استيقظت إسبانيا، اليوم الأربعاء، على وقع زلزال سياسي عنيف قد يغير المشهد السياسي في البلاد تماما لصالح الحزب العمالي الاشتراكي وحلفائه في مواجهة التحالف اليميني المكون من الحزب الشعبي وحزب "فوكس" المصنف في خانة اليمين المتطرف، والذي يعد أشد الأحزاب الإسبانية عداء للمغرب، وذلك بعدما قرر حزب "سيودادانوس – المواطنون"، المحسوب على يمين الوسط، الخروج من التحالف والإطاحة بالحكومات الإقليمية اليمينية، وهو بالفعل ما سيحدث في مدريد. وبدأت قصة الصراع بين "سيودادانوس" وحليفيه اليمينين في إقليم مورسيا ذي الحكم الذاتي، حين طفت على السطح فضيحة استغلال أحد القياديين المحليين في الحزب الشعبي لنفوذه من أجل الحصول على التلقيح المضاد لفيروس كورونا رغم كونه لا يدخل ضمن لائحة أصحاب الأولوية، الأمر الذي تطور إلى صراع علني بين مكونات التحالف الثلاثي، ودفع حزب يمين الوسط لوضع يده في يد الحزب العمالي الاشتراكي وباقي مكونات اليسار من أجل وضع مقترح سحب الثقة من الحكومة الإقليمية. وعلى شاكلة تأثير "أحجار الدومينو"، كان لهذا الصراع انعكاسات على العديد من الأقاليم الأخرى، حيث جرى الشيء نفسه في إقليم كاستيا ليون، ثم في إقليممدريد، هذا الأخير الذي وصل فيه الزلزال السياسي لأقصى درجاته اليوم بعدما دعت رئيسته المنتمية للحزب الشعبي، إيزابيل دييز أيوسو، إلى انتخابات إقليمية سابقة لأوانها من أجل حسم الأمور وتفادي مقترح سحب الثقة المقدم ضد حكومتها من طرف حليفها السابق وخصمها اليساري. وإلى جانب الأقاليم الثلاثة المذكورة يقود الحزب الشعبي إقليمين آخرين مهمين هما الأندلس وغاليسيا، بالإضافة إلى قيادته للحكومة المحلية لمدينة سبتة ذاتية الحكم بدعم من حزب "فوكس"، فيما يقود "سيودادانوس" منطقة حكوم ذاتي محلية وحيدة هي مليلية بأغلبية شكلها مع حزب "التحالف من أجل مليلية" والحزب العمالي الاشتراكي، ما يجعل معركة سحب الثقة مفتوحة في هذه الأقاليم بعد تغيير "سيودادانوس" لموقعه. وإذا كان أكبر المستفيدين المحتملين من هذا "الزلزال السياسي" هو الحزب العمالي الاشتراكي الذي يقود حاليا الحكومة المركزية، فإن أكثر المهددين بالخسارة إلى جانب الحزب الشعبي سيكون هو حزب "فوكس" اليميني المتطرف، الذي يجاهر بمعاداته للمهاجرين المغاربة والذي سبق أن دعا لاعتماد الحل العسكري لمواجهة الرباط في قضايا الهجرة السرية وسبتة ومليلية وترسيم الحدود البحرية. ورغم أن "فوكس" لا يقود أي حكومة إقليمية، إلا أنه أصبح قوة سياسية معتبرة بفضل تحالفاته مع الحزب الشعبي و"سيودادانوس"، ما مكنه من رفع شعبيته لدرجة أنه أصبح القوة الثالثة في البرلمان الإسباني، واستطاع اختراق عدة برلمانات إقليمية مستعينا بخطابه الشعبوي المعادي للانفصاليين والمعادي أيضا للمهاجرين، ومن شأن إسقاط تلك التحالفات تحجيم قدرة الحزب في صناعة القرار في العديد من المناطق ذات الحكم الذاتي.