1. الرئيسية 2. آراء معارك تحدث في الخفاء عبد الكريم ساورة الثلاثاء 11 يونيو 2024 - 18:25 يخوض كل واحد منا أكثر من حرب وعلى أكثر من واجهة، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الحروب صامتة، وكثير منا من يحترمون أنفسهم، فيحاولون فعل أي شيء من جل أن تظل أحداث هذه الحروب في طي الكتمان لايعرف موضوعها ولا تفاصيلها أي أحد، من أجل أن تظل حربا مقدسة ونبيلة في أبعادها وتجلياتها على الأقل، ومع ذلك فإنها تحدث جروحا عميقة لسنوات طويلة في النفس والروح. يحكي الكثير من الممثلين الذين عرفوا شهرة واسعة عن معاناتهم مع زوجاتهم ، وغالبا ماتكون هذه الزيجات من الممثلات أو عارضات الأزياء، وكيف تحولت حياتهم إلى جحيم في الجحيم، وكثيرا مادفعت هذه الظروف إلى الجنون أو الإنتحار، أما عشيقاتهم فهذه لعنة أخرى لاتحتمل، وقد يقول قائل : هذه هي حياة الممثلين، ودائما ماتكون مصحوبة بالخطيئة أو بالخطايا من كلا الطرفين، ولكن هذا مجرد إدعاء وحسد لهذه الشريحة التي بدورها تبحث عن حياة مليئة بالحب والاستقرار، لكن ماكينة الإعلام وثمن الشهرة، لاتدعهم يعرفون ولو يوما واحدا من الهدوء و الاستقرار. وكلنا نعرف ماكانت تعيشه الأميرة ديانا من عنف الإعلام عليها ومتابعته اليومية لها أين ماحلت وارتحلت حتى لقيت حتفها وهم يتلصصون أخبارها مع عشيقها المصري، وكيف كانت تعيش حياة مليئة بالمعاناة مع أمير لاتعشق فيه سوى تراتبيته في سلم الحكم في مملكة لاتغيب فيها الشمس. وقد يعتقد الكثير أن هذه الحروب الأسرية يعيشها فقط الممثلين والأغنياء والأمراء في دهاليز القصور بمفردهم، لكن حتى الطبقات المتوسطة والأسر الفقيرة تعيش من الحروب مايشيب له الرأس ودون توقف والخطير في الأمر أن هذه الحروب تحدث بسبب مشاكل تافهة جدا، لاتتعدى مشاكل الأكل واللباس وبعض المصاريف المحدودة، وقد نسمع في كل مرة أخبار تتناقلها الألسن عن وقوع أحداث بين إخوة أو أخوات أو أزواج عن أشياء تافهة جدا، وقد تكون مخلفاتها قد تصل إلى القتل أو إلى المحاكم عندما يفقدون السيطرة في التحكم فيها في بعض الأحيان. وقد حكت لي خادمة عن رجل له مهنة محترمة جدا، تشاجر مع زوجته بسبب كلمة قبيحة تفوهت بها ، فقرر هذا الرجل الصوم عن الكلام ، وعزل عنها الفراش قرابة 16 عاما، وقد كانت تستعطفه في كل مرة أو في مناسبة الأعياد وكان يرفض رفضا باتا أن يكلمها أو ينام معها، وكان رجلا متدينا وخلوقا، وقد حاول أن يعيش معها في سقف واحد دون أن يطلقها ودن يعاشرها. وقد حكى لي صديق لي عن أباه وكان موظفا محترما في قطاع التعليم كيف خاصم أخاه الأكبر لمدة عشرون سنة بسبب زواجه من فتاة رفض أباه زواجهما، وقد أخد على نفسه وعدا بعدم زيارته إلى منزلهما، كما منع عليه أن تجئ زوجته إلى داره، وهكذا بقي على هذا الحال أكثر من 20 سنة ولازال الوضع على ماهو عليه حتى توفي الأب، دون أن يتنازل الأب عن قراره . أما حروب الأباء مع بناتهم، فنجد العديد من الحكايات التي تدمي القلوب، وقد كنت أتابع برنامج بإحدى الإذاعات يختص في نقل حكايات البنات الهاربات من بيوتهن بسبب خصام مع إخوانهم أو أبائهم، وعندما غادرن المنزل، أصبحن يمارسن الدعارة لأنها الوسيلة الوحيدة التي يجدنها في طريقهن، والغريب أن أغلبهن يقررن عدم العودة إلى المنزل حتى ولو سمعن بوفاة الوالد، فيبكين بكاء مرا، وقد ترفعن أكف الدعاء له بالمغفرة والتواب في صمت. قد يبدو أن الحياة مليئة بالأسرار الساخنة، والأكثر منها مفزعة ومبكية، وفي كثير من الأحيان تظل هذه الأسرار مدفونة بين جدران البيوت، أو القصور، أو الكنائس، لايخرج منها إلى النزر القليل، فتحدث رعبا مدويا عند سماعها، وكثير ما يتساءل الناس فيما بينهم قائلين : هل فعلا حدث هذا ؟ وكيف حدث ؟ ولماذا حدث ؟ وغالبا عندما يجهتد المجتهد للإجابة عن هذه الأسئلة يبقى حائرا عندما يكتشف أن تفسير وتحليل هذه الأحداث ليس بالأمر الهين وأن الإجابة لن تكون سهلة كما كان يتوقع في بداية الأمر، فيعترف بصعوبة الأمر، وذلك لسبب بسيط أن كل مايقع هو من فعل الإنسان، من ذكاء الإنسان، ومن غباء الإنسان، والأروع من هذا من ضعف الإنسان. نعم الإنسان ضعيف، عندما يفقد الثقة في نفسه في لحظة من اللحظات، فعندما يصبح مجرد سر صغير يؤرق مضجعه ويُخيفُه ُويفعل كل شيئ من أجل أن يدفنه ولايعلم به الأخرون فهذه إشارة واضحة على أن هناك خلل في مسار هذا الإنسان، ولهذا فهذا الإنسان عليه أن يتعلم منذ الصغر ويؤمن إيمانا مطلقا أنه سوف تعترضه مصاعب ونكسات ونكبات وعليه مواجهاتها وكيف التعامل معها بعلم وحكمة وصبر حتى يمكن معالجتها، أما السكوت عنها والهروب منها وهجران العائلة والمقربين فهذا هو أكبر سقوط وإفلاس في بحر الحياة. ختاما، علينا أن نعلم علم اليقين أن لابيت في هذا الكون لايخلو من مشاكل ومشادات وقد تصل في بعض الأحيان إلى صراعات خفية، لكن علينا أن لا نجعلها تطول وتتحول من مشاكل صغيرة إلى مشاكل كبرى وبذلك يصعب التحكم فيها، لهذا علينا أن نكون أكثر وعيا بمشاكلنا وعلينا مواجهتها بالصدق وبالتنازل المتبادل وبكثير من الصبر والإيثار، ولاتنسوا ماقاله رب العزة في سورة البقرة الآية 237: " ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير " صدق الله العطيم. كاتب صحافي مغربي