتها على قطاعات مهمة، مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS، إلا أن مراسيم التعيين كان لها رأي آخر، حيث ذهبت السلطة على هذا الصندوق الهام في المغرب، إلى وزارة الاقصاد والمالية برئاسة نادية فتاح عن حزب التجمع الوطني للأحرار. ولم تبق سوى حقيبة وزارة الصناعة والتجارة لحزب الاستقلال التي يتولاها رياض مزور، وهي وزارة تبدو من إسمها ذات أهمية كبيرة، لكن مراسيم التعيين حددت من اختصاصاتها وسلطاتها، وذهبت قطاعات مهمة إلى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات برئاسة يونس سكوري عن حزب "الجرار"، وقطاعات أخرى إلى وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني برئاسة فاطمة الزهراء عمور عن التجمع الوطني للأحرار. ويرى مقربون من حزب الاستقلال، أن هذه الحقائب التي حصل عليها الحزب، لا تعادل حتى الحقائب التي حصلت عليها أحزاب أخرى في حكومات سابقة، بالرغم من أن عدد المقاعد المحصل عليها من طرف تلك الأحزاب في الانتخابات الماضية لم يصل إلى الرقم الهام المُحصل عليه من طرف الاستقلاليين في انتخابات 8 شتنبر من هذا العام. ويضيف هؤلاء أن "أهمية" هذه الحقائب الممنوحة لحزب "الميزان" لا تعادل من جهة عدد مقاعده، ولا مكانته السياسية، كما أن تأثيرها على حياة المواطنين قد لا يكون بتلك الدرجة التي ستجعله من الأحزاب التي ستحظى بتقدير كبير من طرف المواطنين في حالة إذا بذل مجهودا كبيرا عبر هذه الوزارات من أجل البروز، كحق وطموح سياسسي مشروع. كل هذه العوامل، تشير المصادر نفسها، ساهمت في إحداث تصدع "غير علني" إلى هذه اللحظة، داخل حزب الاستقلال، وقد يكون لهذا التصدع تأثير قد يصل صداه إلى الأغلبية الحكومية في المستقبل القريب أو البعيد.