بحلول منتصف الليل الفارق بين يومي 22 و23 دجنبر 2020، كان البرلمان الإسرائيلي "الكنيسيت" قد أنهى تحالفا لم يستمر طويلا بين حزب الليكود وغريمه السياسي ائتلاف "أزرق – أبيض"، فعدم قدرة المؤسسة التشريعية الإسرائيلية على اعتماد ميزانية الدولة الخاصة بسنة 2021 كان يعني تلقائيا حلها والتحضير لانتخابات جديدة هي الرابعة في أقل من سنتين. وسيجد رئيس الوزراء الإسرائيلي وزعيم حزب "الليكود"، بنيامين نتنياهو، نفسه مضطرا مرة أخرى لمواجهة أشرس خصومه في الانتخابات السابقة لأوانها، ويتعلق الأمر بنائبه على رأس الحكومة ووزير الدفاع بيني غانتس، الذي توعد خصمه هذه المرة بتحقيق انتصار حاسم يُبعده عن منصبه الذي عمر فيه طويلا، لكن الأخير كان قُبيل وبُعيد حل البرمان يرتب أوراق أحد أهم الملفات التي يعول عليها لجلب الأصوات، والذي يحمل عنوان "العلاقات مع المغرب". فرصة تاريخية وبدأ نتنياهو التحضير مبكرا لاستمالة أصوات الإسرائيليين من أصل مغربي الذين تقدر إحصائيات رسمية أعدادهم بأكثر من مليون نسمة، أي أنهم ثاني أكبر مجموعة عرقية في إسرائيل بعد ذوي الأصل الروسي، الأمر الذي يفسر الاحتفاء الكبير لرئيس الوزراء العبري بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 10 دجنبر 2020، عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب، وهو الإعلان الذي تزامن مع ظهور إرهاصات حل "الكنيست". وبدا حينها نتنياهو متفائلا للغاية بمستقبل العلاقات المغربية الإسرائيلية، فبعد أن وصف الأمر ب"السلام التاريخي" وشكر الملك محمد السادس على ما وصفه ب"القرار الجريء"، أكد أن الهدف سيكون هو إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين تصل مرحلة تبادل السفراء بينهما، بالإضافة إلى إنشاء خطوط طيران مباشرة، وهو المطلب الذي كان يلح عليه كثيرا الإسرائيليون من أصل مغربي، خاصة الذين يحتفظون بارتباط عائلي وثقافي إلى الآن مع بلدهم الأم. بعيدا عن عيون الغريم لكن نتنياهو كان قبل ذلك بوقت طويل يعد لهذه الخطوة ذات الثقل السياسي الكبير، ويُجهز لاستخدامها كورقة انتخابية عقب الحل المتوقع للكنيست بسبب التجاذبات الحاصلة داخل التحالف الحكومي، والتي بلغت ذروتها مع رفض "الليكود" وحلفائه التصويت لصالح الميزانية العامة للدولة، لذلك فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يخبر نائبهووزير دفاعه بيني غانتس، ولا وزير الخارجية غابي أشكينازي، عن إتمام الأمر إلا صباح يوم إعلانه من طرف الرئيس الأمريكي. وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد أعلنت هذا الأمر رسميا، موردة أنها لم تعلم بالاتصالات الحاصلة بين إسرائيل والمغرب والولايات المتحدةالأمريكية إلا قبل أسابيع من إعلان ترامب، وذلك عن طريق البيت الأبيض، فيما لم يتم إخبارها بالاتفاق إلا قُبيل إعلانه، وهو ما يدل على أن نتنياهو تعمد إبعادها بسبب توليها من طرف أحد خصومه السياسيين، بل إنه استمر في ذلك حتى عندما اختار الوفد الذي سيقوم بأول زيارة رسمية للمغرب بعد الإعلان لتوقيع الاتفاق يوم 22 دجنبر 2020، إذ لم يرأسه أشكينازي وإنما رئيس مجلس الأمن القومي، مائير بن شبات، المغربي الأصل والمقرب جدا من نتنياهو. الترويج لزيارة ملكية لكن الرجل الشهير عند أنصاره بلقب "بيبي"، يُحضر الآن لضربة أقوى يواجه بها طموح غانتس في الانتخابات المقبلة، فهو يرغب في تنظيم زيارة تاريخية للملك محمد السادس إلى إسرائيل، وفق ما كشفت عنه تقارير إعلامية إسرائيلية، والتي أجمعت على أن فريق نتنياهو يعمل على أن إتمام هذه الزيارة "في أقرب وقت ممكن"، حيث ترغب في تنزيل هذه الرغبة على أرض الواقع قبل موعد الاستحقاقات السابقة لأوانها المحدد في نهاية مارس من العام الجاري. ورغم أن الديوان الملكي المغربي لم يعلن عن هذه الزيارة ولم يشر إلى أي إمكانية لحدوثها، كما لم تتحدث عنها أي جهة رسمية في المغرب، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتعامل معها على أنها "متوقعة في أي وقت"، لكنها أيضا تدري أن نتنياهو يرغب في جعلها إحدى أهم نقاط قوته قُبيل الانتخابات، وهو الأمر الذي أشار له موقع "واينت" يوم 4 يناير حين أورد أن هذا الحدث "سيكون تاريخيا وسيُخلف صدى إعلاميا كبيرا، ما سيخدم الحملة الانتخابية لحزب الليكود".