1. الرئيسية 2. تقارير قيادي في جبهة "البوليساريو" الانفصالية يدعو إلى احتلال موريتانيا وجعلها "صحراوية" في ظل تهديدات التفكك التي تواجهها الجزائر الصحيفة - خولة اجعيفري الخميس 26 دجنبر 2024 - 14:52 يبدو أن اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، قد صب الزيت على نار الغضب المتأجج في صفوف جبهة البوليساريو الانفصالية، التي لم تخفِ غضبها من هذا اللقاء، لتصل تداعياتها إلى حدّ تصريحات خطيرة أطلقها القيادي في صفوفها أحمد ولد عبيد، المعروف ب"البيتشو"، وهو يدعو بشكل غير مسبوق إلى مهاجمة موريتانيا، واحتلالها، بدعوى أنها تمثل "خطرًا وجوديًا" على مشروع الجبهة الانفصالية، مؤكدا أنّ التهديدات الداخلية للجزائر بالتقسيم والتفكك تتزايد، وهي الداعم الأساسي للجبهة. هذا التصعيد الحاد الذي أبدته جبهة البوليساريو، يعكس حالة من التوتر والارتباك التي تسيطر على قيادتها في ظل التحولات الاستراتيجية السريعة التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، فبينما تتواصل الدينامية الإيجابية التي أحدثها التقارب الاستراتيجي بين الرباطونواكشوط، وما صاحبها من تفاعل أممي متقدم مع الملف، خرج القيادي في الجبهة، أحمد ولد عبيد، المعروف ب"البيتشو"، بتصريحات غاضبة وغير مسبوقة، تضمنت دعوة صريحة لمهاجمة موريتانيا واحتلال أراضيها. وفي تسجيل صوتي تم تداوله على نطاق واسع، وصف ولد عبيد موريتانيا بأنها "خطر وجودي" على مشروع البوليساريو، مدعيًا أن النظام الموريتاني يخدم أجندات أمريكية وغربية تتعارض مع أهداف الجبهة، كما هاجم ولد عبيد السلام القائم بين البوليساريو وموريتانيا، معتبرًا إياه "سلامًا ملغومًا"، وزعم أن عداء موريتانيا لجبهته ليس وليد اللحظة، بل يمتد إلى العام 1975. واستند في تصعيده إلى ادعاءات تفيد بأن الدول الغربية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وفرنسا، تسلّح موريتانيا بشكل يهدد وجود البوليساريو، كما اعتبر القيادي الصحراوي أن على الجبهة وضع خطة عاجلة لاحتلال موريتانيا، التي وصفها بأنها "غير مؤتمنة" وتعمل لصالح القوى الغربية "الاستعمارية". وتطرّق ولد عبيد إلى الوضع الجيوسياسي المحيط بحليف الجبهة الأساسي، الجزائر، مشيرًا إلى أن الأخيرة تعاني من تهديدات داخلية بالتقسيم، في ظل إحاطتها ببلدان "ضعيفة وممزقة" مثل مالي والنيجر وتونس وغرب ليبيا، وذهب القيادي إلى القول إن موريتانيا، التي وصفها بأنها "صنيعة الغرب"، تمثل حجر عثرة أمام الجبهة، مدعيًا أن نواكشوط تلعب أدوارًا مزدوجة، حيث تُظهر الود علنًا فوق الطاولة، لكنها – بحسبه – تتآمر سرًا مع القوى الغربية ضد البوليساريو وهي تكشر أنيابها. وفي حديثه عن المغرب، زعم ولد عبيد أن الرباط تعمل على مشروع كونفدرالي يخص الأقاليم الجنوبية، بدءًا من كلميم واد نون وصولاً إلى الداخلة وعاصمتها العيون، بهدف تعزيز نفوذها الإقليمي وفتح آفاق للتوسع نحو موريتانيا، معتبرا أن هذه الخطوات تشكّل تهديدًا مزدوجًا، حيث تخدم مصالح المغرب من جهة وتعمل على إضعاف الجبهة من جهة أخرى. ولم يتوقف التصعيد عند هذا الحد، بل أصر ولد عبيد على ضرورة "استعادة" موريتانيا وتحويلها إلى "أرض صحراوية" تحت سيطرة البوليساريو، مبررا دعوته تلك بأنها السبيل الوحيد لضمان توقف نواكشوط عن حمل السلاح ضد الجبهة، مدعيًا أن موريتانيا هي "غازية ومعتدية" تتضامن مع أعداء البوليساريو سرًا، بينما تبتسم علنًا "بأنياب مكشّرة"، كما ألقى باللائمة على الولاياتالمتحدة، معتبرًا أنها العقل المدبّر لكل ما يواجه مشروع البوليساريو من تحديات، متهمًا إياها بأنها وراء تغيير القيادة الموريتانية لتحقيق أهداف استراتيجية لا تخدم مصالح الجبهة. وهذه التصريحات التي لا تخلو من لغة التهديد، تعكس حجم القلق الذي تعيشه جبهة البوليساريو في ظل المتغيرات السياسية والدبلوماسية المتسارعة، والتي يبدو أنها تضعها في مواجهة مباشرة مع واقع إقليمي ودولي جديد يتجاوز حساباتها التقليدية، وفق الباحث الموريتاني في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، محمد ولد عمو الذي اعتبر أن التصعيد الخطابي الأخير وغير المسؤول الذي صدر عن أحد قياديي جبهة البوليساريو تجاه موريتانيا يُظهر بوضوح حالة من التخبط الذي تعيشه الجبهة في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. واعتبر المتحدث، في حديثه ل "الصحيفة"، أن هذا النوع من التصريحات غير المسؤولة، الذي يتضمن دعوات صريحة لاستهداف دولة ذات سيادة مثل موريتانيا، يتناقض مع القواعد الأساسية للعلاقات الدولية ويعكس فقدان الجبهة للبوصلة في التعامل مع التطورات الإقليمية، موردا أن بلاده وبحكم موقعها الجغرافي ودورها التاريخي، تنتهج سياسة قائمة على الحياد الإيجابي والتوازن في علاقتها مع جميع الأطراف، بما يضمن مصالحها الوطنية ويحفظ استقرار المنطقة، لكن من المهم أن يفهم الجميع أن هذا الحياد لا يعني القبول بأي تهديد لسيادتها أو لأمنها القومي. وتصريحات مثل هذه، التي تدعو إلى مهاجمة دولة ذات سيادة أو التشكيك في نظامها السياسي، اعتبرها الباحث الاستراتيجي الموريتاني تمثل تجاوزًا خطيرًا، لافتا إلى أن موريتانيا لديها جيش قوي ومؤسسات أمنية راسخة قادرة على حماية حدودها وضمان استقرارها، وهي على أتم الاستعداد للتصدي لأي تهديد محتمل، كما أن علاقاتها الدولية، سواء مع الشركاء الإقليميين مثل المغرب أو مع القوى الدولية الكبرى، توفر لها الدعم اللازم لتعزيز قدراتها الدفاعية والأمنية. وبحسب الخبير الموريتاني ولد عمو، فإن الواقع هو أن جبهة البوليساريو تواجه تحديات وجودية متزايدة، خصوصًا في ظل التقارب المغربي الموريتاني الذي أوجد ديناميكية جديدة في المنطقة، فضلاً عن التحولات الدولية التي أضعفت من قدرة الجبهة على فرض أجنداتها. مضيفا أنه بالنسبة لموريتانيا، أي محاولة لزجها في صراع لا يخصها بشكل مباشر لن تُقابل إلا بالمزيد من التماسك الداخلي والتعاون مع شركائها الدوليين لضمان استقرار المنطقة بأكملها، مؤكد أنه "يبقى الخيار الأفضل للجبهة هو الانخراط في مسار سلمي يتماشى مع قرارات الشرعية الدولية، بدلاً من التصعيد اللفظي والتهديدات الفارغة التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من عزلتها."