انقلاب في القناعات لم يكن متوقعا لا من المغرب ولا من إسبانيا، ذاك الذي كشف عنه المتحدث باسم حزب "فوكس" اليميني المتطرف بمدينة سبتة، كارلوس فيرديخو، خلال آخر اجتماع للبرلمان المحلي يوم أمس الجمعة، فالحزب الذي كان يتهم المغرب ب"غزو" المدينة الخاضعة للسيادة الإسبانية قبل بضعة أسابيع تزامنا مع دخول الآلاف من المهاجرين بشكل غير نظامي، أكد هذه المرة أن الرباط لا تتحمل المسؤولية في ما جرى وأن المشكلة تقع على عاتق الحكومة والأمن الإسبانيين. وفجر فيرديخو، وهو عضو في المجلس المحلي لمدينة سبتة وأحد أبرز وجوه حزب "فوكس" التي كانت تلقي باللائمة على المغرب وتتهمه ب"التربص بمدينة سبتة"، فاجأ الجميع يوم أمس حين قال إن اللوم لا يقع على الرباط بخصوص أزمة الهجرة التي حدثت الشهر الماضي، وإنما "على أولئك الذين لا يدافعون عن الحدود"، وهي العبارات التي أثارت احتجاجات الأغلبية التي تقود حكومة المدينة المتمتعة بحكم ذاتي. وتسبب هذا الأمر في إغضاب الحزب الشعبي الذي ينتمي إليه رئيس حكومة المدينة، خوان فيفاس، حيث استغرب أعضاؤه "كيف لا يمكن إلقاء اللوم على السلطات المغربية في الوقت الذي شوهد فيه عناصر من الأمن المغربي وهم يفتحون البوابة الحدودية للمهاجرين غير الشرعيين"، واعتبروا أن تصريحات ممثل الحزب اليميني المتطرف "غير لائقة ودليل على معاداته للوطن"، بل إنهم لم يُخفوا استغرابهم من أن "يتفق فوكس والمغرب"، متسائلين ما إذا كان الأمر "مجرد صدفة". وبالرجوع إلى مواقف فوكس السابقة، يتضح أن هذا الموقف مثير فعلا للاستغراب، فالحزب كان قد وصف، عبر رئيس فرعه في سبتة، خوان سيرخيو ريدوندو، دخول المهاجرين من الجانب المغربي من الحدود بأنه "مسيرة خضراء جديدة" وبأنه "اشبه بعملية تحرير"، أما زعيم الحزب سانتياغو أباسكال فاتهم المغرب رأسا ب"غزو سبتة". واتهام الحزب اليمين المتطرف لحكومة بيدرو سانشيز بالتورط فيما جرى عن طريق تحميلها مسؤولية عدم حماية الحدود بشكل كافٍ، ليس أمرا جديدا، حيث إن أباسكال سبق له أن وصف تعاملها مع هذه القضية بأنه يتسم ب"الجبن والتقاعس"، لكنه حينها كان يحمل المسؤولية أيضا للمغرب ويعتبر أن للرباط "أطماعا" في المدينة، لدرجة أنه طالب سابقا بتحريك الجيش إلى الحدود لحمايتها.