تخوض إسبانيا حربا جديدة مع الاتحاد الأوروبي بخصوص ملف الهجرة غير النظامية وذلك بعد طوفان المهاجرين الذي ضرب جزر الكناري، حيث حاولت بعض الدول إقناع مدريد بتحويل الأرخبيل الموجود في المحيط الأطلسي بالإضافة إلى مدينتي سبتة ومليلية إلى "مراكز أوروبية لاستقبال المهاجرين"، الأمر الذي يعني تطويق المغرب بهذه المراكز لتركها بعيدة عن تراب القارة العجوز. وبعدما أعلن وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا أن نقل المهاجرين الذين أغرقوا جزر الكناري نحو شبه الجزيرة الأيبيرية أمر مستبعد، اقترحت دول من شمال وشرق القارة الأوروبية على مفوضية الاتحاد الأوروبي إقناع حكومة مدريد بتعميم هذه الفكرة ليظل المهاجرون الذين يتسلل عدد كبير منهم عبر التراب المغربي، قابعين في الكناري وأيضا سبتة ومليلية التي تتشارك الحدود البرية مع التراب المغربي وتعتبرهما الرباط مدينتان محتلتان. ووفق ما نقلته وسائل إعلام إسبانية فإن الفكرة القادمة من بروكسيل تتلخص في تحويل المناطق الثلاثة المذكورة على مراكز كبيرة لاستقبال المهاجرين غير النظامين قصد منعهم من الوصول إلى أوروبا، ما يعني أن الأرخبيل المجاور للصحراء المغربية إلى جانب المدينتين المحتلتين ستصبح كلها عبارة عن "ملاجئ دائمة للمهاجرين" الذين يرغب عدد كبير منهم في العبور نحو دول أوروبية أخرى. لكن حكومة إسبانيا التي كانت وراء تحريك هذه الفكرة عن غير قصد من خلال قرار وزير الداخلية الذي يرى أن نقل المهاجرين غير النظاميين من الكناري نحو شبه الجزيرة سيشجع آخرين على القيام بالمغامرة عينها، كانت أشد معارض لهذا المقترح، بل إن رئيس الحكومة بيدرو سانشيز أخبر المفوضية الأوروبية بأن هذا الأمر غير قابل للتطبيق. وشرع سانشيز ابتداء من يوم أمس الأحد عمليا في التراجع عن قرار وزير الداخلية، حين أعلن أن "كل إسبانيا تتضامن مع جزر الكناري في أزمة المهاجرين"، ما يعني أنه فتح الباب لأول مرة لتوزيع الآلاف من المهاجرين الموجودين حاليا فوق تراب الجزر على باقي الأقاليم الإسبانية مستعينا بشبكة واسعة من مراكز الإيواء التي تتوفر عليها إسبانيا. وليست هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها مجموعة من الدول الأوروبية فكرة تخصيص جزء من تراب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، منفصلة عن يابسة القارة، إلى "ملاجئ دائمة" للمهاجرين غير النظاميين، حيث سبق أن حاولت إقناع إيطاليا بترك المهاجرين على جزيرة "لامبيدوزا"، كما أرادت دفع اليونان لتخصيص جزيرة "ليسبوس" أو "كوس" أو "ساموس" للغرض نفسه.