1. الرئيسية 2. المغرب أكثر من 200 خلية فُككت منذ 2002.. المغرب مازال مستهدفا ب"عمليات دامية" بعد أكثر من ست سنوات على جريمة إرهابية كبيرة الصحيفة – حمزة المتيوي الأثنين 27 يناير 2025 - 14:36 مروحية للدرك الملكي تحلق في السماء وداخلها عُنصر أمن مسلح، وقناصة انتشروا على الأسطح مُصوبين بنادقهم نحو الهدف المحتمل، وأمنيون مُقنَّعون يتسلقون جدران البنايات، وسيارات القوات الخاصة للمكتب المركزي للأبحاث القاضية تحاصر المكان.. الأمر لا يتعلق بمشاهد من فيلم إثارة أو جريمة، ولا بمقاطع لتدريبات لقوات مكافحة الإرهاب، وإنما بعملية نوعية جنَّبت المغرب ما وصفها المكتب المركزي للأبحاث المركزية ب"الكارثة الحقيقية". فعملية "حد السوالم"، التي أعلن عنها بشكل رسمي المكتب التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم أمس الأحد، على لسان مديره الشرقاوي حبوب، أكدت أن المملكة مُستهدفة من طرف التنظيمات الجهادية، وأن التخطيط جارٍ، بإصرار واضح، على توجيه ضربة أمنية كبيرة لها، بعدما استطاعت قواتها الأمنية وأجهزتها الاستخباراتية تفادي هذا السيناريو لأزيد من 6 سنوات. في الذاكرة.. هجمات دامية منذ 16 ماي 2003، تاريخ الهجمات الدامية التي شهدتها مواقع مختلفة بمدينة الدارالبيضاء، والتي نفذها 12 انتحاريا شابا ينحدرون من حي سيدي مومن الغارق في الفقر والتهميش، ويدينون بالولاء لتيار "السلفية الجهادية"، مؤديةً إلى سقوط 33 مدنيا مغاربة وأجانب، اعتادت قوات الأمن على تفكيك العديد من الخلايا واعتقال العشرات من المتطرفين سنويا، الذين كانوا بصدد الإعداد لهجمات أخرى جديدة. ومع ذلك، فإن سهام الجماعات المتطرفة استطاعت اختراق جسد المملكة على فترات متفاوتة بعد ذلك، أبرزها كانت في مارس وأبريل من سنة 2007، في سلسلة التفجيرات التي شهدتها مدينة الدارالبيضاء من طرف انتحاريين ينتمون لما عُرف حينها ب"خلية الرايدي"، إحداها أدت إلى مقتل شرطي، بدأت بتفجير مقهى للانترنت، ثم حاولت استهداف مقر القنصلية الأمريكية والمركز الثقافي الأمريكي. الضربة الكبيرة الثانية التي هزت المغرب بعد ذلك، كانت تفجير مقهى "أركانة"، المكان السياحي المطل على ساحة "جامع الفنا" في مراكش، والتي أدت إلى مقتل 17 شخصا، من بينهم 8 فرنسيين ومغربيان، والباقون من كندا وسويسرا وبريطانيا والبرتغال وهولندا، وهي العملية التي تمت بواسطة عبوة ناسفة ووقفت وراءها خلية من 9 أشخاص يتزعمها شخص اسمه عادل العثماني، والذي حُكم عليه بالإعدام. آخر الضربات القاسية التي تعرض لها المغرب، كانت بتاريخ 17 دجنبر 2018، وتُصنف ضمن خانة العمليات التي ينفذها من يوصفون ب"الذئاب المنفردة"، حين هاجم 3 أشخاص موالين لتنظيم "داعش" سائحتين، دانماركية ونرويجية، كانتا تبيتان داخل خيمة بمنطقة شمهروش الجبلية في قرية إمليل قرب أزيلال، وقام شخص رابع بتوثيق عملية ذبحهم بفيديو يحمل عبارات تهديد ووعيد، جرى نشره على الانترنت. هذه العمليات الدامية، التي كانت من بين تبعاتها التسبب في نشر شعور عام بانعدام الأمن داخل المملكة لفترة غير وجيزة، والتي وجهت طعنة للقطاع السياحي الذي يشكل إحدى الدعامات المهمة للاقتصاد المغربي، تطلبت من السلطات المغربية تقوية أجهزتها الأمنية والاستخباراتية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وكانت أهم دافع لتأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية "البسيج" سنة 2015. 200 خلية في 22 عاما الثابت أن تعامل الرباط مع التهديدات الإرهابية يصبح أكثر صرامة سنة بعد أخرى، وهو ما تؤكده الإحصائيات السنوية لعمليات أجهزتها الأمنية، إذ في نونبر من سنة 2024 أعلنت وزارة الداخلية أن المغرب تمكن من تفكيك أكثر من 200 خلية إرهابية منذ سنة 2002، وما بين فاتح يناير 2023 و30 شتنبر 2024 تم تفكيك 9 خلايا واعتقال 33 عنصرا في مدن مغربية عدة. أما أرقام المديرية العامة للأمن الوطني الخاصة بسنة 2024، فتُظهر أنه في الشق المتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف والإشادة بالأعمال الإرهابية، أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية هذه السنة على النيابة العامة المختصة 32 شخصا يشتبه في تورطهم في هذا النوع من القضايا، وذلك دون احتساب الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. ومن بين الأشخاص الذين أحيلوا على القضاء في قضايا الإرهاب، وفق المصدر نفسه، جرى تقديم 5 من أجل الارتباط بخلية إرهابية بغرض الإعداد والتحضير لارتكاب أعمال إرهابية والإشادة بالإرهاب، و24 شخصا من أجل تحريض الغير على الالتحاق بتنظيمات إرهابية بالخارج، وشخصان اثنان من أجل الاشتباه في محاولة التخطيط لتنفيذ عمل إرهابي، وشخص واحد من أجل التهديد بارتكاب عمل إرهابي، والأخطر من ذلك هو أن شخصين اثنين من بين الموقوفين كانوا بالفعل بصدد التخطيط لتنفيذ "عمل إرهابي", وفق تقرير المديرية. هجوم موؤودٌ قبل "الكان" هذه المعطيات، تبرز أهمية العملية المُعلن عنها بتاريخ 26 يناير 2025 في حد السوالم، والتي تطلبت عدم الاكتفاء ببلاغ أو قصاصة رسمية، بل بخروج مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، للإدلاء بتصريحات كشفت عن اعتقال 4 أشخاص من بين 3 أشقاء، وضعهم تحت الحراسة النظرية على خلفية البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة. وأوضح المسؤول الأمنية نفسه أن العملية، التي قام بها المكتب المركزي للأبحاث القضائية بناء على معلومات أمنية دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، نفذتها القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ومتخصصون في الرماية عالية الدقة ومروحية تابعة للدرك الملكي قامت بتمشيط من الأعلى، بالإضافة إلى خبراء المتفجرات وكلاب مدربة للشرطة. ووفق مدير "البسيج" فإن التفتيشات وإجراءات البحث المنجزة تحت إشراف النيابة العامة مكنت من حجز كميات مهمة من السوائل والمساحيق والمواد المشبوهة والأسلحة البيضاء بالمكان الذي تم التدخل فيه، والتي ستحال على المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية من أجل إخضاعها للخبرة ومعرفة نتيجتها. ومضمون البلاغ الذي سبق تصريحات الشرقاوي حبوب، يؤكد أن المغرب نجا من عملية دامية جديدة في وقت حساس، وذلك قبل يوم واحد فقط من احتضان العاصمة الرباط لقرعة كأس أمم إفريقيا 2025 التي ستحتضنها المملكة بعد أقل من 11 شهرا، إذ قال إنه جرى "إجهاض مخطط إرهابي وشيك كان في مرحلة التحضير للتنفيذ المادي لعمليات تفجيرية". وأورد "البسيج" أن إجراءات التدخل والاقتحام التي باشرتها عناصر القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بتنسيق مع عمداء وضباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وبتعاون ميداني مع عناصر الفرقة الجوية والمركز القضائي للدرك الملكي، أسفرت عن توقيف أربعة عناصر متطرفة ترتبط بتنظيم "داعش" الإرهابي، ويبلغ المعنيون بالأمر من العمر 26 و29 و31 و35 سنة، وكانوا ينشطون في منطقة حد السوالم بإقليم برشيد.