منذ ما يقارب الأربع سنوات يعيش أصحاب السيارات في طنجة معارك شبه يومية من أجل إنقاذ سياراتهم من قبضة "الصابو" الذي تفرضه شركة "صوماجيك باركينغ"، الحاصلة على عقد امتياز من أجل تدبير مواقف السيارات من طرف المجلس الجماعي، وفي المقابل تلجأ هذه الأخيرة إلى توظيف من يوصفون ب"البلطجية" لفرض هذا الإجراء التي صدرت ضده أحكام قضائي، الأمر الذي أدى كثيرا إلى الاعتداء الجسدي واللفظي على المواطنين مثلما حدث هذا الأسبوع لشاب تلقى ضربة في وجهه بآلة حادة. وحسب رواية الشاب، فإنه وجد أن سيارته قد حُجزت بوساطة "الصابو" ليطلب من أحد حراس السيارات التابعين للشركة إزالته باعتباره غير قانوني، لكن هذا الأخير رفض القيام بذلك إلا بعد أن يؤدي صاحب السيارة غرامة قدرها 50 درهما، ما دفع الأول إلى محاولة نزعه بنفسه الشيء الذي رد عليه الحارس بمنعه من ذلك بالقوة لتقوم مشادة بين الاثنين انتهت بتعرض الشاب لاعتداء بواسطة آلة حادة ضُرب بها على وجه، قبل أن يُنقل إلى مستشفى محمد الخامس وبعدها حرر محضرا بولاية أمن طنجة ضد الشركة والمُعتدي. لكن المثير أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فالعشرات من المواطنين تحدثوا لوسائل الإعلام أو عبر منصات التواصل الاجتماعي عن تعرضهم لاعتداء جسدي أو لفظي من طرف من يصفونه ب"بلطجية صوماجيك"، وهم عبارة عن حراس سيارات تتعمد الشركة في اختيارهم التركيز على كونهم ذوي مظهر قبيح وسمعة سيئة قصد تخويف أصحاب السيارات من فرض الصابو بالقوة ومواجهة من يحاولون إزالته بأنفسهم دون دفع الغرامة. والعديد من تلك الاعتداءات، بما فيها الاعتداء على سيدات وسط الشارع العام، جرى توثيقها بالصوت والصورة ونشرها عبر عدة منابر ومنصات، بل إن المحامي الذي نجح في استصدار حكم قضائي من طرف المحكمة الإدارية في الرباط بعدم قانونية "الصابو" بدوره تعرض لاعتداء بالطريقة نفسها، وما يثير الاستغراب هو أن الشركة لا تتراجع عن هذا النهج مستفيدة من الصمت التام للسلطة المُفوِّضة ممثلة في المجلس الجماعي لطنجة. وكان الاعتداء على المحامي عمر بن عجيبة في 2018، وهو عضو لجنة التحكيم الوطنية بالحزب الاشتراكي الموحد، قد دفع حزبه إلى مهاجمة الشركة والجماعة واصفة عقد الامتياز الممنوح ل"صوماجيك باركينغ" بأنه "تفويت" لمواقف السيارات ترافقه "ممارسات تهدف إلى السيطرة على الشارع العام"، مستنكرا ما اعتبره "صمت السلطات تجاه الممارسات الخارجة عن القانون الصادرة عن عمال الشركة". وفي مارس من سنة 2019 أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكما يقضي بإلغاء القرار الإداري الصادر عن المجلس الجماعي لطنجة في الشق المتعلق بالسماح بعقل السيارات وتثبيتها بوضع المكبش على عجلاتها لمنعها من الحركة، عند عدم أداء أصحابها التسعيرة المحددة مقابل الوقوف، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وبرفض باقي الطلب، وفي أبريل من السنة نفسها أصدرت حكما بتعويض أحد المتضررين بمبلغ 20 ألف درهم. وكان المجلس الجماعي لطنجة قد وقع مع الشركة المذكورة عقد امتياز لمدة 30 عاما في عهد العمدة السابق فؤاد العماري المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، والذي يُمكنها من إنشاء مواقف تحت أرضية ومن التحكم في مساحات شاسعة من الشوارع التي حولتها إلى مواقف مؤدى عنها، وبدأ تنفيذ هذا العقد في عهد المجلس الحالي الذي يرأسه محمد البشير العبدلاوي من حزب العدالة والتنمية. ورغم العديد من الشكاوى والدعاوى القضائية ضد ممارسات الشركة، وخاصة موضوع "الصابو" والاعتداء على المواطنين، لم يصدر عن جماعة طنجة أي رد فعل ينهي هذه الممارسات الخارجة عن القانون، بل إن المسؤولين الجماعيين يجتهدون في الدفاع عنها، ففي دجنبر من سنة 2018 مثلا صرح محمد أمحجور، النائب الأول لعمدة طنجة في ندوة حول خدمات ركن السيارات بالمدينة، أن التعاقد مع "صوماجيك" يعد من حسنات المجلس السابق، موردا أن هذه الخطوة ضرورية "لنقل طنجة إلى مصاف المدن العالمية".