1. الرئيسية 2. تقارير الكونغرس البيروفي يعلن دعمه الرسمي لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء ويطالب حكومته والمجتمع الدولي بتأييدها الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 18 مارس 2025 - 19:23 في خطوة دبلوماسية تعكس التحولات المتسارعة في السياسة الخارجية البيروفية إزاء ملف الصحراء، تبنى الكونغرس البيروفي مذكرة تحث حكومة البلاد على التعبير عن دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، معتبرةً إياها الحل الوحيد الجاد والواقعي لهذا النزاع الإقليمي. ولم يكن هذا القرار مفاجئًا لمن يتابع تطورات الموقف البيروفي، حيث شهدت السنوات الأخيرة مراجعات متتالية لسياسات هذا البلد تجاه القضايا الدولية، خصوصًا في ما يتعلق بالنزاعات الإقليمية، وبالتالي، فإن دعم بيرو الصريح لمغربية الصحراء يكرس موقعها ضمن الدول التي تتبنى نهجًا براغماتيًا في تعاطيها مع قضايا الشرعية الدولية، ويؤكد على تصاعد التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد للنزاع، ووفق مقاربة واقعية تُحقق الاستقرار والتنمية في المنطقة. وتضمّنت المذكرة، التي تم تبنيها بأغلبية ساحقة من قبل الكونغرس البيروفي، دعوة صريحة لوزارة الخارجية البيروفية من أجل اتخاذ موقف داعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، والإقرار بجدواها ومصداقيتها باعتبارها الإطار الأكثر واقعية لحل هذا النزاع المستمر منذ عقود، كما طالبت، في خطوة لافتة، بأن تدعو بيرو باسمها المجتمع الدولي إلى دعم المبادرة المغربية وتعزيز الحوار والتعاون كآليتين أساسيتين للوصول إلى حل نهائي. وتبرز الوثيقة أن هذا النزاع قد شكل لسنوات طويلة عقبة أمام التنمية والاندماج المغاربي، مما يتطلب حلاً سياسياً يتأسس على الواقعية والتوافق، ومن هذا المنطلق، دعت المذكرة جميع الأطراف المعنية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات واستئناف مسار الموائد المستديرة، بروح من الالتزام والاحترام المتبادل، وتحت رعاية الأممالمتحدة. وأكد الكونغرس البيروفي، في ديباجة المذكرة أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية حظيت بإشادة واسعة من المجتمع الدولي، حيث تم اعتبارها الأساس الأكثر جدية ومصداقية للوصول إلى حل عادل ودائم لهذا النزاع الإقليمي. وأشار البرلمانيون البيروفيون، إلى أن أكثر من 120 دولة، بما في ذلك قوى كبرى مثل الولاياتالمتحدة وإسبانيا وفرنسا والبرازيل والشيلي، أعربت علناً عن دعمها لهذه المبادرة، كما شددوا على أن هذه المبادرة لا تعزز الاستقرار الإقليمي فحسب، بل تضمن أيضاً حقوق وحريات الساكنة المحلية ضمن إطار يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية. وأحد الأسس التي استندت إليها المذكرة البرلمانية هو القرار رقم 2756 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 30 أكتوبر 2024، والذي أكد على الجهود الدبلوماسية التي بذلها المغرب لحل النزاع، وهذا القرار شدد على أهمية المبادرة المغربية باعتبارها الحل الوحيد القابل للتنفيذ، في انسجام مع ميثاق الأممالمتحدة. كما ذكّرت المذكرة بأن المغرب قد راكم مكتسبات دبلوماسية هامة في هذا الملف، وأن الأممالمتحدة تدعو الأطراف إلى الانخراط في مسار تفاوضي جاد، مما يعكس أهمية المبادرة المغربية كأرضية للحل النهائي. ومن المتوقع أن يسهم هذا الموقف في تعزيز العلاقات المغربية-البيروفية، لا سيما في ظل تنامي التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، فقد شهدت السنوات الأخيرة ازدهاراً ملحوظاً في المبادلات التجارية والاستثمارية بين الرباط وليما، حيث يراهن الطرفان على توسيع التعاون في مجالات الفلاحة والصناعة والخدمات. إلى جانب ذلك، يأتي هذا القرار في سياق انخراط دول أمريكية لاتينية أخرى في دعم مغربية الصحراء، وهو ما تجلى في فتح قنصليات كل من كولومبيا والسلفادور في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهذا التوجه يعزز موقع المغرب كشريك استراتيجي في المنطقة، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون جنوب-جنوب، خاصة في قطاعات التنمية المستدامة والتكنولوجيا. وعلى المستوى السياسي، يكرس هذا القرار التقارب المتزايد بين المغرب وبيرو، خاصة بعد تعزيز الحوار البرلماني والدبلوماسي بين البلدين في السنوات الأخيرة، حيث باتت ليما تنظر إلى الرباط كشريك موثوق في القارة الإفريقية. وقرار الكونغرس البيروفي، إذ يمثل انتصاراً دبلوماسياً جديداً للمغرب، فهو يعكس اتجاهاً دولياً متزايداً نحو الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء، فمع استمرار تزايد التأييد الدولي لهذا الحل، يبدو أن مسألة حسم النزاع باتت مسألة وقت، في ظل المقاربة الواقعية والتوافقية التي يعتمدها المغرب، والتي تتماشى مع الشرعية الدولية وأسس الاستقرار الإقليمي، كما أن دعم بيرو، إلى جانب دول أخرى في أمريكا اللاتينية، يشكل نقطة تحول مهمة في مسار هذا الملف. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وبيرو إلى عقود طويلة من التطورات لا سيما منذ تسعينيات القرن الماضي، بيد أنه بدأت الرباط وليما في تعزيز التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية بشكل ملحوظ في العقدين الأخيرين، حيث أصبحت بيرو أحد الشركاء الأساسيين للمغرب في أمريكا اللاتينية، كما أن العلاقات الثنائية عرفت تقارباً استراتيجياً بعد سلسلة من الزيارات الرسمية والتوقيع على اتفاقيات تعاون في مجالات متعددة، مثل الفلاحة والتجارة والاستثمار. أما فيما يتعلق بموقف بيرو من ملف الصحراء، فقد شهد هذا المسار تحولات بارزة، فعلى مدى سنوات، تذبذب موقف الحكومات البيروفية بين الاعتراف بالجمهورية الوهمية التي تدعمها الجزائر وسحب الاعتراف بها، غير أن التوجه السياسي لبيرو بدأ يسير بشكل واضح نحو دعم موقف المغرب، خاصة بعد أن سحبت اعترافها ب"البوليساريو" في عدة مناسبات، كان آخرها عام 2022، حين أكدت وزارة الخارجية البيروفية دعمها لحل سياسي في إطار سيادة المغرب، ومنذ ذلك الحين، عززت بيرو موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرة إياها الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق، وهو ما تُوج بالمذكرة التي تبناها الكونغرس أخيرا.