أدى استمرار إدراج المغرب لمجموعة من الدول الأوروبية في القائمة "ب" التي لا زال القدوم منها مرفوقا بعدة تعقيدات بسبب جائحة كورونا، إلى تعقيد تنقل العديد من المغاربة، بما فيهم المقيمون في تلك البلدان أو الذين يضطرون للسفر إليها لغرض العمل أو السياحة أو الدراسة أو حتى العلاج، غير أن الوضع الأغرب يبقى هو ذاك الذي تعيشه حركة السفر من وإلى إسبانيا، التي لا يسمح المغرب بدخول مواطنيه منها حتى لو كانوا ملقحين على أراضيه إلا بعد خضوعهم لاختبار PCR. والمثير في الأمر هو أن إدراج المغرب لإسبانيا في اللائحة "ب" التي لم تُحين منذ بدء العمل بآخر نسخة منها في 13 يوليوز الماضي، يعني أن المغاربة يستطيعون دخول أراضيها بكل سهولة بمجرد تلقيهم التلقيح الكامل، كون أن هذه الدولة تعترف بكل اللقاحات المستخدمة في المملكة بما فيها "سينوفارم"، لكن المشكلة تكمن في عودة هؤلاء المسافرين إلى أرض الوطن، حيث لا يُعد جواز التلقيح كافيا رغم أن من أصدرته هي السطات المغربية، وكأن هذه الأخيرة لا تعترف بفعالية لقاحاتها. وبرز هذا الأمر أكثر مع بدء حركة تنقل السياح المغاربة إلى إسبانيا، حيث تطلب هذه الأخيرة من الراغبين في دخول أراضيها ملء استمارة بشكل مسبق تفيد بتلقيهم تلقيحا كاملا ضد فيروس "كوفيد 19"، وبناء ذلك يتوصلون بشيفرة تُمكنهم من ولوج أراضيها دون الحاجة لأي فحص إضافي، بل لا يكونون مجبرين على ارتداء الكمامة، لكن عند عودتهم يحدث العكس تماما حيث تطالبهم السلطات المغربية بفحص PCR الذي لم تمر عليه أكثر من 48 ساعة. وينطلق المغرب من افتراض أن مواطنيه الذين سافروا إلى إسبانيا قد يكونون حاملين للفيروس رغم أنهم تلقوا التلقيح على أراضيه، ما يثير علامات استفهام حول مدى منطقية هذا الإجراء، خاصة وأنه يُعقد تنقل المغاربة في اتجاه بلدهم دون أن يستفيد هذا الأخير بأي طريقة، فالمسافرون المغاربة يُمنعون من صعود الطائرة في المطارات الإسبانية إذا لم يتوفروا على شهادة الفحص الذي تُلزمهم سلطات المطارات المغربية بالإدلاء بها عند وصولهم أيضا. ويبقى المستفيد الفعلي من هذا الإجراء هي المختبرات الإسبانية التي تجري فحص PCR بأسعار تتراوح ما بين 58 أورو و100 أورو، وفي سبتة مثلا يصل سعره إلى 90 أورو تنضاف لتكاليف الرحلة الطويلة التي على المغاربة الموجودين هناك اللجوء لها، من خلال انتقالهم بحرا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية ثم السفر عبر الطائرة إلى المغرب، في ظل استمرار إغلاق الحدود البرية منذ 13 مارس 2020. وإلى جانب ذلك، فإن هذه التعقيدات تُجهض أمل إعادة إحياء نشاط السياحة في المغرب، وهو الهدف الذي كان سببا رئيسيا في قرار الحكومة الإسبانية تخفيف إجراءات الوقاية من كورونا إلى أقصى حد ممكن، وهي خطة أعلنت عنها وزارة السياحة في هذا البلد الأوروبي في ماي الماضي، وتهدف إلى استقطاب 42 مليون سائح قبل متم العام الماضي، وكان من بين أبرز نقاطها إعفاء السياح من شواهد PCR في حال ما كانوا ملقحين. ويشترط المغرب على الأشخاص القادمين من دول المنطقة "ب" والملقحين بالكامل، تقديم شهادة تفيد بأن المعني بالأمر تلقى تطعيمه بإحدى التلقيحات المعترف بها في المملكة، إلى جانب اختبار PCR سلبي لا تتعدى مدته 48 ساعة بين تاريخ إجرائه وموعد ركوبه الطائرة، وفق ما أعلنت عنه وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.