نجحت المحاولات المستميتة للحكومة البلجيكية، المدفوعة بضغط كبير من قبل البرلمان الفيدرالي في بروكسيل، في إقناع المغرب بالسماح لمواطنيه الحاملين للجنسية البلجيكية "العالقين" على التراب المغربي بسبب إغلاق المنافذ الحدودية إثر انتشار وباء كورونا، بالعودة إلى بلد الإقامة شريطة إثبات "وجود دافع إنساني". وبعد مفاوضات ماراثونية جمعت بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الخارجية والدفاع البلجيكي، فيليب غوفان، استطاع هذا الأخير إقناع السلطات المغربية ب"التراجع جزئيا" عن قرارها منع المواطنين البلجيكيين الحاملين أيضا للجنسية المغربية من مغادرة التراب الوطني عبر الرحلات الاستثنائية التي تنظمها بروكسيل. وأكدت صحيفة "لوسوار" البلجيكية هذا المعطى أمس الأحد، قائلة إن المغرب ربط موافقته بإثبات خروج المعنيين لأسباب "إنسانية أو اجتماعية"، مبرزة أن سفارة بروكسيلبالرباط شرعت بالفعل في الاتصال بمواطنيها مزدوجي الجنسية الموجودين بالمغرب عبر البريد الإلكتروني، تخبرهم أنها تعد لرحلات جوية جديدة من أجل نقلهم إلى بلجيكا. وشرع هذا البلد الأوروبي في نقل مواطنيه العالقين في دول العالم بعد إغلاق الحدود، حيث قام بنقل 5000 شخص عبر رحلات جوية استثنائية هي الأكبر من نوعها في تاريخ المملكة، منها 26 رحلة انطلقت من المغرب، وتحديدا من مطارات طنجة ومراكش وأكادير، غير أن الحكومة البلجيكية اصطدمت برفض الرباط السماح لمزدوجي الجنسية من هذه العملية وهي الخطوة التي كان المغرب إلى جانب دولة بوروندي، البلدين الوحيدين اللذان اتخذاها. ووضع هذا الأمر وزير الخارجية والدفاع البلجيكي في مأزق أمام البرلمان الفيدرالي، حيث اتُهمت الحكومة بأنها "تعتبر مزدوجي الجنسية كمواطنين من الدرجة الثانية"، ليكشف أن الأمر راجع إلى قرار الحكومة المغربية، مؤكدا أنه واصل مفاوضاته مع وزير خارجية الرباط وكذا سفيرها في بروكسيل محمد عامر، من أجل الوصول إلى حل. وكانت مصادر ديبلوماسية قد أوضحت ل"الصحيفة" أن المغرب اتخذ هذا الإجراء من أجل التحكم في الرحلات الاستثنائية التي تهم خروج المواطنين الأجانب العالقين فوق ترابه، بالإضافة إلى الرغبة في "تفادي إبراز المملكة كدولة عاجزة عن رعاية مواطنيها خلال الأزمة"، واعتبرت أن القرار الأخير يمثل "حلا وسطا"، مبرزة أن قد يشمل حاملي جنسيات دول أخرى. ووفق المصادر ذاتها فإن المعنيين بهذا "القرار الاستثنائي" هم أساسا الأشخاص الذين خلفوا أسرهم خلفهم في بلدان الإقامة، علما أن المغاربة يشكلون أكبر جالية أجنبية في بلجيكا، ويبلغ تعداد السكان من أصل مغربي أكثر من 600 ألف نسمة أي ما يمثل 4 في المائة من إجمالي السكان، حسب دراسة لمركز البحث الديموغرافي والمجتمعي بالجامعة الكاثوليكية في لوفرين.