يبدو أن الضغط الذي مارسته الرباط على فرنسا من أجل دعم واضح في قضية الصحراء وإعلان مساندة رسمية لمبادرة المغرب للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية للممملكة على غرار الإدارة الأمريكية، بدأ يترجم على أرض الواقع. فبعد إعلان حزب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون (الجمهورية إلى الأمام) عن فتح فرع له في مدينة الداخلة بالصحراء المغربية، علم موقع "الصحيفة" من مصادر خاصة أن هناك ترتيبات كبيرة ومتقدمة من أجل عقد اجتماع عالي المستوى بين الجانب المغربي والفرنسي بمدينة الداخلة. وحسب المعطيات التي حصل عليها موقع "الصحيفة"، فإن الترتيبات بين باريسوالرباط أصبحت في مراحل متقدمة من أجل تحديد جدول أعمال هذه الزيارة التي حدد لها كتاريخ مبدئي شهر يونيو المقبل. مصادر "الصحيفة" أكدت أن التنسيق بين الرباطوباريس يأتي لحشد دعم أوروبي للمقترح المغربي القاضي بمنح إقليم الصحراء حكما ذاتيا لإنهاء هذا المشكل المفتعل الذي يشكل اسامراره تبعات أمنية خطيرة تضع المنطقة في وضع هش في ظل تنامي الحركات المسلحة في منطقة الساحل، والوضع الأمني المنفلت في شمال مالي، والانقاب في التشاد، وبروز العديد من الحركات المسلحة على طول دول الساحل الإفريقي، والتي تتبنى فكر "داعش" وتنظيم " "القاعدة" العائدان بقوة في هذه المناطق، وانعكاس كل ذلك على أوروبا ومصالحها في المنطقة. ووفق معطيات "الصحيفة"، فإن الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها مسؤولون فرنسيون إلى مدينة الداخلة، تأتي كمبادرة صريح للدعم الفرنسي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء، حيث ينتظر أن يكون الوفد الفرنسي مكون من شخصيات مرموقة مثل النائبان بنيامين غريفو وبيير بيرسون المنتميان لحزب الجمهورية إلى الأمام (الحزب الحاكم)، كما سيمثل الرئيس الفرنسي، مانويل ماكرون، نائب الفرنسيين المقيمين في شمال وغرب إفريقيا مجيد الكراب، بالإضافة إلى الوزير السابق جان لويس بورلو، وزيرا التعاون السابقان جان لوغوين وجان ماري بوكيل والنائب السابق جوليان دراي، الأمين العام للجمهوريين أوريلين برادي ونائبه بيير هنري دومون. وتأتي هذه المبادرة الفرنسية بعد أن سبق لماري كريستين فيردير جوكلاس، النائبة البرلمانية عن تارن لاريم، ونائبة رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية المغربية والمتحدثة باسم فريق حزب الجمهورية إلى الأمام في الجمعية الوطنية، عن إعلان تشكيل فرع لحزب الجمهورية إلى الأمام في الداخلة بالأقاليم الجنوبية للمغرب. وكان هذا الإعلان قد تسبب في أزمة ديبلوماسية بين الجزائروفرنسا بدأت غير معلنة وتحول إلى أزمة معلنة أدت إلى طلب الجزائر إلغاء زيارة وفد وزاري فرنسي إليها، كان يقوده رئيس الوزراء جون كاستيكس. كما جاء طلب إلغاء الوفد الوزراري الفرنسي إلى الجزائر بعد أيام قليلة أكد خلالها وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي ك"أساس جاد وذي مصداقية" لحل ملف الصحراء. ويبدو أن باريس تجد مصالحها القوية مع الرباط على خلاف الجزائر خصوصا في المجال الاقتصادي والأمني، حيث وصل التعاون في هذا المجال إلى مستويات متقدمة، أدت في الكثير من الأحيان إلى تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية التي كانت تهدد فرنسا بشكل مباشر أو أوروبا بشكل عام من خلال التعاون الاستخبارتي المغربي الفرنسي. وكان آخر نتائج هذا التعاون المُعلن هو ما أكدته المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمملكة المغربية، في بلاغ رسمي، من أنها قدمت، لمصالح الاستخبارات الفرنسية الداخلية والخارجية (DGSE-DGSI)، بتاريخ فاتح أبريل 2021، معلومات دقيقة حول مواطنة فرنسية من أصل مغربي كانت بصدد التحضير لتنفيذ عمل إرهابي وشيك كان يستهدف مكانا للعبادة بفرنسا (كنيسة). وبحسب تصريح للناطق الرسمي للمديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، فإن السلطات الفرنسية المختصة باشرت في ليلة 3-4 أبريل الجاري، بعد استغلال هذه المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، عمليات توقيف وحجز مكنت من تحييد مخاطر هذا المشروع الإرهابي. وأضاف المصدر أن المعلومات التي قدمتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني للمصالح الأمنية الفرنسية المختصة، شملت معطيات تشخيصية حول هوية المشتبه فيها الرئيسية، ومعطياتها التعريفية الإلكترونية، فضلا عن المشروع الإرهابي الذي كانت بصدد التحضير لتنفيذه، بتنسيق مع عناصر في تنظيم "داعش".