1. الرئيسية 2. آراء كوغنيفاي: من الذكاء الاصطناعي إلى الذاكرة الاصطناعية نجيب مصطفى كمالي الأثنين 12 غشت 2024 - 21:36 لطالما اعتمدت فكرة إعادة تأهيل السجناء على أساليب تقليدية مثل العلاج والتعليم وبرامج إعادة الإدماج. ولكن مفهومًا ثوريًا يُدعى كوغنيفاي Cognify، ابتكره عالم الأحياء الجزيئية اليمني هاشم الغايلي، يقترح نهجًا مختلفًا تمامًا. يعتمد هذا المفهوم المستقبلي على استخدام الذكاء الاصطناعي لزرع ذكريات صناعية في عقول السجناء، مما يغير سلوكهم ويسهل إعادة اندماجهم في المجتمع. ورغم أن الفكرة تبدو واعدة، إلا أنها تثير أيضًا تساؤلات أخلاقية عميقة. كوغنيفاي هو سجن مفاهيمي حيث لا يقضي السجناء عقوباتهم بطرق تقليدية. بدلاً من ذلك، يخضعون لعملية إعادة تأهيل سريعة من خلال زرع ذكريات صناعية. يعتمد هذا المفهوم على تقنية متقدمة من الذكاء الاصطناعي قادرة على رسم خريطة للدماغ وزرع ذكريات تتناسب مع جسامة جرائمهم. تبدأ العملية برسم خريطة عصبية دقيقة لتحديد مناطق محددة في الدماغ تستهدفها. على سبيل المثال، قد يتم زرع ذكريات لشخص ارتكب جريمة عنيفة تجعله يشعر بالألم الذي عانى منه ضحاياه، بهدف إثارة التعاطف والندم لديه. هذه الذكريات، رغم كونها صناعية، تصبح تجارب دائمة في ذاكرة السجناء، مما يغير نظرتهم للعالم وسلوكهم. أحد الجوانب الأكثر ابتكارًا في كوغنيفاي هو قدرته على مراقبة وتعديل العلاج في الوقت الفعلي. تتيح هذه المراقبة المستمرة تحسين فعالية عملية إعادة التأهيل، مما يضمن أن الذكريات المزروعة تحقق التأثير المرغوب. تُستخدم البيانات التي تُجمع خلال هذه التدخلات لتطوير أساليب إعادة التأهيل وفهم العقل الإجرامي بشكل أفضل. يمكن أن تسهم هذه الطريقة في تقليل معدلات العودة إلى الجريمة، كما يمكن أن توفر الأموال العامة من خلال تقليص مدة السجن. وبالتالي، يمكن استثمار الأموال التي يتم توفيرها في قطاعات أخرى، مما يسهم في تحسين المجتمع بشكل عام. رغم أن كوغنيفاي مصمم في الأساس للنظام العقابي، إلا أن تطبيقاته قد تمتد إلى مجالات أخرىخارج العدالة الجنائية. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام هذه التكنولوجيا لعلاج اضطرابات نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة أو فقدان الذاكرة الحاد من خلال زرع ذكريات إيجابية. وهذا قد يفتح آفاقًا جديدة للعلاج، مما يغير الطريقة التي نتعامل بها مع الصحة العقلية. ومع ذلك، وعلى الرغم من وعودها، فقد يكون لمفهوم كوغنيفاي تداعيات أخلاقية ومخاوف عديدة، مما يجعله يثير تساؤلات أخلاقية كبيرة. إن فكرة التلاعب بذكريات الإنسان، حتى لو كان ذلك بغرض إعادة التأهيل، قد تكون لها عواقب غير متوقعة على المدى الطويل. فالذكريات الصناعية قد تغير هوية الأفراد، مما يطرح نقاشات حول الإرادة الحرة والنزاهة العقلية. إضافة إلى ذلك، قد يُنظر إلى استخدام هذه التكنولوجيا على أنها شكل من أشكال التحكم العقلي، مما قد يؤدي إلى إساءة استخدامها. فمسألة تغيير ذاكرة الشخص، حتى لو كان ذلك لمصلحته، تثير التساؤل حول مدى استعدادنا للمضي في سبيل إصلاح السلوك البشري. إن مفهوم كوغنيفاي يمثل تقدمًا يمكن أن يكون ثوريًا في مجال إعادة تأهيل السجناء والصحة العقلية. ومع ذلك، من الضروري النظر في التداعيات الأخلاقية والمخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا. ورغم أن هذا المفهوم لا يزال ضمن إطار الخيال العلمي في الوقت الراهن، إلا أنه يعكس الإمكانيات اللانهائية التي تقدمها التطورات التكنولوجية الحالية. ومع ذلك، من الضروري ضمان أن تكون هذه الابتكارات محكومة بمبادئ أخلاقية قوية لتجنب الانحرافات المحتملة. في نهاية المطاف، يطرح كوغنيفاي سؤالاً أساسيًا: إلى أي مدى نحن مستعدون لتقبل ما قد يصل إليه الذكاء الاصطناعي خصوصا في مجال السيطرة على العقل البشري؟▪